مساع لضم مندوبين من الطب الشرعي داخل السجون لرصد قضايا العنف

مدير إدارة السجون لـ«الشرق الأوسط»: لا حاجة للطب الشرعي ولدينا مراكز صحية متخصصة

TT

تعمل جهات حكومية سعودية على تفعيل دور الأطباء الشرعيين داخل السجون، وذلك بتعيين مندوبين من الطب الشرعي والاستعاضة بهم بدلا عن الطبيب العام في السجون.

وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أسامة مدني، استشاري الطب الشرعي في وزارة الصحة ورئيس اللجنة العلمية للطب الشرعي في الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، أنه رغم وجود الخبرات الملائمة في الطب الشرعي لفحص المدعين بأنهم ضحايا التعذيب أو تجاوزات أخلاقية، لم يتح له الفرصة بأداء الدور المنوط به في مجال حقوق الإنسان بالسعودية، مرجعا ذلك إلى عدم المعرفة بالدور الحيوي للطب الشرعي في إثبات أو نفي مثل تلك القضايا.

وبين مدني أن من واجبات الطب الشرعي الحفاظ على حقوق الإنسان من خلال توقيع الكشف الطبي الشرعي في قضايا التعذيب واستخدام العنف ضد الموقوفين وضد المرأة والطفل، مفيدا أن اللبنة الأولى لتفعيل ذلك الدور، وإن كان بخطوات بطيئة وفردية كما ذكر، بدأ ببرنامج التخصص العالي في الطب الشرعي في الهيئة السعودية للتخصصات الصحية بقبول، بالإضافة إلى الأطباء السعوديين استقبال طلبات طبيبات سعوديات للتخصص في الطب الشرعي. وأكد رئيس اللجنة العلمية للطب الشرعي في الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، عدم تأدية الطب الشرعي لدوره حتى الآن في الحفاظ على حقوق المرأة والكشف عما تتعرض له من إساءة وتعنيف، الأمر الذي عزاه إلى القواعد والقوانين المنظمة لعمل الطب الشرعي، التي من شأنها إعاقة الطبيب الشرعي عن أداء ذلك الدور، فضلا عن الموروث الثقافي للمجتمع السعودي، الذي بحسبه، أدى إلى رفض رب الأسرة توقيع كشف الطب الشرعي من قِبل طبيب رجل.

وأفاد أسامة مدني أن من أولويات العمل بالطب الشرعي في الفترة المقبلة، وبالأخص عقب تخرج الدفعة الأولى من الأطباء والطبيبات في برنامج التخصص العالي في الطب الشرعي، تنظيم وتعديل القواعد والقوانين المنظمة لعمل الطب الشرعي بالسعودية، التي من أهمها السماح للطب الشرعي بممارسة دوره الفعال في حماية الأسرة من التعرض للعنف والحفاظ على حقوق الإنسان ومناهضة التعذيب بشكل عام.

وردا على مطالب الاستعانة بأطباء شرعيين داخل السجون السعودية، قال العقيد سعيد الحربي، مدير إدارة الشؤون العامة للسجون لـ «الشرق الاوسط» انه لا حاجة لوجود أطباء شرعيين داخل السجون كون الطبيب الشرعي يستعان به من قِبل المحققين في الأدلة الجنائية للوصول إلى بعض الحقائق والكشف عن ملابسات الجرائم. وأوضح الحربي أن السجون تضم بداخلها مراكز صحية يتوفر فيها أطباء عامون، بالإضافة إلى مختصين نفسانيين واجتماعيين، مفيدا انه في حالة حدوث أي واقعة جنائية داخل السجن، فالجهة المختصة «الشرطة»، تقوم بمباشرة مهامها أيضا داخل السجن، التي هي بطبيعة الحال تستعين في القضايا بالطب الشرعي.

وفي حديث سابق مع «الشرق الأوسط»، بين أسامة مدني، استشاري الطب الشرعي في وزارة الصحة، حاجة السعودية لما لا يقل عن 50 طبيبة شرعية، في الوقت الذي يلقى فيه هذا الطب تهميشا لدور المرأة كما ذكر، مناديا إلى ذلك بضرورة ضم لجان وجمعيات شؤون الأسرة ودور الحماية الاجتماعية بأطباء وطبيبات شرعيين لتقرير صحة الاعتداء من عدمه وشرح آلياته إلى جانب تأمين امن عام نسائي.

وتبقى حيرة القضاء السعودي في مدى قبول تحليل الطب الشرعي النسوي كونه بمثابة «الشهادة التي يستند فيها إلى حكم شرعي»، الأمر الذي يتناقض مع استدلال القضاء للنص الشرعي الذي حدد «شهادة امرأتين مقابل رجل واحد»، الأمر الذي استنكره أسامه مدني، فمن وجهة نظره، دور المرأة هنا لا بد أن يؤخذ به فقط من الناحية «الفنية».

من جهة أخرى، ذكر استشاري الطب الشرعي في وزارة الصحة، اتخاذ مركز الطب الشرعي في المنطقة الشرقية خطوات فعلية للبدء في إنشاء عيادات متخصصة في الطب الشرعي في عدد من المستشفيات الحكومية كبداية لتعميمها في كافة المستشفيات السعودية، التي من شأنها استقبال حالات النساء والأطفال «المعنفين».