المجمعات التجارية تتحول إلى «ملاذ آمن» للعائلات في السعودية

بسبب الملل داخل المنازل

TT

انتقلت التجمعات العائلية السعودية بشكل لافت في الآونة الاخيرة من داخل البيوت إلى أماكن أخرى أكثر جذبا، بعد أن كان البيت هو المكان الأنسب لاستقبال الضيوف ولإعداد العزائم والولائم.

المجمعات التجارية (المولات) استفادت كثيرا من هذا التوجه فسهلت الأمر بتوفير مساحة كبيرة في طوابقها العلوية للجلسات والاستراحات العائلية، تحفها من كل الجوانب مجموعات المطاعم والمقاهي على اختلاف مذاقها وأنواعها، إضافة ـ كما تقول أم مهدي ذات العقد الخامس «التكييف في السوق أفضل من البيت، ونحن الأمهات نجلس على هذه المقاعد، وأطفالنا يلعبون وبناتنا يتنزهن ويتسوقن». وأم مهدي تجلس مع صديقاتها وقريباتها بكل حرية في السوق، ويجلبن معهن ترامس الشاي والقهوة العربية وصحونا من التمور والمعمول والمعجنات والحلويات.

إيناس زارع، فتاة في العشرين من عمرها تسير برفقة صديقتيها لمياء شاكر وفتون عطار، ولا يحملن أكياس التبضع، مكتفيات بحقائب صغيرة معلقة على أكتافهن، تقول إيناس: «جو البيت صار خانقا ومملا، فكل ما لدي أجده عند صديقاتي سواء من أفلام وكتب وانترنت، فوسائل الترفيه والتسلية في البيت صارت تبعث الملل، لذلك كثيرا ما نقترح الخروج إلى السوق ليس من اجل الشراء كما ترين ـ تشير إلى يدها ـ إنما من اجل تضييع الوقت»، وتكمل الحديث عنها لمياء قائلة «عادة ما نضيع وقتنا في السوق بالمشي لمدة قد تزيد عن الساعتين، ومن ثم نحتسي القهوة، ونكمل مشينا حتى منتصف الليل، ومن ثم نطلب وجبة العشاء».

ويبدو أن الكثير من السعوديات ـ والمقيمات أيضا ـ وجدن في السوق متنفسا وان كان ينقصه الكثير كما تؤكد ذلك جيهان عباس وتقول: «نحتاج إلى صالات السينما»، وتتفق معها خولة الجهني وتقول: «نفتقد صالات السينما كثيرا، وكذلك أتمنى أن يوفروا مقاعد مريحة أكثر، وأن يهتموا بالديكور أكثر، وان يقيموا ركنا في السوق للتزلج على الثلج مثل السوق الشهير بدبي إمارات مول».

ولم تكتف العائلات السعودية بالأسواق لمقابلة الأهل والأصدقاء وإنما وجدت في المطاعم والمقاهي «الكوفي شوب» مبتغاها أيضا ولأسباب مختلفة ويبقى الاختيار هو الهروب من البيت كحال أبي عبد العزيز الذي كان يتناول وجبة العشاء مع زوجته وأخته بأحد المطاعم الإيطالية الفاخرة بجدة وعلق قائلا بينما كانت شوكته تغرز على قطعة الرافيولي: «صار البيت صغيرا فالحاصل أن الشقق الجديدة كلها ثلاث أو أربع غرف، وبالكاد تتسع لأهل البيت»، ويضيف «في المطعم راحة أكثر، لأنها متنوعة وذات ديكورات رائعة والطعام يحير المذاق إضافة إلى النارجيلة وأجواء المطعم من صاخبة وهادئة وهذا سبب اختيارنا المطاعم للقاء».

والفتيات أيضا نافسن الشباب في الذهاب إلى أي مطعم أو مقهى جديد لاكتشافه، ولإقامة أعياد الميلاد وحفلات النجاح، تقول مروج عبد الغني والتي كانت تحتفل بحفلة تخرجها في أحد معاهد تعليم اللغة الإنجليزية مع صديقاتها «صحيح في البيت هناك حرية اكبر فنجلس دون عباءة ويتسنى لنا الرقص واللعب، لكن التجديد مطلوب». وتضيف «تبقى ذكرى جميلة بالتقاط صورة بنا في المكان».ويعلق توفيق عبد الله مدير أحد المطاعم الشهيرة في جدة حول توفير أجواء عائلية ومناسبة للعائلة السعودية والتي باتت من مقومات نجاح أي مطعم قائلا: «تلك الأجواء العائلية عقدت المسألة قليلا لأنه صار من الصعب تلبية جميع الأذواق، وهذا ما جعل أصحاب المطاعم والمقاهي أن يعطوا هوية لمكانهم منذ أول يوم عن طريق ديكور المكان والأجواء إما أن تكون رومانسية عصرية أو كلاسيكية أو ذات ديكور وأجواء شبابية أمريكية صاخبة»، وحول مسألة الحفلات يقول «هناك من يحجز مسبقا والآخر يكتفي بوجبته ويطلب الجاتوه لاحقا ونشاركهم الاحتفال بالغناء معهم».

وفي المقابل هناك من يرفض فكرة اللقاءات في المطاعم والمقاهي، خاصة العائلية متمسكا بالبيت وعاداته وتقاليده كحال أم فؤاد وتقول «لا مانع من الذهاب للمطعم ولكن لن يكون البديل عن البيت» أما عن التجمع في الأسواق تقول: «السوق من اجل التسوق وليس مكانا للقاءات فأين الضيافة العربية وعاداتنا؟».