نهاية أيام الحج.. بداية موسم «الزاوج» من كل عام

هناك من يبحث عن شريكته في «المشاعر» وآخرون على «الإنترنت»

TT

ينتهي موسم الحج من كل عام بتكبيراته وتهليل حجاجه ورائحة حقائبهم المعبأة ببخور الهدايا و«سبح» الذكريات المقدسة، ليبدأ موسم الزاوج البشري منذ نهاية الحج الذي يحرم فيه عقد الزواج غير أنه المكان الأكثر ملاءمة لاختيار شريكة العمر حسب مواصفات إسلامية يبحث عنها الشاب والفتاة وولي الأمر.

وفي الذاكرة المحكية لدى كثير من السعوديين تبرز عشرات القصص المرتبطة بموسم الحج واختيار الزوجات والأزواج في ذلك الموسم الذي يحقق منافع كثيرة للناس أوردها الله في ذكره للحج، خاصة أن طبيعة المجتمع المحافظة تعطي نوعا من المرونة الشرعية في موسم الحج لأن تكشف المرأة عن وجهها وهي في الإحرام، كما أن طبيعة المعاملات البشرية تكون أكثر قربا نتيجة لتفضيل كثير من الأسر مبدأ المجموعات العائلية في الذهاب للحج·ويقول أبو عبدالله، وهو أحد كبار السن الذي أدى فريضة الحج 9 مرات حول الحصول على زوجة في موسم الحج، وهل ما يزال يعتبر خيارا وحيدا في عصر الانترنت والفضائيات وغيرها من وسائل التقنية «ياولدي.. عندما يذهب الإنسان قاصدا ربه ويؤدي فريضته وهناك يرى إنسانة يستطيع معها إكمال نصف دينه ثم يخطبها من وليها بعد انقضاء موسم الحج ألا يكون هذا الأمر تحقيقا لكل منافع الحج»، ويضيف بينما يبتسم أحد أبنائه لحديث والده «قيمة الحج ألا يعود الانسان للذنوب والخطايا وأن يحصن نفسه بالزواج. وهذا العام سأخطب لابني هذا فتاة عاقلة من أسرة فاضلة عشنا معا أيام الحج كاملة في جو أسري حقيقي تغمره الروحانية والمحبة». في المقابل يرى هادي اليامي، وهو شاب أنهى دراسته الثانوية منذ أشهر قليلة، ويستعد للسفر خارج البلاد لإكمال دراسته العليا، أنه اختار أداء فريضته مبكرا كونه مقبلا على فترة حاسمة من حياته «قمت بأداء فريضتي لتكون لي دافعا في الحفاظ على نفسي من أي مغريات ستواجهني» ويكمل اليامي في الحديث عن غرضه من الحج وهل كان الزواج ضمن منافعه «لم آتِ للحج لأبحث عن زوجة تشاركني الغربة القادمة، بل لم يكن الأمر في حساباتي، لكن الله ألف بين عائلتي وعائلة أخرى.. أعتقد أني سأفعلها وأتقدم لخطبة إحدى فتياتهم التي أعجبتني في حرصها وأخلاقها العالية وخدمتها لأهلها ومن معهم في حشمة ووقار..».

في الجانب الآخر، وبالعودة لذكريات الحج فإن حضور الشعر وتناقل الناس لقصائد كتبت في موسم الحج واقترنت بشواهده، يعطي روحا دلالية على ماكانت تمثله رؤية الفتاة في مناسبة الحج وهي في كامل حجابها الشرعي ولا يبدو منها سوى وجهها وكفيها كما أمر الله، وهو ما يتجلى في سرد كثير من القصص والأشعار التي قيلت في وصف الجمال المحمود دون ابتذال. ويروي في هذا الشأن أبو صالح، وهو رجل طاعن في السن لم يتبق من ذكرياته سوى ضحكة لاتفارقه وأسنان معدودة وذاكرة لا تستحضر سوى الشعر. يقول منشدا أبياتا شعبية في التعليق على مسألة اختيار الزوجات في موسم الحج «التايه اللي جاب بصري يقنّه/ جدد جروح العود والعود قاضي/ ياليت سني بالهوى وقـم سنـه / ايـام مابينـي وبينـه بغاضـي ليستدرك بعدها بالقول «كان هذا هو الشاعر بصري الوضيحي عندما رأى فتاة في الحج وأعجبته لكنه كان كبيرا في السن ولم يعد صالحا للاقتران بها لفرق السن الكبير بينهما، بل إن اعجابه ذاك جعله يترك الشعر الغزلي ويلتزم بتلك الحجة حتى مات «مضيفا» في الماضي كان طريق الاعجاب هو الزواج أما اليوم هناك شك يساورني أن يكون هذا هو الطريق الوحيد». شباب آخرون كانوا يحتسون أصنافا من القهوة «الأمريكية» الفاخرة، فيما يمضغ أحدهم قطعة كبيرة من الكعك المحلي (الدونات)، قالوا إنهم لايفكرون بالحج وهم ما زالوا على مقاعد الدراسة وأن اختيار شريكة العمر لم يعد قصرا على موسم الحج حيث يستطيعون بـ «نقرة ماوس» الحصول على معلومات عامة في قوائم تضم الاف الأسماء لفتيات من جميع أنحاء العالم. فيما يشير آخر إلى أن طرق البحث تغيرت، قالها وهو يعبث بحركة سريعة من أصابعه على أزرار هاتفه النقال، مشيرا إلى خدمة «البلوتوث» في جهازه التي تتولى نيابة عنه قرار البحث في الاسماء الناعمة الجالسة بجواره ويفصل بينهما قاطع خشبي يحدد مكان «الشباب» و«العائلات».