ربع محطات الوقود بناها مقاولون غير متخصصين ولم تقيّم «بيئيا» منذ إنشائها

ثلث محطات الدمام أنشئت قبل 15 سنة.. وتجارب «الفئران» في جدة تكشف الأضرار

TT

حذر خبراء البيئة من الأضرار الجسيمة التي تخلفها محطات بيع الوقود على البيئة المحيطة وعلى صحة العاملين والمواطنين، مؤكدين بأن ربع محطات الوقود السعودية تم بناؤها على أيدي مقاولين غير متخصصين، ونسبة عالية من هذه المحطات لا تحتوي على مصائد للزيوت والشحوم، ولم يُجر لها تقييم بيئي قبل إنشائها.

وكشف كل من الباحثين بسام الطوابيني من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وعلي القحطاني من إدارة الدفاع المدني أن العديد من محطات بيع الوقود في المملكة أقيمت منذ مدة طويلة وبشكل عشوائي دون مراعاة للكثير من الأمور التصميمية والتنظيمية ودون إشراف أو مراقبة لأداء هذه المحطات، كما أوضحا أنه من المحتمل أن يكون الكثير من خزانات الوقود الأرضية التابعة لبعض هذه المحطات قد تجاوزت عمرها الافتراضي ولم يتم استبدالها من قبل أصحاب المحطات منذ تاريخ إنشائها، مما يجعلها تتسبب في تلويث المياه الجوفية والتربة نتيجة تسربات الوقود من الخزانات الأرضية القديمة، إلى جانب تراكم المخلفات الصلبة والسائلة كالزيوت والشحوم وتصاعد الأبخرة الضارة المتطايرة من الوقود، خاصة أن حدوث تسرب من هذه الخزانات وتلويث المياه الجوفية بالمواد الهيدروكربونية السامة يمثل مشكلة كبيرة بالنسبة للدول التي تعاني نقصاً في موارد المياه الصالحة للشرب كالمملكة.

وأوضح الباحثان خلال دراسة تسلمت «الشرق الأوسط» نسخة منها حملت عنوان (التلوث البيئي الناتج عن محطات بيع الوقود في مدينة الدمام) أن أكثر من ثلث محطات الدمام تم إنشاؤها قبل 15 عاماً، وأن الغالبية العظمى من المحطات القديمة لم تخضع لعمليات تحديث أو استبدال للخزانات الأرضية، مما يشير الى احتمال حدوث مشكلة التسرب نظراً لتجاوز هذه الخزانات عمرها الافتراضي، وأفاد الباحثان بأن معظم المحطات السعودية تنتج أكثر من 150 لترا من زيوت السيارات يومياً، ومجموع ما تنتجه محطات بيع الوقود في الدمام وحدها يصل إلى أكثر من 9000 لتر يومياً، في حين أن هناك حوالي 20% من هذه المحطات لا تحتوي على مصائد للزيوت والشحوم بداخلها، مما يعني قصوراً في آلية التخلص من المخلفات.تجدر الإشارة إلى أن السعودية وفرت مطلع شهر يناير (كانون الثاني) الماضي نوعي البنزين (ممتاز 91 وممتاز 95)، وحسبما أشارت مصادر في شركة أرامكو السعودية فقد بلغت نسبة المحطات التي أصبحت تقدم هذين المنتجين 85 في المائة من إجمالي محطات الوقود التي عملت على إبدال محتوى خزاناتها بالنوع الجديد مع بقائها على ذات الإنشاءات.من جانب آخر، قيّمت دراسة حديثة أجراها عدد من المختصين النواحي السلوكية والنسيجية في الفئران للتعرف على الأضرار الصحية الناجمة عن التعرض لوقود السيارات في إحدى محطات تعبئة الوقود بجدة، كاشفة عن أن هذه الحيوانات أظهرت تغيرات في بعض نواحي السلوك تعكس تأثيراً مباشراً على الجهاز العصبي المركزي إلى جانب تغيرات في وظائف الكبد والكلى ظهرت على شكل زيادة في نسبة اليوريا وحمض اليوريك في الدم، إلى جانب ارتفاع في مستوى الإنزيمات.وأشارت الدراسة التي اعتمدت على تعريض ذكور الفئران البالغة إلى وقود السيارات في بعض محطات الوقود بجدة وفي المعمل (1000 جزء من المليون) لمدة 13 أسبوعا، إلى أن مادة المطب (MTBE) التي تضاف لوقود السيارات لرفع محتوى الأكسجين تمتص عن طريق الاستنشاق إلى الدم ومنها إلى أنسجة الجسم، مما يجعلها تؤثر على وظائف وتركيب كل من الكبد والكلى. يذكر بأن السعوديين يستهلكون سنوياً حوالي 105 ملايين برميل من البنزين، ويبلغ عدد المركبات التي تستهلك البنزين محلياً قرابة 7 ملايين مركبة، في حين يبلغ عدد محطات بيع الوقود قرابة 6 آلاف محطة موزعة في كافة مناطق السعودية.