السعوديون في الغربة.. بحث عن التقاليد وتلمس دفء رمضان

الأطباق المحلية وصلاة الجماعة أكثر ما يشعرهم بالأجواء

TT

لطالما كان توفير «الطقس الرمضاني» وسيلة الصائمين في الغربة للإحساس بأجواء رمضان ما أن يبدأوا بالحنين إليه وهم خارج أوطانهم. وعادة يبحث هؤلاء عن تقاليدهم ليشعروا بدفء رمضان سواء أكان ذلك من خلال إعداد أطباق تحمل بهارات ثقافتهم أو من خلال مشاركاتهم في اجتماعات الصلاة والعبادة مع نظرائهم من المغتربين والتي تذكرهم بروحانية الشهر في بلدانهم.

ذكريات رمضان في الغربة يحكيها كثير من السعوديين ممن عايشوا تجربة رمضان في الخارج وهم كثر لا سيما وسط آلاف البعثات التدريبية أو الدراسية التي تنطلق من السعودية لعدد من وجهات العالم سنويا، حيث لا تقتصر تجربة الغربة أحيانا على العاملين أو طلاب العلم فحسب إذ جرت العادة أن يصطحب هؤلاء بعضاً من أفراد أسرهم أو جميعها ليشكلوا منظومة إسلامية أسرية كما حدث مع عبد الله السيف عندما رافق ابنه محمود عام 2005 أثناء تأدية امتحان بجامعة مانشستر البريطانية يقول: عشت 10 أيام وسط الجاليات الإسلامية فوجدت عالما إسلاميا مصغرا رغم اختلاف المذاهب الفقهية والألوان والأجناس.

وأضاف، لحسن الحظ فإن عمدة المدينة التي نقطن بها كان مسلما من أصل باكستاني وتضم المدينة جالية مسلمة، فكانت هناك نواد للجاليات المسلمة وأجمل ما في هذه النوادي ظاهرة ـ الألفة والكرم في الغربة ـ حيث تجد تنافسا شريفا في إفطار الصائمين والسهر في صلاة التراويح وذكر الله حتى صلاة الفجر.

إلا أن أكثر ما كان يزعجه هو امتداد الصيام لأكثر من 14 ساعة، إذ يصف ذلك بقولة «يتميز رمضان فى بريطانيا باليوم الطويل جداً وكنا نفطر الساعة 10 مساءً وكان الإمساك الساعة 1، وبالتالي كانت فترة الأكل قليلة، لكن الجو كان يساعد على الصيام بسبب درجة الحرارة المنخفضة».

وهناك مفارقة عجيبة عايشتها جيهان الحمود 26 سنة، التي كانت تدرس الحكومة الإلكترونية في جامعة «دالهاوسي» في كندا، هنا تبتسم ضاحكة بقولها «كنا نتهاون في أداء العبادات والتمسك بالشعائر الدينية أما في الغربة فنحن متمسكون بديننا كثيرا».

وتشير إلى أنها عكفت على القيام بأنشطة مختلفة خلال رمضان من توزيع قوائم بأسماء المطاعم والمحلات التي تبيع الأطعمة الحلال، وتسليمها للمقيمات الجدد وتحضير أطباق لإفطار الصائمين وإرسالها إلى اقرب مسجد.

أما أختها شيماء فتفتقد الكثير من أجواء رمضان بسبب انشغالها في ذلك الوقت بإعداد البحوث الدراسية والواجبات وتقول «أتذكر أنني كنت أعود للمنزل بعد الإفطار لوجود المحاضرات التي يمتد بعضها إلى ما بعد الإفطار وزاد من ذلك بعد الجامعة التي أدرس بها مسافة 3 ساعات بالقطار عن المنزل فمنزلي كان يقع في مقاطعة «نيو برونسويك» بينما كانت جامعتي في «هاليفاكس».

إلى ذلك فإن القدر أحيانا يختار للبعض الإقامة في دول تضم أقلية مسلمة إلا أن هؤلاء لا يجدون سوى محاولة إقامة منظومة رمضانية على نطاق الأسرة للإحساس بحلاوة أجواء رمضان. وقد شاءت الأقدار أن يصوم فواز الشميمري، وزوجته وابنتاه شهر رمضان منذ عامين في ايطاليا، وبالتحديد في العاصمة روما «يقول المظاهر الرمضانية في الشوارع ووسائل الإعلام لا وجود لها، إلا أن أطباق زوجتي كانت القادرة على إضافة الكثير من أجواء رمضان على مائدة الإفطار السعودية 100% فكانت تحرص على عمل المعمول والسمبوسة وشراب قمر الدين طوال الشهر.

ولكن ثمة صعوبات يتذكرها الشميمري يقول «هناك مضايقات يشعر بها المسلمون في ايطاليا أيام رمضان خاصة في السنوات الأخيرة ـ وهي تشدد السلطات تجاه التجمع، وابتعاد المسجد عن مناطق إقامة كثير من المسلمين مما كان يصعِّب علينا الوصول إليه على الرغم من أن المسلم لا يستشعر رائحة رمضان إلا عند دخول المسجد».

وتحكي سمية العون عن رمضان في الغربة قائلة: قضيت رمضان في اليابان، حيث كنت بصحبة زوجي المهندس وكان مسافراً في بعثة علمية للحصول على الدكتوراه وتأكدت أنه لا يوجد أحلى من رمضان في حضن الوطن والأهل إلا أننا كنا نحاول كعرب مغتربين أن نجمع بعضنا وكانت كل أسرة لها يوم تستضيف فيه باقي الأسر على الإفطار طوال الشهر، ورغم افتقارنا للجو الرمضاني إلا أننا كنا حريصين على أن تكون العادات والتقاليد الرمضانية موجودة أينما كنا.