مختصون يحذرون من خطورة حرق مخلفات البناء على الصحة العامة

المقاولون يتهاونون في حرقها داخل الأحياء والأمانة لا تراقبهم بالشكل الكافي

TT

حذر طبيب مختص في الأمراض التنفسية من خطورة استمرار مسلسل حرائق مخلفات البناء الذي يتكرر في كثير من الأحياء السكنية داخل المدن السعودية، وقال الدكتور سالم الفيفي استشاري أمراض التنفس والأمراض الصدرية بمستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة إن هذه الحرائق تزيد من معدل الإصابة بالتهابات الصدر وأمراض التنفس والربو في أوساط السعوديين بشكل كبير.

وقال الفيفي إن هناك نوعاً من أنواع الفطريات الخطيرة على الجهاز التنفسي للإنسان، تسمى الـ«اسبريجيلوس» وتتسبب في إحداث التهابات رئوية حادة، ولشدة خطر هذا النوع من الفطريات تلجأ الدول المتقدمة إلى إجراءات احترازية مشددة للحفاظ على صحة السكان في الأحياء التي يتم تشييد أو هدم أي مبانٍ فيها، منها إغلاق غرف العناية المشددة في المستشفيات القريبة من الموقع.

وشدد الفيفي على أن حرائق مخلفات البناء الصغيرة التي تحتوي على أكياس الإسمنت وبعض المواد المختلفة التي تستخدم في البناء مثل مادة الاسبستوس، ومادة السيلكا وغيرهما، تؤدي إلى تلوث بيئي ينتج عنه مضارات صحية، تتراوح من حساسية الصدر، إلى تليف الرئة إذا ما تم التعرض لها بشكل مستمر، وفي بعض الأحيان تتسبب بسرطان الرئة الناجم عن تليف الغشاء البلوري، خاصة للأشخاص القريبين منها كعمال البناء، ويزيد من خطورة الوضع أن هذه المباني قيد الإنشاء تكون في وسط الأحياء السكنية ويكثر مرور الأطفال والمراهقين أو لعبهم بالقرب منها.

وفي السياق ذاته يؤكد المهندس طارق الحياني، بأن ظاهرة حرق مخلفات البناء تكاد تكون عامة، ويرجع ذلك إلى تهاون المقاولين، وعدم اكتراثهم بالبيئة المحيطة بهم من جانب، وبضعف الرقابة من قبل الأمانة والبلديات من جانب آخر.

وتابع الحياني «غالباً ما تتكون المخلفات التي يتم حرقها من الكراتين، وأكياس الإسمنت الخالية، وباقي التوصيلات والأسلاك وغيرها من المواد التي تبقى ملتصقة بها ذرات مواد كيماوية وعناصر ضارة مثل السليكات والحديد وغيرهما وهي تتسبب في أضرار كبيرة على البيئة المحيطة، وينبغي ألا يتم حرقها داخل المدن أو في مكان مأهول بالسكان كما هو منصوص عليه دولياً».

وفي حين تتصاعد شكوى سكان الأحياء من الحرائق الملوثة للبيئة بجانب بيوتهم، تقلل الأمانة من أهمية هذه الحرائق ومن حقيقة وجودها وتعيد ذلك إلى إجراء تتبعه لمعالجة هذه المسألة والذي يوضحه المهندس عمر الحميدان، مدير إدارة الرخص المركزية بأمانة جدة بقوله «عند استخراج رخصة البناء تقوم الأمانة بتحديد كمية المخلفات والنفايات التي تتراكم في المواقع، بناء على عدد الطوابق التي يتم بناؤها، وتشترط الأمانة لإعطاء ترخيص إدخال الكهرباء إلى المبنى قيد الإنشاء أن يرفق صاحبه مع الطلب إشعاراً من مرمى الأمانة للنفايات يفيد بأن صاحب المبنى قد قام بإفراغ الحمولة المعينة من المخلفات داخل المرمى، ولا يسمح له بإدخال الكهرباء ما لم يقم بذلك».

إلا أن الأمانة تدرس حالياً إمكانية إلزام أي راغب في الحصول على رخصة بناء بتوقيع عقد مع مقاول تتعاون الأمانة معه لنقل النفايات ومخلفات البناء وهو ما سيسهل على الأمانة مراقبة انضباط المقاولين وعدم المخالفة بحرق المخلفات على حد قول الحميدان.

جدير بالذكر بأن متوسط عدد تصاريح البناء التي تم منحها في عام 1427هـ يفوق الـ5000 رخصة في جدة وحدها، بحسب ما أوضح المهندس يوسف أبو تيم محلل الهندسة الإجرائية في إدارة الدراسات التنظيمية بأمانة مدينة جدة، وهو ما يجعل كمية المخلفات التي يتم حرقها كبيرة وتشكل تهديداً حقيقياً على البيئة المحيطة كما يقول المختصون.