المعارضون: أصبح لديها إقصاء للفكر الإسلامي.. والمذيعات لا يلتزمن بالضوابط الشرعية

TT

* يتفق الشيخ الدكتور محمد العريفي، الذي يقدم برنامج «المسافر الديني» على القناة الفضائية اللبنانية «إل بي سي»، مع الآراء التي تتبناها الهجمة على وزارة الثقافة والإعلام، وقال لـ«الشرق الأوسط»، ان وزارة الثقافة والإعلام نحت منحى يختلف عن توجهها السابق، فقد أصبح لديها الكثير من الإقصاء للفكر الإسلامي، كما بدأت توجهات أخرى لديها بظهور بعض الأفكار التي لا تتبناها الدولة أصلا، نحو تمكين الفكر الليبرالي والعلماني، بجانب تقليل البرامج الدينية، كما حدث في القناة الرياضية التي تم فيها تقليل وتقليص البرامج الإسلامية، بجانب ظهور المرأة بها. وفي ما إن كانت رغبة الوزارة في تخصيص القناة الرياضية لهذا الغرض في ظل وفاء القناة السعودية الأولى بالبرامج الدينية وغلبة الطابع الإسلامي عليها، يعلق العريفي قائلا: «القناة الرياضية تعتني بالرياضة، وهي قناة شبابية موجهة لهذه الفئة من المجتمع، وكان من الممكن أن تناقش من خلال برامج دينية أمورا شرعية لها علاقة بالرياضة والشباب من خلال هذه القناة، مثلما توجد بها برامج للتحليل والتعليق على مباريات الكرة».

ويتناول الدكتور العريفي التحدث بالنقد «القناة الإخبارية» بقوله «هذه القناة يلاحظ أن كثيرا من مقدمي البرامج فيها أصبحوا من النساء، والصحيح أن المرأة لها مجالها الخاص في العمل، فالشرع وضع لها حدودا كما وضع للرجل حدودا». ويتابع «هذا بجانب أن أكثر البرامج في الإخبارية أصبحت فيها المرأة تقابل وتحاور الرجال وجها لوجه في برامجها، وأحيانا المذيع يقابل نساء ويحاورهن. وأتساءل هنا ما الداعي لذلك، فكما أن هناك طبيبا وطبيبة، فالأفضل أن الطبيبة تستقبل النساء والطبيب يستقبل الرجال، فلماذا نأتي ونقلب الصورة، ونجعل النساء عند الرجل والرجال عند المرأة». لكن العريفي مع اقتراحه بأن تقابل المذيعات النساء ولا تحاور الرجال، إلا أن موقفه، كما أكده لـ«الشرق الأوسط»، من ظهور المرأة على شاشات القنوات السعودية، موقف رافض وقال «لدي اعتراض قوي على وجودها في هذه القنوات، فالمرأة من الممكن أن تخدم الوطن في أشياء معينة محددة لها، كما جاء في الشرع، وكما أنه توجد أعمال تتوافق مع طبيعة الرجل، هناك أيضا أعمال تتوافق مع طبيعة المرأة، التي أهمها أن تحتفي ببيتها وطفلها، فلماذا نقحمها في ما لا يتوافق مع ما حدد الإسلام لها».

لكن هذه الرؤية، التي يجدها كثيرون قد ضيقت من حدود العمل على المرأة، وأوجدت مشكلة البطالة التي يعاني منها الكثير من الفتيات السعوديات ممن أصبحن عائلات لأسرهن، الأمر الذي قد يؤدي بهن إلى طريق الرذيلة لتأمين الرزق، يجيب العريفي «أنا لست ضد عمل المرأة بل أشجع عليه، وإنما هناك مجالات يمكن أن تعمل فيها تحت ظل الشريعة الإسلامية، لكن ليس مقبولا أن تأتي امرأة وتعمل في القنوات التلفزيونية وتظهر زينتها على الرجال، ومن المعروف أن زينة المرأة هي في عينيها ووجنتيها وشفتيها».

وتابع حديثه «المذيعة التي تضع الزينة على وجهها، ومن ثم تظهر على هذه الحال، لا تعتبر أنها مسألة خلافية، فمن المعروف أنه حرام عند العلماء، وكل النساء اللاتي يخرجن في القنوات السعودية لا يخرجن من دون زينة، هذا بجانب إظهار الشعر من الحجاب، بل أن الحجاب نفسه يكون مزركشا ومزينا، بجانب ما يظهرنه من أنواع التبسم وأنواع التلطف». ويتابع العريفي حديثه «في الحقيقة هذا التوجه قد جعل الكثير من الدعاة يطرقون قنوات فضائية وليست فقط قنوات المجد، كقنوات «إم بي سي» والفضائية اللبنانية «إل بي سي» وقنوات عربية أخرى». ولكن كيف يتم القبول بقنوات فضائية أكثر انفتاحا ولا تعتني بالحجاب في ظل محافظة القنوات السعودية البالغة؟ يقول العريفي «صحيح ذلك، ولكن تلك القنوات لا تتبنى فكرا معينا، ولا تتبنى نشر فكر ليبرالي أو علماني، كما في القنوات لدينا، أما المتابع لما يطرح عبر قنواتنا فيستنتج أنه يراد لهذه القنوات أن تتوجه هذا التوجه، وهذا ليس كلامي أنا فقط»، مستشهدا بما يتم تداوله على مواقع الإنترنت التي تتبنى مهاجمة القائمين على الوزارة، وقال «يمكن أن أقول إنه خلال السنتين السابقتين هناك انحدار شديد في الإعلام، وتوجه واضح لتمكين فكر معين يراد له أن يثبت».

ويتابع «تخصيص القناة الأولى بصبغة إسلامية لا يعني استغناء بقية القنوات عن البرامج الدينية، ولكن القنوات السعودية أصبح لديها توجه إلى إقصاء الفكر الإسلامي، أقول نحن مسلمون ولنا هويتنا ونحن بلاد الحرمين الشريفين والملك سمى نفسه خادم الحرمين الشريفين والشريعة هي دستور بلادنا، ولهذا ينبغي أن يكون إعلامنا منطلقا منها ومعبرا عنها». ولم يبتعد الداعية الشيخ أنس بن مسفر عن رؤية العريفي حول ملاحظاته حول تحديثات وزارة الثقافة والإعلام، وقد أوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه ليس من المتابعين للقنوات السعودية كونه يجدها كما يقول «كالتي ضيعت مشيتها ومشية الحمامة». ويعترض المسفر على ظهور العناصر النسائية على الشاشة السعودية، ويقول «مهمة المرأة في تربية أبنائها عظيمة، ومن خلالها تستطيع أن تحقق حضورها في المجتمع، أما ما يقال إن ظهور المرأة في الإعلام لتحقيق حضورها فذلك لست معه ولا أؤيده».

ويتابع «المذيعات اللاتي ظهرن في القنوات السعودية لا يلتزمن بالضوابط الشرعية من حيث الزينة التي يظهرن بها، وهذا الموقف منها ليس من قبيل العادات والتقاليد الاجتماعية، وهي لذلك لا أجدها قد حققت إنجازا في الإعلام المرئي سوى أنها كسبت جمهورا يشاهد القناة، وكأنها دمية مزينة تعرض عليهم، وهذا الرأي هو رأي الأغلبية في المجتمع السعودي، لأنه مجتمع محافظ». ويجد المسفر أن القنوات السعودية غير مشاهدة مقابل قنوات المجد، التي حققت حضورها باستخدامها للتقنية والفنية الجمالية ويقول «للأسف القنوات السعودية تفتقد التقنية والجماليات الفنية، التي ينبغي أن تكون في البرامج، واستغرب ضعف مستواها ومستوى كفاءاتها، رغم أن ميزانية وزارة الإعلام عالية جدا». والمسفر أيضا يجد القنوات السعودية محافظة جدا بجانب القنوات الفضائية الأخرى، مما افقدها الحضور لدى المشاهد، ومع ذلك ويقول «للأسف نلمس من ظهور المرأة في الإعلام السعودي سعيا حثيثا لما هو أكبر من ذلك مستقبلا، وهو ما يتخوف منه». وظهور المرأة في الإعلام السعودي المرئي، الذي سبق الوزارة الجديدة بعشرين عاما، مما لا يبرر الهجمة على الوزارة، لكن المسفر يقول «كان حضورها محدودا ومقصورا في برامج الأسرة والطفل، أما الآن فقد اتسع مجالها بشكل أكبر عن السابق، مما يجعلنا نتلمس وجودا للفكر ليبرالي».

ولكن لماذا يتجه الدعاة المعترضين أنفسهم على التحديث في قنوات التلفزيون السعودي ويعتبرونه مروجا لفكر منحرف إلى تقديم برامج دينية في قنوات فضائية عربية منفتحة وليبرالية ولا تلتزم بالفكر الإسلامي، ويتعاونون معها لقاء مقابل مادي، رغم أنها تتنافى مع قيمهم، يقول المسفر «عن نفسي أتحفظ على ظهور بعض الدعاة في بعض القنوات الفضائية دون غيرها، ولكن أجد تعاونهم مثمرا لأنهم تعاونوا معها في تقديم كلمة الحق التي يدعون الناس بها في تلك القنوات وفيها يتوجهون إلى شرائح من المشاهدين قد لا يسعون إلى القنوات المحافظة». الشيخ الدكتور عادل العبد الجبار، الذي شدد على أهمية الطرح، إلا أنه اعتذر عن المشاركة لدواعي السفر، وقال باقتضاب لـ«الشرق الأوسط» حول رأيه في وجود المرأة في الإعلام، وخاصة المرئي بقوله «إن الإعلام يحتاج إلى المرأة، ولكن أن يكون عملها متفقا مع الشريعة الإسلامية ووفق ضوابطها». وكانت «الشرق الأوسط» قد حاولت الاتصال بعدد آخر من المشايخ للمشاركة بآرائهم في الطرح الصحافي، إلا أنهم اعتذروا لأسباب مختلفة، أمابدواعي السفر أو الانشغال.