قصة المحتال بتسهيل وصول المرأة الى منصب وزيرة تفتح نقاشا بين السعوديات

TT

تفاعلت قصة المحتال السعودي الطليق الذي لازال يواصل مهمة الإيقاع بضحايا جدد في أوساط سيدات المجتمع السعودي في المنطقة الغربية، بزعمه أنه قادر على تسهيل وصول ضحيته الى مقاعد مجلس الشورى أو مناصب رفيعة لا تقل عن منصب وزيرة في وزارة جديدة للنساء.

وفي الوقت الذي باتت القصة حديث المجالس ومثار نقاشات المجتمع النسوي في السعودية لم تهدأ هاتفات سيدات الأعمال وعدد من الأكاديميات العاملات في وظائف مرموقة للإستفسار عن أي معلومات جديدة حول المحتال، أو تفاصيل جديدة عن حيله البارعة في النصب والإحتيال، ألقت القصة بكل تفاعلاتها الدراماتيكية الضوء على واقع الكوادر النسائية المؤهلة في السعودية ومحدودية الفرص المتاحة امام المرأة للوصول الى مناصب قيادية كبرى في أجهزة الدولة الرسمية.

تقول الشاعرة والدكتورة ثريا العريض إن هذه القصة كشفت مدى تأخر الخطوة في إعطاء المرأة السعودية مراكز ومناصب قيادية في المجتمع في ظل ما وصلت إليه من خبرات تعليمية وأكاديمية وعملية. وشددت في قولها «هناك فكر في المجتمع يخاف ويخشى أنه لو أعطى المرأة الفرصة في الحصول على مناصب قيادية في الدولة أنها ستخرج عن سيطرة الرجل وقوامته، وهناك نساء للأسف ينظرن إلى أنفسهن وقدراتهن من ذات هذه النظرة الذكورية».

وقالت العريض تعليقا لما نشرته «الشرق الأوسط» بالأمس في ظهور نصاب يحتال على أحلام المرأة السعودية بإيهامها الوصول إلى منصب وزيرة أو عضوية في مجلس الشورى، وكيفية فطنته لمحاولته التلاعب على أحلام وطموحات المرأة في المجتمع، «أن هذا المحتال فطن إلى أن هناك من النساء من يحلمن أو يتطلعن إلى مناصب في الدولة اجتهدت لتكون بها يوما، مثل ما تتطلع الفتاة لأن تتطلع للزواج بشخص غني ويستطيع أن يسكنها في قصر عال، فهو فطن إلى قدرته في أن يبيعها حلماً من أحلامها التي تتمنى الحصول عليها وهي تمتلك ما يؤهلها لذلك».

وقالت العريض، والآن أصبحت الحاجة ملحة لأن تكون المرأة مشاركة وفاعلة به، مشددة في الوقت نفسه على أن المرأة في المجتمع رغم إقصائها من المواقع القيادية إلا أنه لا يمكن القبول بوسائل غير أخلاقية كالواسطة أو استخدام العلاقات أو المال للوصول إلى طموحها وإن كانت على كفاءة وخبرة وقالت «مجرد التفكير في استخدام الواسطة أو العلاقات الجانبية بحذ ذاته يعتبر مشكلة». الدكتورة نورة اليوسف، مستشارة غير متفرغة بمجلس الشورى السعودي وأكاديمية لها خبراتها الاقتصادية، أبدت دهشتها من فطنة هذا المحتال وذكائه. وقالت «هناك حتما رغبة لدى المرأة في الوصول إلى هذه المناصب القيادية خاصة أنها اجتهدت وتعلمت وتعبت كثيرا للارتقاء بخبراتها وهن من حقهن أن يطمحن بما يتناسب مع تأهيلهن العالي الذي قد يفوق زملاءهم الرجال في بعض التخصصات». وتابعت قائلة «لكنهن يصطدمن بالسقف الذي يمنعهن من تتويج خبراتهن بمنصب قيادي يرونه حقاً من حقوقهن». لكنها تؤكد في الوقت نفسه أنها تمانع بشدة استخدام طرق ملتوية كالرشوة أو العلاقات أو المحسوبيات لتحصل على طموحها. من جهتها، أكدت سيدة الأعمال حصة العون أنه «للأسف هناك سيدات سعوديات ممن يتطلعن لمثل هذه المناصب القيادية ولديهن استعداد لدفع المال مقابل الحصول عليها». أضافت «هذا بالطبع يعود إلى قلة خبرات هؤلاء السيدات اللاتي يقعن في فخ الطموح مع مثل هذا المحتال».

الدكتورة أميرة كشغري، الأستاذة في كلية التربية بجدة، علقت على القضية قائلة «حتما أنه سبب فرحا وسرورا باتصاله بالسيدات اللاتي حاول أن يحتال عليهن حتى فقدن معه التفكير المنطقي في قبوله كشخص مسؤول». وسكتت لبرهة وقالت «لأن حصول المرأة السعودية على هذه المناصب بمثابة الحلم». وأضافت «للأسف معايير اختيار المرأة خاصة للمناصب القيادية المتاحة الآن تعتبر غير موضوعية وليست مقننة وفضفاضة وهي تعتمد بغض النظر ما إذا كان هذا الفرد مناسباً لهذا المنصب أو لا».

وكشفت إحدى الأكاديميات اللاتي تم تعيينهن كمستشارة غير متفرغة في إحدى الوزارات «تمسكت بعدم الكشف عن هويتها» أنه تتم الاستفادة من المرأة السعودية وطاقتها وخبراتها دون أن يكون لها الحق في الحصول على مناصب وزارية أو على الأقل وكيل وزارة. وقالت «عندما طالبت بأن يكون لي حضور في الوزارة أخبروني بعدم توفر مكتب مستقل منعا للاختلاط، مع حرصهم على الاستفادة من خبراتي من دون أن يكون لي حضور رسمي.

من جهته، علق الدكتور بكر باقادر وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الخارجية قائلا «إن هذا المحتال يشكر له أنه أعطى رسالة واضحة للمجتمع السعودي بأهمية تحقيق هذه الفرصة للمرأة السعودية وكان ذكيا لأن يلامس طموحاتها وأحلامها التي ترغب بتحقيقها أسوة بأخواتها وزميلاتها في مجلس دول التعاون وكذلك في الدول الإسلامية، لكي تمثل المرأة في المجتمع ورغباتها وحاجاتها». وحمل باقادر مسؤولية تصديق هذا المحتال على السيدات اللاتي صدقنه دون أن يعتمدن على مخاطبة جهات رسمية مسؤولة عن مثل هذه الترشيحات وقال «المرأة السعودية الآن تلعب دورا كبيرا في المجتمع السعودي، وينبغي الاستفادة من طاقتها وقدراتها في مناصب قيادية، وخاصة من خلال وزارة تعتني بشؤونها ولا أقول وزارة للمرأة وإنما وزارة للأسرة، وفي المجتمع توجد أكاديميات وصحافيات ومبدعات أثبتن نجاحهن في مجالاتهن ومن بينهن من هي جديرة لأن تكون بهذه المناصب القيادية».