دراسة سعودية: وسائل الإعلام تعزز السلوك العدواني لدى المنحرفين

الرميح: الكثير من الأسوياء مارسوا الجريمة بأسلوب التقليد والمحاكاة

TT

خلصت دراسة سعودية حديثة إلى أن وسائل الإعلام الجماهيرية ليست العامل الوحيد في اكتساب السلوك المنحرف، لكنها تتوافق في العلاقة بين الحوافز العدوانية والاستجابة، كونها تعزز السلوك العدواني الكامن لدى الفرد عند مشاهدته لبرامج العنف لكنها لا توجد السلوك العدواني من العدم، كما أن المنحرفين يعتبرون الشخصيات التي تمارس العنف في التلفزيون بمثابة موجهات ونماذج لأفكارهم وأهدافهم وسلوكياتهم.

وخرجت نتائج الدراسة التي قام بها الدكتور خالد بن سعود البشر وكيل كلية علوم الأدلة الجنائية بجامعة نايف حول أفلام العنف والإباحة وعلاقتها بالجريمة أنه ليس لمشاهدة التلفزيون والفيديو دور رئيسي في دفع الفرد نحو العنف والجريمة، حيث ثبت أن الأسوياء يشاهدون أفلام العنف والإباحية بنسب مماثلة للمنحرفين كما أكدت الدراسة على أن مشاهدة نفس الأفلام ليست المسؤولة الوحيدة عن الانحراف والجريمة فهي تؤثر في السلوك الانساني من خلال تعزيزها لبعض السلوكيات المنحرفة.

وأبانت الدراسة أن تأثير المشاهدة على الفرد يكون في حدود نسبية حسب استعداده وميوله وعليه فوسائل الإعلام تعد عاملا وسيطا بين استعدادات الفرد وميوله الداخلية وبين مجموعة العناصر والظروف الاجتماعية الأخرى التي تحدد سلوكه الخارجي.

وأكدت الدراسة أن عينة المنحرفين هم في الأصل منحرفون قبل مشاهدة أفلام العنف والإباحية وان إجرامهم وميولهم الانحرافية هي التي تدفع بهم لمشاهدة أفلام العنف والإباحية، كما أثبتت أن قوة الوازع الديني ودرجة التماسك الأسري وارتفاع المستوى الثقافي والتعليمي لدى الأسوياء أعلى من عينة المنحرفين وان لديهم حصانة ذاتية تمنعهم.

ويتفق الدكتور يوسف الرميح متخصص في علم الجريمة في حديثه مع «الشرق الأوسط» مع الدراسة في جزئية كون وسائل الإعلام تشكل عاملاً مؤثراً ومباشراً على ارتفاع الاستعداد لدى الفرد للجريمة مؤكدا على متى ما توافرت عوامل الجريمة الأخرى مثل العنف الأسري والبطالة والإدمان والفقر ورفاق السوء.

وأكد الرميح أن كثيراً من الأسوياء مارسوا الجريمة بأسلوب التقليد والمحاكاة لما شاهدوه في وسائل الإعلام التي تعرض الجريمة بمبررات إنسانية في الأغلب، فتعرض السارق يمارس جريمة السرقة لإطعام ابنائه مما يجعل عملية السرقة على سبيل المثال مبررة بشكل غير مقبول على ارض الواقع كما قد تظهر وسائل الإعلام المجرم بصورة البطل والقوي ورجل الأمن بصورة سيئة، مشيرا إلى أن نظرية الاختلاف التفاضلي في علم الجريمة تؤكد أن الإنسان يتعلم الجريمة منها.

وأبان أن عمر الجريمة يكون في فئة الشباب سواء رجلاً كان أو امرأة بين 16 ـ 23 عاماً لتوافر عوامل كثيرة تسهل مزاولة الجريمة منها الطاقة العضلية وسن المراهقة والفقر وسهولة التأثير فيه من قبل الآخرين لا سيما الأصدقاء مع توافر وسائل إعلام تبث أفلاماً تعزز العنف والإباحية لدى فئة الشباب، مؤكدا على أن بعض البرامج والأفلام حتى التوعوية منها معززة للجريمة أكثر من كونها منبهة لخطورتها مثل برامج مكافحة الإدمان والجريمة.

وأشار إلى دراسة أميركية حديثة توصلت إلى أسباب ممارسة الشباب لجريمة القتل وأكدت الدراسة أن 14 ألف حالة من ممارسي جريمة القتل يشاهدون الجريمة عن طريق وسائل الإعلام حتى عمر 15 عاما مما سهل عليهم ممارسة الجريمة بشكل مباشر وبطريقة اعتيادية.