السعودية: الإرشاد الهاتفي يدخل المنافسة مع الحضوري

التويجري: الهاتفي لا يعطي أكثر من 30% والحضوري أكثر مهنية

TT

تكشف خريطة البرامج التي تعرض عبر الفضائيات العربية مدى التوسّع الحاصل في إنتاج البرامج الإرشادية الاجتماعية والاستشارات الدينية التي تعتمد على استقبال الاتصالات من الجمهور.

ويفسر إقبال المجتمعات العربية على مناقشة قضاياهم الشخصية ـ سواء أكانت مشاكل أسرية أم اجتماعية نفسية أم حتى دينية إلى كون الإرشاد الهاتفي بات من أكثر الوسائل فاعلية في التعامل مع المشكلات والحصول على حلول لأغلب المشاكل، بيد أن المرشدين والمتخصصين الاجتماعيين يبدون الكثير من القلق جراء غزارة الإنتاج في البرامج الإرشادية غير المتخصصة التي تصب في تقديم حلول لمشاكل المتصلين أيا كان اختصاصها وبالتالي الإضرار بالأفراد بشكل يفاقم حياتهم. وبحسب رؤية الدكتور محمد التويجري المتخصص في الطب النفسي فإن بعض الفضائيات «أفرزت الكثير من غير المتخصصين وسهلت لهم عبور المنازل وتقديم المعالجة لجميع أنواع المشاكل وقضايا المجتمع بجميع فئاته وإن كانت خارجة عن تخصصهم، الأمر الذي حول الاستشارات إلى نصيحة تعبر عن وجهة نظر صاحبها الذي يحاول تفادي الحرج الذي قد ينشأ بسبب أن المشكلة الواردة إلية خارجة عن نطاق اختصاصه. وبحسب تعبيره أوضح أن غياب الاختصاص في معظم البرامج يدفع بها إلى الاستعانة بمتخصصين في مجال مختلف عن طبيعة المشاكل الواردة إليهم، ويبرز الخلط كثيرا في المسائل التي تحتاج الى استشارة دينية أو اجتماعية كما نرى في بعض الأفراد الذين يعانون من أمراض نفسية تستدعي برنامجا علاجيا انهم يستعينون باستشارات دينية والعكس صحيح.

من جهته قال الدكتور جمال الطويرقي الاختصاصي والمدرب الاجتماعي بأن مناقشة القضايا وعرض المشاكل عبر الفضائيات تعد مكسبا كبيرا للمجتمع في جانب واحد وهو أنها تثير قضايا حقيقية وموجودة في مجتمعنا وتشعر الناس بحقيقتها، خصوصا بالنسبة للأشخاص الذين يعتبرون بأن مجتمعاتنا مثالية وخالية من أي خلل.

ولكنه يرى بضرورة أن تكون هناك آلية لاختيار الضيف بحيث يكون على علم وإدراك وثقافة بحجم المشاكل التي سترد إليه والتعامل معها وفق أسس علمية إلى جانب انتقاء الاتصالات التي تخص الجانب المتناول. ويشدد الدكتور الطويرقي على اختيار الأشخاص المناسبين والمدربين لافتا إلى وجود الكثير من القواعد الأساسية في التعامل مع المتصلين التي تساعد على كسب ثقة المتصل بالمرشد من خلال الترحيب الحار غير المكلف وإشعاره بالأمان وإعطاء الفرصة للحديث وتشجيعه على الحديث وعدم التحقير بما قام به من أفعال، والموازنة بين السلبيات والإيجابيات.

هذا وتسيطر فكرة سائدة في العالم العربي تكشف عن أن «الإرشاد الهاتفي» هو الأفضل في مجتمعاتنا كون الشخص مجهولا بالنسبة للطرف الآخر، فيستطيع التحدث دون حرج وبكل حرية، إلا أن اختصاصي الطب النفسي الدكتور محمد التويجري يعود ليشدد على ضرورة التفريق بين عبارة «الوسيلة الأفضل لمجتمعنا» وبين عبارة «الوسيلة الأكثر انتشارا»، وهنا يكشف عن أن الإرشاد الهاتفي يظل الحل المثالي للأشخاص غير القادرين على المواجهة لأسباب اجتماعية على حد تعبيره، كما يحصل مع بعض السيدات اللاتي لا يستطعن الحضور نزولا عند رغبة أولياء أمورهن أو أزواجهن إلى جانب أسباب مادية تمنع طالب الاستشارة من الحضور، إذ لا يقل المبلغ المدفوع للطبيب في الجلسة الواحدة عن 300 ريال.

«الإرشاد الهاتفي لا يعطي سوى 30 بالمائة ولا يخرج عن كونه استشارة أولية وبلا شك فإن الإرشاد عن طريق المقابلة الشخصية يعتبر أفضل على اعتبار أن الطبيب يستطيع قراءة المريض والمشكلة وعواملها المصاحبة بشكل يساعده على تحديد محل الخلاف وتقديم أفضل الحلول وتوجيه المريض الى الصواب.

كما لفت الطويرقي في هذا الجانب إلى فكرة جوهرية وهي الخطر الذي قد يتعرض له المرشد الذي يقدم «ارشادا هاتفيا» وفي هذا يعبر بقوله: «لو تحدثنا من الناحية القانونية فإن المرشد عبر الهاتف قد يتعرض للمساءلة القانونية ولمشاكل عديدة، وهذا بالتحديد ما أثبتته الدراسات في الولايات المتحدة الاميركية وكندا لا سيما وأن تعاملهم عبر الهاتف يكون مع الفئات التي غالبا ما تعاني من اضطرابات تقودها أحيانا إلى الاضرار بالمرشد ذاته، لا سيما وأنهم أطراف مجهولة ولا تعرف عنهم أي معلومات. لافتا إلى تزايد الاتهامات التي يتهم فيها المتصلون المرشد بالإساءة لهم وعليه فلا توجد دلائل لإثبات الدعاوى ما يكبد المرشد الكثير من العناء والخسائر المادية في إثبات براءته».