300 قرض من الصندوق الخيري الوطني للأسر المتدنية الدخل

د. المعيقل لـ«الشرق الأوسط»: نقوم على أساليب غير تقليدية لتأهيل الفقراء والمحتاجين

TT

بعد أن زار الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود بعض الأحياء الفقيرة بمدينة الرياض لتلمس احتياجات المواطنين والوقوف ميدانيا عليها وتوفير ما أمكن منها وتخفيف معاناتهم، نتج عن ذلك إيجاد صندوق باسم الصندوق الخيري لمعالجة الفقر والذي غير مسماه إلى الصندوق الخيري الوطني ويرأسه وزير الشؤون الاجتماعية، ويقوم الصندوق على الحد من مشكلة الفقر بأساليب غير تقليدية لا تعتمد على الصرف المادي والعيني ولكن من خلال إيجاد فرص العمل وانخراط المواطنين في ما يقدرون عليه من أعمال منتجة على مستوى الأفراد والأسرة.

وتحدث في حوار لـ«الشرق الأوسط» الدكتور سعود بن عبد الله المعيقل الأمين العام للصندوق الخيري الوطني فإلى تفاصيل الحوار:

* ما هي الفكرة أو الرسالة التي ينطلق منها الصندوق؟

ـ رؤية الصندوق لعلاج الفقر تنطلق من التوجيه الذي تضمنه قرار إنشاء الصندوق بمعالجة الفقر بطرق غير تقليدية وهو الأسلوب الجديد لمكافحة الفقر في العالم، فقد أسست الرؤية على تأهيل الفقراء ليصبحوا أناسا منتجين يسهمون في تطوير مستواهم وتنمية مجتمعهم، بدلا من أن يكونوا مجرد مستهلكين لأموال ومساعدات اجتماعية وبالتالي فإن مكافحة الفقر تصب في التنمية البشرية بمفهومها الشامل.

فالمستفيدون من الصندوق عملاء يتعاملون مع الصندوق وليسوا عالة عليه ينتظرون منه العون والصدقة، إذ يسعى الصندوق إلى تنمية قدراتهم وتطويرها للاعتماد على أنفسهم وتوعيتهم للإسهام بفاعلية بتحسين معيشتهم.

* نرجو إلقاء الضوء على أهداف الصندوق الخيري الوطني؟

ـ يهدف الصندوق إلى إصلاح الأحوال الاجتماعية للمحتاجين من خلال دعم المشاريع التنموية كما يدعم أيضا البرامج الهادفة لتنمية قدرات ومهارات الفقراء، ومن ضمن الأهداف تقديم قروض حسنة للمحتاجين القادرين على العمل لإقامة مشروعات استثمارية صغيرة، والإسهام في تنمية قدرات المحتاج من خلال التوجيه والتدريب وفي إيجاد فرص عمل للعاطلين عن العمل كليا أو جزئيا، وتطوير برامج الأسر المنتجة الموجهة لفئة المحتاجين ودعمها، ورفع مستوى الوعي لدى المحتاجين بالفرص التدريبية والوظيفية المتاحة والمناسبة لقدراتهم، وتنمية المشاركة الاجتماعية في مجال مكافحة الفقر، كذلك مساعدة الجهات المختصة في التعرف على احتياجات المحتاجين من الخدمات الصحية والتعليمية والإسكانية والاجتماعية، وأخيرا تفعيل دور الجهات الخيرية في معالجة الفقر.

* وماذا عن برامج الصندوق الخيري الوطني؟

ـ هنالك خمسة برامج روعي فيها التنوع والشمولية لكافة شرائح المجتمع وهي: برنامج التوعية والتوجيه ويهدف الى رفع مستوى الوعي لدى الفئات المستهدفة بمشكلات الفقر وأسبابها وأبعادها وآثارها على الفرد والمجتمع، وطرق الوقاية منها ومعالجتها ورفع بعض المهارات الاقتصادية لديهم كمفهوم الاستهلاك والادخار وغير ذلك وفق رؤية شاملة وخطة مدروسة.

والبرنامج الثاني هو للمشروعات الصغيرة ويعمل على استثمار طاقات الفقراء وتوظيفها لمساعدتهم حتى يصبحوا مساهمين في تطوير أنفسهم وأسرهم من خلال دعم وتشجيع ورعاية المشاريع الصغيرة الموجهة للفئات الفقيرة وذلك بتقديم الدعم الفني والمالي وتسهيل (القرض الحسن) والتدريب والمساعدة على حل العقبات التي قد تعترض هذه المشاريع، كذلك طرح الفرص الاستثمارية المناسبة لكل منطقة ولكل مستفيد.

كما أن هناك برنامجا للأسرة المنتجة ويقوم على توظيف قدرات أفراد الأسرة المحتاجة بهدف مساعدتها على إعالة نفسها وإخراجها من دائرة الفقر، ويتولى الصندوق دعم ورعاية المشاريع المنزلية الموجهة لمثل هذه الفئات بتقديم الدعم الفني وتسهيل التمويل (القرض الحسن) والتدريب والمساعدة في تذليل العقبات التي قد تعترض مثل هذه المشاريع، وقد تجاوزت القروض 340 قرضا في هذا البرنامج.

وهناك برنامج تنسيقي للتوظيف يسعى إلى مساعدة توظيف أبناء الفقراء بالوظائف المناسبة لهم في المناطق التي يعيشون فيها وذلك بجمع المعلومات عن الوظائف المطروحة في سوق العمل.

وآخر برامج الصندوق الخيري الوطني هي المنح التعليمية والتدريبية التي وصل عدد المتدربين فيها 108 شباب من أبناء الأسر المتدنية الدخل، وتعمل برامج المنح التعليمية على رفع المستوى التعليمي للفقير ومهاراته وقدراته من خلال برامج التعليم والتدريب الموجهة للتوظيف انطلاقا من حاجة سوق العمل، ويقوم البرنامج على تأهيل الفقير القادر والراغب في العمل من خلال مجموعة من البرامج التعليمية والتدريبية وإكساب المتدرب المعارف والمهارات اللازمة للبدء في العمل الملائم.

* ما آلية تنفيذ هذه البرامج، وكيف يمكن للمحتاج أن يستفيد من برامج الصندوق؟

ـ يقوم الصندوق بتنفيذ برامجه بالتعاون مع المؤسسات العاملة في المجال الخيري مثل الجمعيات الخيرية ومكاتب الضمان الاجتماعي ومراكز التنمية الاجتماعية ولجان التنمية المحلية في المناطق وغيرها، ويتم التعاون أيضا من خلال دعم الصندوق برعاية المشاريع الصغيرة والمنزلية الموجهة للفئات المستهدفة وذلك من خلال تقديم قرض حسن، وفي المقابل تسهم المؤسسات بدورها من خلال اختيار المستفيدين والمساهمة في تأهيلهم معنويا ومهنيا ومتابعتهم بعد الإقراض وتزويد الصندوق لتلك الجهات نسبة معينة لا تتجاوز 10 في المائة من قيمة المشروع مساهمة منه في تحمل جزء من التكاليف الإدارية والتشغيلية للمشروع.

* يقوم الصندوق بتمويل بعض المشروعات الاستثمارية الصغيرة. نريد إلقاء الضوء على الوسائل التي يعتمدها الصندوق في ذلك؟

ـ يعتمد صندوق مكافحة الفقر على عدد من الوسائل هي تقديم القروض الحسنة لإقامة مشروعات استثمارية صغيرة، وتوفير الخدمات الاستشارية ودراسة الجدوى الاقتصادية الأولية للمشروعات الموجهة للفقراء، ووضع قاعدة للمعلومات للإفادة من فرص العمل المتوفرة لدى مؤسسات المجتمع المختلفة ومؤسسات القطاع الخاص على وجه الخصوص. ومن الوسائل التي يعتمدها صندوق مكافحة الفقر هي إعداد دراسات وأبحاث وبرامج اجتماعية واقتصادية متعلقة بنشاط الصندوق والتي توفر فهماً أشمل لمشكلة الفقر وآثارها.

* كم هم الفئات الذين يمكنهم الاستفادة من برامج الصندوق؟ وهل هناك شروط معينة لذلك؟

ـ كل من هو محتاج، وقادر على العمل سنقدم له المساعدة وفق سياسة وشروط الصندوق المنظمة، وكل ذلك معلن بالتفصيل من خلال نشرات الصندوق وتم تزويد كافة الجهات المعنية بذلك.

* مضى على إنشاء صندوق مكافحة الفقر أربع سنوات ما الذي تم إنجازه حتى الآن؟

ـ تعتبر تجربة الصندوق الخيري الوطني بالنسبة للسعودية تجربة جديدة ونظراً لطبيعة المستفيدين وطبيعة المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية كان لا بد من الوصول إلى صياغة منهجية لمعالجة الفقر وأسبابه تنطلق من هذه الطبيعة، وعليه فإن الصندوق مر بمرحلتين الأولى؛ هما إعداد وتجهيز استكمال بناء وتأسيس الصندوق ماليا واداريا وإقرارها ومسح إمكانيات وقدرات بعض المؤسسات العامة والخاصة التي يمكن التعاون معها لتنفيذ برامج الصندوق. والمرحلة الثانية تشهد تفعيل الصندوق بدءا من البرامج التوعوية والتوجيه من خلال منظومة من الأنشطة التي قد لا يتسع المجال للتفصيل فيها ولكن بشكل عام تم إطلاق حملة توعوية بمختلف الوسائل الإعلامية. ويجري العمل حاليا للمراحل الأخرى من البرنامج بتنفيذ الدورات واللقاءات التوعوية المباشرة للشرائح المستهدفة.

* وما هي مصادر تمويل الصندوق الخيري الوطني.. وهل يمكن أن يساهم المواطنون في الدعم؟

ـ يتم تمويل الصندوق من خلال الموارد المالية وهي ما تخصصه الدولة من مبالغ وإعانات مالية وعينية، كذلك الأوقاف والتبرعات والصدقات والزكوات التي تدفع مباشرة من الأفراد والمؤسسات والشركات، وأيضا يتم تمويل الصندوق من العوائد المالية التي يحصل عليها الصندوق من استثمار أصوله وممتلكاته، وأي موارد أخرى يقرها مجلس الإدارة، وبالتالي فالفرصة متاحة للمتبرعين سواء من الزكاة أو الصدقات.