السعودية: «فجوة غذائية» مستقبلية نتيجة ارتفاع حجم الطلب على «القمح»

وزارة الزراعة بعد تسلمها ملف مؤسسة الغلال: لن يتأثر الدعم الممنوح

TT

حذر خبراء من أن تواجه السعودية فجوة غذائية مستقبلية مع الارتفاع العالمي في أسعار القمح بصفته سلعة استراتيجية تلعب دوراً هاماً في الأمن الغذائي الوطني، وذلك إذا ما تجاوز طلب المستهلك حجم العرض، ليكون الاستيراد إلى جانب تكثيف الانتاج المحلي أبرز الحلول الممكنة في تغطية الفجوة الغذائية المتوقعة مستقبلاً.

وقال الدكتور سعد بن عبدالله خليل، مدير عام إدارة التسويق الزراعي في وزارة الزراعة السعودية، لـ«الشرق الأوسط» ان المسؤولين والمواطنين يدركون أهمية أن يكون الأمن الغذائي الوطني من داخل الوطن، مضيفاً «إذا ما نظرنا الى المستقبل حيث من المتوقع أن تكون هناك زيادة في النمو السكاني تقابلها زيادة في الطلب على القمح، فإن الاستراتيجية التي تتوافق مع الموارد الطبيعية المتاحة توجب الاعتماد على الميزة النسبية للانتاج والتركيز على المناطق التي تتوفر فيها المياه والتي تعطي انتاجية أعلى للهكتار من القمح، بالإضافة الى التركيز على التقنية الحديثة في الري ووضع الخطط الإنتاجية، واذا ما فاق الطلب العرض فان الاستيراد الى جانب الإنتاج المحلي أمر ممكن لتغطية الفجوة الغذائية المتوقعة مستقبلا».وكان الدكتور فهد بالغنيم، وزير الزراعة السعودي، قد نفى وجود أي نقص في كميات القمح لدى المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق، جاء ذلك خلال اجتماعه الأخير بأعضاء مجلس الشورى، مفيداً بأن مخزون القمح بلغ 2 مليون طن، مع انتظار موسم الحصاد الذي سيبدأ خلال الأيام القليلة القادمة، وعن أسعار شراء القمح من المزارعين أكد وزير الزراعة «أن سعر القمح الحالي مجدٍ لمن يستخدم أساليب الزراعة الصحيحة وسيحصل على ربح 20 بالمائة».

يذكر أن وزارة الزراعة السعودية كانت قد تسلمت الشهر الماضي رسمياً ملف تخصيص المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق، في حين كشف الدكتور خليل أن الدعم الممنوح حالياً للقمح لن يتأثر، معللاً ذلك بكونه جاء وفق شروط وقواعد منظمة التجارة العالمية سواءً كانت الصوامع قطاعا عاما او قطاعا خاصا لأن الدعم يذهب للمزارع، مضيفاً «السعر الذي تشتري به الدولة القمح الآن قريب من السعر العالمي، ومع تقلبات الأسعار قد يكون السعر العالمي أعلى في بعض الأحيان».من جانب آخر، وحول الارتفاع الكبير في أسعار الأعلاف ومدى تأثيره على إنتاجية وربحية الشركات الزراعية، أكد مدير عام إدارة التسويق الزراعي أن هذا الارتفاع يزيد من تكاليف الانتاج في المشاريع الزراعية بما يقلل من الربحية ويحمل المنتجين خسائر تعتمد على حجم المنشأة، فالمنشآت الصغيرة والمتوسطة ربما تضطر للخروج من النشاط، مما يؤدي لاختلال موازين قوى السوق (العرض والطلب)، وبالتالي ارتفاع الأسعار النهائية على المستهلك، مضيفا «المستثمرون في هذا المجال حالياً هم فئتان، الأولى تنتج لغرض الاستفادة من الأعلاف كمدخلات انتاج في مشاريع أخرى مثل الألبان، والفئة الأخرى تنتج لأغراض تجارية وهي المستفيدة من ارتفاع الأسعار».

يذكر أن تصدير الأعلاف الخضراء موقوف بموجب أمر حكومي، كما أن وزارة الزراعة السعودية لا تشجع التوسع في زراعتها محلياً، مع التوجه الحالي للأعلاف المصنعة كإنتاج محلي او استيراد، في حين أن القطاع الخاص بدأ مؤخراً في التفكير بإنتاج الأعلاف الخضراء في الدول المجاورة ومن ثم تصدير الإنتاج للمملكة.من جهة ثانية، ينصح مدير عام إدارة التسويق الزراعي رؤوس الاموال السعودية بالتوجه لاقتناص فرص الاستثمار في مجالات الثروة السمكية، وخاصة في المياه المالحة التي تعتبر فرصا استثمارية ناجحة على ساحل البحر الأحمر وساحل الخليج العربي، كما أنه يؤكد على أن صناعة الربيان تعد فرصا استثمارية مميزة، والسوق المحلي بحاجة إلى الكثير من هذا الانتاج في ظل أسعاره المشجعة، إلى جانب فرص التصدير الواعدة في هذا المجال.

تجدر الإشارة إلى أن آخر تقارير المنظمة العربية للتنمية الزراعية كشف عن تراجع قيمة الفجوة الغذائية العربية إلى 15.5 مليار دولار عام 2005، مقابل 16 مليار دولار عام 2004، وأرجع التقرير ذلك لتراجع استيراد جملة من الحبوب بما فيها القمح والدقيق والبطاطس والسكر واللحوم البيضاء رغم ارتفاعها لباقي السلع، وأفاد التقرير أن الاسماك هي السلعة الرئيسية التي تحقق فائقا تجارياً على المستوى العام في الوطن العربي، لافتاً إلى أن الوطن العربي يساهم بنحو 2.9 بالمائة من الانتاج العالمي من الاسماك. فيما تؤكد الدراسات على أن ارتفاع معدل النمو السكاني وانخفاض متوسط دخل الفرد، والفقر المائي، وسوء استغلال الموارد الزراعية المتاحة، إلى جانب ضعف الاستثمار في مجال البحوث الزراعية، تعد أبرز أسباب ظهور الفجوة الغذائية في دول المنطقة العربية.