مخاوف من أن تتحول الحلول الفردية في معالجة «العنف الأسري» إلى «عنف اجتماعي»

خبيرة تطالب بوضع استراتيجية علمية وسن قوانين وتشريعات جديدة

TT

دعت طبيبة سعودية، وناشطة في قضايا العنف الأسري، الجهات العليا في البلاد إلى إعادة النظر في استراتيجية معالجة العنف في السعودية وأهمية بناء خطة أساسية مرتبطة باحصائيات وأرقام ومواجهة مسبباتها، وتغيير بعض القوانين المعمول بها حاليا، بدلا من الحلول الفردية أو الاجتهادات الشخصية التي قد تحّول طرق علاج «العنف الأسري» إلى أحد أشكال «العنف الاجتماعي».

وقالت الدكتورة سارة آبار، وهي متخصصة في علاج ضحايا العنف، وسبق لها العمل في دور إيوائية لحماية ضحايا العنف، ان خلافا حول ماهية العنف الأسري داخل العاملين في المؤسسات التي تتبنى استقبال «المعنفين» والتعامل معهم. وهو ما أعتبرته خللا في البنية التحتية يجب مع إعادة النظر في استراتيجية علاج العنف الأسري.

الدكتورة سارة آبار أشارت إلى أن دور الايواء يجب أن تلعب دورا حقوقيا يراعي ألا تنتهك فيه حرية الإنسان مهما كانت الظروف «الأمر يجب أن يكون محكوما بالحقوق الشرعية والإنسانية وبحقوق الطفل ومبادئ العمل الإنساني، ومناصرة الضحية، وضمان المشاركة والتمكين».

وفي الوقت الذي تشير فيه تقارير دولية صادرة عن منظمات حقوقية بضرورة إعادة النظر في الاجراءات المتبعة في دور الرعاية والحماية والإيواء حتى لا تتحول تلك الدور لدور احتجاز، أكدت الدكتورة آبار والتي مارست العمل الميداني في مثل هذه الدور بحكم طبيعة تخصصها على أهمية توفير «الحماية لكل من يلجأ لتلك الدور ومعاملته باحترام وتقدير لكرامته الإنسانية، كما له حق عدم استخدام الإساءة والإذلال أو العسر أو التسلط أو التهديد أو التحايل ضده أو التآمر عليه أو مصادرة قراراته» في إشارة منها لحدوث تجاوزات في دور الإيواء والحماية إما بدافع العمد أو الجهل بطبيعة الحالة «المعنّفة» وآلية التعامل معها.

وأردفت أن دور المهنيين في آلية العمل يبدأ من المناصرة وتوفير الحماية في دور إيوائية غير احتجازية لا يستعمل فيها قسر ولا تهديد ولا امتثال لقيم اضطهاد المرأة أو الاطفال. بل عليهم مناصرة المعنفين بشكل تام لا يتخذون فيها موقف الجهة المحايدة أو دور الواعظين».

وتضيف حول أحقية العاملين في تلك الدور باتخاذ قرارات نيابة عن المعنفين للتوسط أو حل الأمور بشكل ودي كما هو متبع «لا يجوز للمهنيين اتخاذ قرارات من وراء ظهر المعنفين أو جمع المعلومات دون معرفتهم، وادعاء المعرفة بما هو في مصلحتهم بدون اعتبار لقرارات الضحايا أنفسهم. كما ليس من حقهم اتباع أسلوب العزل الاجتماعي، واستخدام حجج دواعي السلامة لقسر الضحايا على قطع علاقاتهم مع أسرهم وأصدقائهم، وحظر استخدام الهاتف أوالاستهزاء بهم أو الايذاء العاطفي، واتهامهم بالكذب في شأن وضعيات دخولهم أو الدخول في مغالطات مع الضحايا في طبيعة العنف الذي تعرضوا له».

وقالت ان النظرة السائدة تجاه الفتيات اللاتي يلجأن لدور الإيواء لا تزال نظرة يشوبها الكثير من الضبابية وسوء التقدير، ويصل في بعض الأحيان لدرجة التهديد بالطرد من الدار أو تسليم الضحية «المعنّفة» إلى ولي أمرها «المعنف» دون إعادة تأهيله أو ضمان عدم الأمان الكافي للضحية.

الدكتورة آبار اعتبرت أن اتباع أسلوب «التعهدات» الخطية، أو إصلاح ذات البين إن كان ناجعا في معالجة بعض المشكلات الاجتماعية إلا أنه ليس الأسلوب المناسب للتعامل مع حالات العنف الأسري، حيث تتداخل عوامل اقتصادية ودينية واجتماعية في عمق المشكلة· وهو ما يتطلب حسب رأي الخبيرة في شؤون العنف صياغة منظومة متكاملة من القوانين والتشريعات وتدريب المهنيين على آلية التعامل مع قضية العنف.