عذاب «العزاب» في رمضان.. وجبات بالكاتلوج وأطباق بالهاتف

ظروف العمل والدراسة اضطرتهم لقضاء رمضان وحدهم

TT

يتصل محمد العبود من الرياض بأمه المقيمة في الأحساء ليأخذ طريقة صنع الهريسة، وهي من الطبخات التقليدية التي تتفنن الأسر في شرقي السعودية في إعدادها خلال شهر رمضان.

ولزملائه، يعتبر العبود، مقداماً في المخاطرة بطبخ «الهريسة» فهي وجبة لا يتمكن العزاب من تجريب اعدادها، حيث تحتاج إلى جهد خارق في الطبخ والاعداد، وتستغرق في طبخها على النار نحو خمس ساعات.

ويقول العبود، هذا هو العام الثالث الذي أقضي فيه رمضان بعيداً عن الأسرة، خاصة وأنني أعزب، فإني اعتمد في اعداد المائدة الرمضانية على وصفات تأتي عبر الهاتف من والدتي، لكني أصاب بالإحباط حين أجد وقت الفطور أن الوجبات المتعددة التي تعبت في اعدادها اصبحت كوكتيلاً متنافراً من المذاقات والبهارات والأملاح والتوابل، عندها الجأ الى المعلبات والمثلجات.

وحكاية العبود الذي يعيش مع خمسة شبان عزاب يدرسون في جامعة الملك سعود في الرياض، تماثل مئات القصص لشباب اضطرتهم ظروف العمل والدراسة لقضاء شهر رمضان بعيداً عن بيوت الأسرة، بعضهم يلجأ مبكراً الى المطاعم لشراء وجبات الافطار، والبعض يقضيها بالساندويتشات ووجبات المطاعم السريعة.

بعض الشباب، كأحمد الصالح زميل العبود في سكنه، يحرصون على أكلاتهم التقليدية التي يحملون ذكراها في رمضان، يقول، حاولتُ إعداد وجبة «اللقيمات» المعروفة بلقمة القاضي، لكني اكتشفت أنني أقدم وجبة لا تفترق عن الفلافل المحروق بالزيت، يضيف، المشكلة أنني لم اعرف كيف اضع مقادير «الخميرة» .

في اليوم الاول لشهر رمضان فاجأهم زميلهم «سعيد» بأطباق الشوربة «الحساء» على المائدة مزينة بورق البقدونس ويتعالى الدخان من فوقها، لكن لدى المذاق اكتشفوا أنه وضع مقادير من الملح تكفي لتحنيط جمل، كما يقولون.

وتتواصل حكايات العزاب مع أيام رمضان, الذين يقطنون في شقق بعيدا عن عوائلهم, من أجل الدراسة أو العمل، ويقطن في مدينة الرياض آلاف من الطلاب الجامعيين العزاب من المنطقة الشرقية والجنوبية والشمالية، يدرسون في جامعة الملك سعود وجامعة الإمام محمد بن سعود، والمعاهد والكليات التعليمية في الرياض.

ويضع العزاب جدولة للطبخ خلال أيام الأسبوع، تقسم عليهم بالتساوي من فطور يومي وكذلك وجبة السحور، ويحاول العزاب قضاء الوقت في مشاهدة التلفزيون من مسلسلات وبرامج فكاهية تجلب لنفسهم المرح من عناء الدراسة في الجامعة.

والبعض الآخر يجد المتعة بالتسوق في المجمعات الكبيرة، كذلك الأسواق الشعبية أو الذهاب إلى سوق حراج بن قاسم لاقتناء ما يلزم من أدوات رمضانية.

ويتساءل احدهم، لماذا لا يتم تشييد مخيمات افطار للعزاب اسوة بمخيمات افطار الصائم التي يشيدها السعوديون في رمضان لتقديم وجبة الافطار لآلاف العمال المسلمين المقيمين في البلاد، ويضيف، هناك مطاعم تقدم وجبات افطار مشكلة بأسعار مقبولة، لكنها لا تستطيع أن تلبي نهم الشباب للمذاقات التقليدية التي عهدوها في سفرة رمضان.