غرف نوم المراهقات.. الملاذ الآمن لمواجهة ضغوط المجتمع والفراغ العاطفي

دراسة: «الدبدوب» هو الصديق المفضل لديهن

TT

«مجلات قديمة، كروت معايدة، دمى قطنية، قصاصات شعرية، صور خاصة»، أغراض مبعثرة داخل غرف نوم الفتيات المراهقات، تثير الكثير من الأسئلة، وتبعث على التعجب، إلا أن الأمهات يعبرن دائماً عن حالة من الانزعاج إزاء هذه الفوضى، متسائلات عن العلة من وجود الأقفال والأبواب الموصدة، وتحول منطقة أسفل السرير إلى مستودع سري، ورغبة الفتيات الدائمة بالاختلاء بأنفسهن داخل غرفة النوم لساعات طويلة.

فيما تطمئن الدكتورة حصة السهيلي، استشارية الصحة النفسية، في حديثها لـ «الشرق الأوسط»، من انفعالات هذه المرحلة، بكونها حالة طبيعية، قائلة «من أبرز خصائص مرحلة المراهقة، الحساسية الزائدة والتقلب المزاجي والرغبة بالانغلاق، فتكون غرفة النوم بمثابة الملاذ والملجأ الآمن بالنسبة للمراهقة، مما يعكس اهتمامها الكبير بها، معبرة عن حالة تجمع ما بين النضج والطفولة».

إلا أن الدكتورة السهيلي تستدرك محذرة «في حال تجاوز هذا الانغلاق وهذه الرغبة في الاختلاء الحد الطبيعي، هنا قد يكون نوعاً من الهروب أو يتحول إلى رهاب اجتماعي، أو قد يعكس نظرة دونية للذات تستلزم مراجعة استشاري نفسي لبحث الحالة وعلاجها».

وبينما تـُحاصر الفتاة السعودية بمجموعة من المحاذير، وتحرم من الخروج بكثرة والاحتكاك بكافة شرائح المجتمع، تتحول غرف النوم إلى ملاذ آمن تجاه هذه الضغوطات، كما تؤكد الدكتورة حصة على الدور النفسي والتركيب المزاجي في مدى ارتباط الفتاة المراهقة بغرفتها، إضافة لأن مظهر الغرفة قد يأتي بمثابة المرآة للحالة النفسية التي تعيشها، قائلة «غرفة النوم تعكس مجموعة من التقلبات المزاجية، بدءاً بديكورها وألوانها ومدى ترتيبها، انتهاءً بالتفاصيل الدقيقة من دمى وعطور، والتي تفسر مدى رضا الفتاة المراهقة أو سخطها من ذاتها ومجتمعها».

فيما تبرز العلاقة الحميمة التي تربط بين الفتاة و(الدبدوب) المحشو بالفرو، والذي يحتل أهم المواقع في غرفة النوم وأكثرها خصوصية، حيث تبيّن عبر استطلاع كانت قد أجرته إحدى المجلات العربية، أن الكثير من الفتيات يعتبرن حضن الدبدوب هو الملجأ الوحيد لهن في حالة الحزن والرغبة بالبكاء، فيما اعتبرته الأخريات صديقاً صامتاً لا يغضب ولا يخاصم ولا يهجر، كما رأين فيه طاقة كبيرة من الحنان وطيبة القلب، يكون فيها مصدراً للدفء العاطفي، الذي تعاني الكثير من الفتيات من احتياجه.

ولا تغيب بعض الممنوعات عن غرف البنات، والتي تشمل أدوات الزينة المليئة بالبهرجة، ومجموعة صور لأحد المشاهير، وبعض القصاصات الشعرية من المجلات أو التي كتبتها المراهقة، كما تتذكر هدى الحسن، موظفة حكومية، قائلة «حين كنت في السادسة عشرة من عمري كنت أخبئ الكثير من الخواطر والأشعار التي أكتبها في غرفتي، تحت المخدة وبين الأرفف، حتى لا يراها أحد من أخوتي ويفهموني بشكل خاطئ!».

وتشاركها الذكريات لطيفة الوهيب، ربة منزل، قائلة «غرفة نومي كانت بمثابة عالمي الخاص المليء بالقصص والأسرار، أتذكر بساطتها وزحمة العرائس المبعثرة داخلها، ومكتبي الصغير الذي ضم أهم أغراضي، دفتر مذكراتي (الأوتوجراف)، الذي لم أكن أسمح لأحد أن يطلع عليه، إضافة لمجموعة من الصور لفرقة موسيقية كنت معجبة بوسامة أفرادها«، تبتسم لطيفة وتقول «تفاصيل غرفة نومي أصبحت تضحكني الآن أكثر مما كانت تثيرني في السابق».

من جهة ثانية، فلقد تغيرت تصاميم غرف البنات خلال الخمسة عشرة سنة الماضية بشكل لافت، كما توضح المهندسة إلهام الحليبة، نائب رئيس شركة شنيل للديكور، قائلة «بعد أن كان اللون الوردي هو اللون الرسمي لغرف البنات جاءت ثورة لونية متنوعة، لنرى مجموعة لونية في غرفة واحدة، متكونة من اللون الأخضر التفاحي واللون الأحمر بدرجاته مع تداخلات الأصفر الليموني، وفي مجموعة لونية أخرى نجد اللون البرتقالي مع الكحلي وبعض الإكسسوارات المكملة من الأبيض والأخضر والأحمر».

ويسيطر هاجس الشخصيات الكارتونية والقصص الخيالية على ذوق الفتيات في اختيار ديكورات غرف النوم، كما تشير الحليبة، قائلة «من المهم أن يحكي الأثاث قصة في تصميمه وشكله العام، كقصة أليس في بلاد العجائب أو قصة عروس البحر، أو يكون على شكل حديقة داخلية مليئة بالزهور، وحتى الإضاءة لم تعد مركزية، بل دخلت كجزء من الديكور على الجدران أو خلف قمر معلق في السقف أو كنجوم تتلألأ داخل قبة سماوية، أو تحت السرير لتجعله يبدو وكأنه سفينة فضائية طائرة في الفضاء».