الجامع الكبير في الرياض.. نسخة مماثلة لمساجد الأمويين في الأندلس

بني منذ العصورالإسلامية الأولى وعايش دولا وإمارات متعاقبة وأحداثا ساخنة * شهرته ودروسه وصلت الى خارج حدود الجزيرة العربية بعد منتصف القرن الثالث عشر * آل ذهلان وآل زامل الخطيب وآل صالح أبرز من تولى الامامة والخطابة قرونا عديدة

TT

يعد الجامع الكبير في الرياض من اكبر واهم المساجد في منطقة نجد، بل ويعد واحدا من اقدم المساجد في المدينة، مع تغير مسمياتها على مدى القرون الماضية، ويعرف الآن بجامع الإمام تركي بن عبد الله، الذي اتخذ من الرياض قاعدة لحكمه، عندما انتقل اليها في منتصف عام 1240هـ (1825)، وادخل زيادة في الجامع من الجهة الجنوبية وبعض الاصلاحات الاخرى، كبنائه للاسوار المدمرة عقب الاحداث التي شهدتها المدينة في تلك الفترة.

وظل المسجد يقوم بدور الجامع الكبير في المدينة لعقود طويلة، وشهد عدة اضافات واصلاحات خلال هذه العقود، لعل ابرزها ما تم في عهد المؤسس الملك عبد العزيز، رحمه الله، من بنائه بناء حديثا وانارته لأول مرة بالكهرباء، بعد اطلاقها في المدينة، ثم افتتح الملك فهد بن عبد العزيز، رحمه الله، الجامع بعد اعادة بنائه في نفس موقعه السابق ضمن مشروع تطوير منطقة قصر الحكم.

واشتهر الجامع على مدى قرون بحلقاته العلمية، حيث ادى دورا علميا لافتا، كما وصلت شهرته خارج حدود الجزيرة العربية، وافاض الرحالة الذين زاروا الرياض في وصف المسجد، ويشير راشد بن محمد العساكر، في كتابه« تاريخ المساجد والاوقاف القديمة في بلد الرياض الى عام 1373هـ (1954)»، الى ان الجامع الذي يعرف حاليا بجامع الامام تركي بن عبد الله هو جامع بلد مقرن.. الرياض قبل اطلاق هذا المسمى عليها، ويقع في قصبة القديمة، ومقرن هي احد اهم محلات بلد.. حجر اليمامة قبل اطلاق مسمى الرياض الشامل، في ما بعد الثلث الاول من القرن الثالث عشر.

ويأتي امتداد مسمى الرياض لمسمى بلد مقرن التي هي امتداد عام لبلد.. حجر اليمامة وقد يكون من المحتمل ان هذا الجامع بني منذ العصور الاسلامية الاولى، مرورا بفترة الحكم الأموي والعباسي، في ما بعد، ومرورا بالامارات المتعاقبة على نجد، عبر فترات زمنية مختلفة، حيث كانت الرياض.. حجر اليمامة من اشهر المدن المعروفة في الجزيرة العربية، ولكن اكتنفها بعض الغموض، مثل غيرها جامعة علمية ولا يعرف في الرياض قديما جامع غير هذا الجامع منذ زمن بعيد.

والمقصود ان هذا الجامع تقام فيه اشهر الحلقات العلمية لعلماء بلد مقرن، بالاضافة الى كونه جامعة علمية يفد اليها طلاب العلم من مختلف المدن والقرى النجدية، ومن اشهر هذه الحلقات العلمية، التي يبدو انها تمت في مسجد جامع مقرن، حلقة الشيخ العلامة الفقيه عبد الله بن محمد بن ذهلان، مفتي الديار النجدية المتوفى سنة 1099هـ (1688)، حيث درس تلامذته من طلاب العلم فيه، وتخرجوا على يديه واصبحوا في ما بعد من كبار العلماء والقضاة والمفتين، مثل الشيخ العلامة المحقق عثمان بن احمد بن قائد الحنبلي، المتوفى سنة 1097هـ (1686)، والشيخ الفقيه احمد بن محمد بن منقور قاضي حوطة سدير، الذي رحل الى الرياض للدراسة على الشيخ خمس مرات متفرقة والمتوفى سنة 1125هـ (1713).

كما تلقى العلم عنه الشيخ احمد بن محمد القصير الاشيقري المتوفى سنة 1114هـ (1703)، ودرس عليه الشيخ محمد بن ربيعة العوسجي قاضي بلد ثادق، والمتوفى سنة 1158هـ (1745)، وأخذ عنه الشيخ عبد الرحمن بن بليهد السيّاري المتوفى سنة 1099هـ (1688)، في القرائن، كما اخذ عنه غيرهم الكثير.

وذكر ابن عساكر ان اقدم ما اطلع عليه في اشارة الى هذا الجامع، ذكرها وكتبها قاضي الرياض.. مقرن الشيخ زامل بن موسى بن جدوع بن سلطان بن زامل اليزيدي، وذلك بخطه انه فرغ من نسخ احد الكتب الفقهية بعد صلاة العصر، وذلك بمسجد جامع بلد مقرن من قرى نجد، وكان ذلك في سنة 1073هـ (1663)، عندما كانت بلد مقرن من اشهر المدن النجدية، في ما بعد القرن العاشر الهجري.

ويبدو من خلال الوثائق والروايات انه هو جامع بلد مقرن الرئيس ايضا، كما اشرنا لذلك ومن المعروف ان ظهور مسمى مقرن، جاء قبل ذلك التاريخ المتقدم بأكثر من قرن وقد استمر مسجد جامع بلد مقرن يؤدي دوره العلمي في الفترات المتعاقبة، في ما بعد من احتمال قيام بعض الامارات المتتابعة بتشييد هذا المسجد او ترميمه، وذلك الى زمن امارة بلد الرياض في عهد دهام بن دواس، حيث كان قصره موجودا بقرب هذا الجامع.

واستمر هذا البناء الى وقت سقوط الدرعية سنة 1233هـ (1818)، حيث كان امير الرياض في تلك الفترة ناصر بن حمد بن ناصر، فأمر بعدئذ ان يضم باقي البلد، ويجعل في قلعة واحدة ذات سور ومكان واحد ويحتمل ان ذلك باشارة من الباشا ليسهل لهم السيطرة على البلدة.

وعندما ضمت هذه الحارات ازداد عدد السكان، ونتيجة لذلك زيد في مساحة المسجد ليكون كبيرا ذا امكانية قادرة لاستيعاب المزيد في ما بعد، وذلك في فترة حكم ناصر بن حمد وأخيه عبد الله في سنة 1233 الى 1240هـ (1818-1825).

وقد ذكر المؤرخ ابن بشر لأول مرة قلعة الرياض، وذلك في سنة 1240هـ (1825)، بعدما حاصرها الامام تركي بن عبد الله في تلك السنة عندما كانت العساكر المصرية داخل البلدة وحصلت بينه وبينهم وقائع انتهت باخراجهم من البلدة، حتى ذكر ابن بشر ان الامام تركي صرم نخيل الرياض، وذلك بعدما اصفرت واحمرت ودمروا زروعها، إلا ما حمته القلعة ودام الحصار نحو شهر، ورئيس العارض اذ ذاك عبد الله بن حمد بن ناصر ملكها بعد أخيه ناصر، فعلم ان قلعة الرياض وسورها كانا مبنيين قبل فترة الامام تركي، رحمه الله، بالاضافة الى بعض المصادر المختلفة الاخرى وبعض الوثائق التي تشير الى ان قلعة الرياض مبنية قبل ذلك.

وبعد دخول الامام تركي الرياض، كان موجها جهده نحو توحيد البلاد وترميم صفوفها، فتم له ذلك، والمقصود ان الامام تركي ادخل زيادة لجامع الرياض من الجهة الجنوبية، وبعض الاصلاحات الاخرى، بالاضافة الى بنائه للاسوار المدمرة.

وقد كانت عادة الامام تركي عندما يصلي الجمعة في الجامع الكبير، ان يخرج من الباب، الذي يقع جنوب المحراب، وأُعد هذا الباب في قبلة المسجد لدخوله وخروجه ولدخول الامام عن تخطي رقاب الناس، لكثرة ما في المسجد الجامع من الصفوف، وهذه الاضافات تمت خلال مدة حكمه قبل سنة 1241 الى 1249هـ (1826-1834).

وفي عهد الامام فيصل بن تركي رحمه الله، وبعد استقرار الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والازدهار، الذي حل في فترة حكمه، تمت زيادة مساحة المسجد، واستحدثت مساقي جديدة له، وقام بعمل ممر طويل ومغطى ومحمول على عدد من الاعمدة ليتم توصيلها بين المسجد وقصر الحكم.

ويقوم الامام فيصل بالصلاة بقرب مكان المنارة فوق سطح المسجد، حيث توجد خلوة صغيرة مخصصة له ليؤدي صلاة الجمعة فيها، وقد تم هذا البناء وكان المشرف عليه مؤذن هذا الجامع الشيخ سلطان بن فهد، المعروف بالتقوى والصلاح رحمه الله تعالى، الذي اوقف على هذا المسجد حائطا له في الجهة الشمالية منه.

وفي ما بعد اصبح هذا الجامع اكبر جامع في نجد، في وقت الامام فيصل بن تركي يزاد في مساحته بهذا الحجم، وقد وصلت شهرة هذا المسجد ودروسه، في ما بعد منتصف القرن الثالث عشر الى خارج حدود الجزيرة العربية، حيث يذكر الرحالة الفنلندي روجر والن، عن الرياض والدروس التي كانت تعقد في مساجدها، وانه كان متحمسا لسماع المحاضرات التي كانت تعقد في جامع الرياض، بينما ينقل الرحالة بلجريف عن هذا المسجد، عندما زار الرياض، ووصفها وتحدث عنها كثيرا، وذلك في اواخر عام 1279هـ (1862)، حيث جاء في وصفه لهذا المسجد قوله؛ جامع كبير مستوي السطح متوازي الاضلاع، قائم على اعمدة خشبية مربعة، يتسع لاكثر من ألفي مصل في وقت واحد، جله فناء خارجي يتسع لأكثر من الفين ايضا، خال من الزخرفة او اي مظهر جمالي آخر، له منارة قصيرة مبنية على سطح المسجد وفوق المحراب مباشرة.

ويذكر الرحالة بلجريف، انه يوجد بالقرب من مكان المنارة فوق سطح المسجد خلوة صغيرة مخصصة للامام فيصل يؤدي فيها صلاة الجمعة.

ويصل اليها من خلال الطريق المسقوف، الذي يوصل بين القصر والمسجد مباشرة، وان المسجد خال من الحصير او السجاد. ويتابع وصفه فيقول؛ ويقع الى الجهة الغربية للساحة ممر مقوس طويل مرتكز على اعمدة عالية غير منتظمة يصل هذا الممر مباشرة بين القصر والمسجد الكبير مخترقا الساحة، وتقع خلف اعمدة هذا الممر اسواق اخرى ومستودعات، وان طول هذا الممر الذي يربط بين القصر والمسجد مائة ياردة.

ويذكر الريحاني ان مئذنة الجامع مميزة، بل بسيطة، فهي ليست قصيرة او عالية الارتفاع، وهي مثل المآذن الاخرى لمساجد الرياض. وتحدث عن سلم منبر الجامع الذي يصعد منه الخطيب، فذكر ان درجاته قليلة ويشير الريحاني إلى انه قد دار في ذهنه ان هذا المسجد ذكّره بمسجد قرطبة وان هذا المسجد نسخة مماثلة لمساجد الامويين في الاندلس.

وقد ذكر فلبي، ان الملك عبد العزيز يغادر الى جناحه الخاص ومصلاه فوق الجزء الغربي من المسجد، الذي كان يصل اليه بواسطة جسر مرتفع يربط بين جزئي المسجد عبر السوق، وكان هذا المكان ممتدا بقدر اتساع المسجد، ولكنه لم يكن يتسع لاكثر من صفين طويلين من المصلين كانا يتكونان من اعضاء الاسرة المالكة، وكان الامام يؤم المصلين هنا ايضا من المسجد اسفل هذا المكان، بحيث تظل النوافذ مفتوحة، لكي يسمع المصلون صوت الامام، اما القبلة فكانت ترتفع من المسجد الى الطابق الاعلى.

ويلاحظ في المسجد ان المصابيح الامامية القديمة منخفضة، بينما تكون المصابيح التي تحد السرحة رفيعة، مما يدل على ان هذا المسجد ادخلت عليه بنايات عديدة وزيادة متتابعة.

* توسعة وهدم

* عند القيام بتوسعة الجامع الكبير وبنائه حديثا في سنة 1371هـ (1951)، تم توسيع خلوة المسجد وزيادة طولها لكي تكون متساوية مع العرض، بينما كانت المصابيح في نفس مكانها القديم تقريبا، وزيد في مساحته بعد ان اصبحت بلد الرياض مركز ثقل كبيرا وزادت اليها الهجرات من المناطق الاخرى زيادة اوجبت توسعته، وكان هذا ما حصل، بالاضافة الى هدم مساق وآبار قديمة وادخال املاك واوقاف عديدة من دكاكين ومحلات وبيوت عوض عنها اصحابها وتمت توسعته، خصوصا من الجانبين الشرقي والشمالي.

وفي محرم عام 1371هـ (أكتوبر (تشرين أول) 1951)، بدأ العمل بهدم هذا الجامع، وقد استمر العمل لمدة تسعة اشهر، حيث افتتح في السابع من رمضان 1371هـ (الأول من يونيو (حزيران) 1952)، ووسع هذا الجامع وادخل اليه التيار الكهربائي وعممت فيه المراوح واقيمت على جوانبه مكبرات الصوت وفرشت ارضه بالحصى بصفة مؤقتة، بينما تحصل الفرش المطلوبة له من الخارج وقد اقيمت فيه اول صلاة للجمعة بعد اتمام عمارته، وضاقت اروقة المسجد بالمصلين فيه منذ ذلك اليوم وكان في مقدمة الحاضرين الملك سعود ولي العهد، وقد نقلت مكبرات الصوت الخطبة والصلاة الى المصلين في انحاء المسجد وخارجه.

وكان الخطيب والامام هو فضيلة علامة نجد الشيخ محمد بن ابراهيم وقد كان المشرف على بناء جامع الرياض عبد الله بن راشد بن كليب وفهد بن كريديس.

وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله عام 1408هـ (1988)، وباشراف مباشر من الامير سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض وأميرها المحبوب، بدأ العمل في هدم المسجد الجامع الكبير بالرياض ليتلاءم مع الخطة التطويرية لوسط مدينة الرياض، وهو مبني على نفس موقعه السابق على ارض مساحتها 16800 متر مربع. وفي يوم الثلاثاء 7 رمضان من عام 1412هـ، 11 مارس (اذار) 1992، افتتح الملك فهد، رحمه الله، المرحلة المنتهية من برنامج تطوير قصر الحكم والجامع الكبير.

* أئمة الجامع عبر عدة قرون

* جرت العادة على ان يتولى إمامة الجوامع والمساجد قضاة البلد وطلبة العلم، بالاضافة الى الخطابة والتدريس، والعلماء الذين سكنوا بلد مقرن هم أئمة الجامع، والذين تولوا القضاء في هذه الجهة عبر فترات زمنية عديدة، وبعض هؤلاء العلماء جرت معرفتهم وذكر شيء من اخبارهم واسمائهم، وذلك في القرن العاشر الهجري وما بعده، خاصة في بلد مقرن، فمن هؤلاء العلماء واصحاب الاسر العلمية المشهورة، كأسرة آل ذهلان وعلماء آل زامل الخطيب وآل صالح وغيرهم من العلماء والقضاة فقد تولوا امامة وخطابة هذا الجامع قرونا عديدة، حيث تولى امامة الجامع بعد منتصف القرن الثاني عشر الهجري، الشيخ سليمان بن محمد بن احمد بن علي بن سحيم، الذي استوطن الرياض وصار مدرسا في البلد وامامهم وخطيبهم في زمن دهام بن دواس، أمير بلد الرياض، في ما بعد سنة 1158هـ (1745).

وعند دخول الامير عبد العزيز بن محمد بن سعود، الرياض في اليوم الخامس عشر من ربيع الآخر من سنة 1187هـ (1774)، اصبح المتولي للامامة والافتاء والتدريس والخطابة وامامة هذا المسجد، الشيخ محمد بن صالح وابنه الشيخ عبد الوهاب بن صالح، رحمهما الله، الى وقت الامام سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود، وعندما توفي تولى مكانه ابنه الشيخ محمد بن الشيخ عبد الوهاب بن صالح، واستمر اماما لجامع الرياض في زمن سقوط الدرعية وامارة عبد الله بن حمد بن ناصر لبلد الرياض مع قيامه بالتدريس والافتاء والقضاء في هذا البلد، وامامة جامعها وللشيخ محمد بن الشيخ عبد الوهاب بن صالح قاضي الرياض رسائل متبادلة مع أئمة الدعوة وغيرهم وأجوبة منهم رحمهم الله تعالى.

وبعد قدوم الامام تركي بن عبد الله وقيامه بجعل الرياض عاصمة البلاد، قدم العلماء والقضاة وطلبة العلم لبلد الرياض يتقدمهم الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وذلك في سنة 1241هـ (1826)، وتولى قضاء البلد والتدريس فيه وشرع حلقات العلم والامامة في جامعها في الجمع، وغيرها من الاعياد، مع استمرار الشيخ محمد بن الشيخ عبد الوهاب بن صالح في قيامه بالفروض والتدريس وقضاء البلد، وقد كان الشيخ عبد الرحمن بن حسن يصلي في مسجد آخر هو مسجد دخنة الصغير، بالاضافة لخطابته في هذا الجامع.

* مركز علمي وجامعة عظيمة

* وقد كانت الدروس التي تقام في جامع الرياض الكبير في تلك الفترة مركزا علميا وصرحا شامخا لتخريج كوكبة من العلماء، الذين حملوا الامانة بعد سلفهم، فأصبح جامع الرياض بذلك جامعة عظيمة الشأن، حتى ان تلك الفترة التي تم التدريس فيه والسمعة التي ميزته جعلته يتجاوز شبه الجزيرة العربية، حيث ان الرحالة الفنلندي روجر والن.

يذكر ان الرياض والدروس التي كانت تعقد في مسجدها، كان السبب الاهم لرحلته الاولى الى الجزيرة العربية عام 1261هـ (1845)، وانه كان متحمسا قبل بداية رحلته الثانية عام 64 ـ 1265هـ، (1848)، الى سماع المحاضرات التي كانت تعقد بجامع الرياض، وممن ينيب الشيخ عبد الرحمن بن حسن المتوفى سنة 1285هـ (1869)، في خطابة الجامع ابنه العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن المتوفى سنة 1293هـ (1876)، الذي انتهى اليه التدريس والخطابة والامامة في الجامع ويحتمل ان الشيخ حسين بن علي بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب هو من اوائل من تولي القضاء في بلد الرياض من أسرة آل الشيخ، كما يدل على ذلك عدد من الوثائق القديمة وربما انه قام بإمامة الجامع والخطابة فيه رحمه الله تعالى، وتوفي في شعبان من سنة 1277هـ (1861).

وقد ذكر الرحالة بلجريف ان الشيخ عبد اللطيف يوزع وقته بين ما يعقده في مسجده من حلقات، وما يعقده في المسجد الجامع الكبير وله ملازمون من كبار العلماء.

وبعد وفاة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن، قام تلميذه بامامة الجامع وخطابته علامة نجد في زمنه وفقيهها ومفتيها الشيخ الشريف محمد بن ابراهيم بن محمود، الذي قام بتدريس الفقه الحنبلي والصلاة بالناس بالفروض الخمسة، وذلك عندما نقله الامام عبد الله بن فيصل بن تركي لبلدة الرياض، وذلك سنة 1283هـ، وبعد وفاة الشيخ محمد بن محمود رحمه الله، سنة 1333هـ (1915)، صلى بهذا الجامع فترة من الزمن الشيخ القاضي عبد العزيز بن صالح بن موسى بن مرشد المتوفى سنة 1324هـ (1906)، وذلك عن أمر الامام فيصل بن تركي رحمه الله.

ثم قام بالامامة بالجامع الشيخ العلامة عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ، اماما وخطيبا لجامع الرياض الكبير ومدرسا فيه الى ان توفي سنة 1339هـ (1921)، وقد كان الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف ينيب في فترات مختلفة من الامامة والصلوات، لا سيما في شهر رمضان، تلميذه الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن عساكر المتوفى سنة 1380هـ (1960).

ثم قام بامامة الجامع وخطابته الشيخ عبد الرحمن بن عبد اللطيف لمدة نصف سنة في بعض فترات مرض أخيه الشيخ عبد الله سنة 1339هـ (1921)، ثم قام بامامة الجامع محمد بن عبد اللطيف، الذي انتهى اليه التدريس والافتاء، المتوفى سنة 1367هـ (1948)، ومن ثم قام بالامامة والخطابة اخوه الشيخ عمر بن عبد اللطيف واستمر في ذلك مع صلاة العيدين الى أن أسنَّ وضعف جسمه وتوفي سنة 1365هـ (1946)، وقد كان في هذه الاثناء الشيخ سعد بن عتيق يقوم بأداء الفروض الخمسة بجامع الرياض الكبير، ويعقد حلقتين للتدريس، احداهما بعد طلوع الشمس، والاخرى بعد صلاة الظهر الى ان توفي سنة 1349هـ (1930)، مع قيامه بالصلاة فيه مع الفروض الخمسة، حيث كان الخطيب في وقته الشيخ محمد بن عبد اللطيف، وقد قام مرة أخرى الشيخ عبد الرحمن بن عبد اللطيف بعد اعفائه من القضاء بالامامة والخطابة وخطب بالجامع الكبير من سنة 1357هـ (1938)، حتى توفي سنة 1366هـ (1947)، ثم خطب به ابنه الشيخ عبد الله، من غير ان يكون اماما في بقية الفروض. وفي بداية سنة 1367هـ (1948)، بقرب رجب، عين الملك عبد العزيز الشيخ ابراهيم بن سليمان آل مبارك اماما لجامع الرياض ومدرسا للطلاب فيه، واستمر الى ذي القعدة من سنة 1370هـ (1951)، ثم قام بامامة الجامع الشيخ عبد الرحمن بن علي بن عدوان.

وممن صلى في الجامع الكبير الشيخ عبد اللطيف بن محمد بن عبد الله آل الشيخ.. والملقب بالمصري وذلك في الثمانينات الهجرية تقريبا.

والمعروف ان بعضا من هؤلاء العلماء والمشايخ السابقين، الذين ذكرناهم ممن تولوا امامة جامع الرياض، والذين كانوا يؤمون في الفروض الخمسة وبعضهم يتولى الخطابة في هذا الجامع في فترات مختلفة، كان ذلك بأمر الشيخ محمد بن ابراهيم، حيث ينيبهم، وبعد وفاة الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف سنة 1339هـ (1921)، فإن الشيخ محمد بن ابراهيم خلفه في الزعامة الدينية والرئاسة العلمية، وتولى ما كان يقوم به عمه في التدريس والافتاء وامامة الجامع والخطابة.

ومنذ سنة 1373هـ (1954)، استمر الشيخ محمد بن ابراهيم بالامامة والخطابة، حتى وفاته عام 1389هـ، ثم خلفه الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز خطيبا واماما وكان ينيبه عند غيابه الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين، ثم تولى امامة المسجد واداء الفروض الخمسة والخطبة وصلاة العيدين الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، الذي كان ايضا ممن يتولى الخطابة بعد وفاة الشيخ محمد بن ابراهيم، وكثيرا ما اناب الشيخ عبد العزيز عند غيابه الشيخ محمد بن عبد الله بن عمر آل الشيخ.

* المؤذنون في الجامع

* عندما تولى امامة جامع الرياض الشيخ عبد الوهاب بن صالح بعد الشيخ بن سحيم في عهد امير الرياض في ذلك الوقت دهام بن دواس آل شعلان، كان المؤذن فيه في وقت الشيخ عبد الوهاب، الشيخ سلطان بن فهد منذ مطلع القرن الثالث عشر تقريبا، حيث ان بيته ايضا كان بجوار هذا الجامع شمالا، ويحتمل ان بعض افراد هذه الاسرة تولوا مهمة الاذان في الجامع قبل ذلك، وقد توفي الشيخ سلطان بن فهد في ما بعد سنة 1282هـ (1865).

وبعد وفاته قام ابنه الشيخ عبد الله بن سلطان بن فهد مؤذنا لهذا الجامع، واستمر الى ما بعد سنة 1274هـ (1958)، عندما كان الشيخ محمد بن الشيخ عبد الوهاب بن صالح يؤم بهذا المسجد.

ثم قام بعد الشيخ عبد الله بالاذان ابنه الشيخ سلطان بن عبد الله بن سلطان بن فهد، حيث كان مؤذنا للجامع بعده منذ القرن الرابع عشر الى ما بعد منتصف القرن الرابع عشر الهجري، حيث توفي رحمه الله، في سنة 1364هـ (1645).

ثم قام بعد سلطان بالاذان اخوه الشيخ محمد بن عبد الله بن سلطان، ثم قام بالاذان بعدهم الشيخ عبد العزيز بن عبد الرحمن بن ماجد، وتلاه بعد وفاته ابنه الشيخ عبد الرحمن بن ماجد ولا يزال قائما بالمهمة الى اليوم.