معلم يستنبط أحاسيس الأطفال لتلمس مناطق الجمال

الفنانون الصغار يعيدون تدوير أوراق الشجر وعلب المرطبات في قوالب فنية

TT

قبل أيام من تقاعده، يتوقف معلم للتربية الفنية في مدرسة ابتدائية بصفوى، شرقي السعودية، في آخر محطاته الفنية بفناء المدارس، حيث يقيم مع طلابه معرضاً للأعمال الفنية يمزج بين الرسم بالريشة واستخدام الخامات الطبيعية في اعمال فنية مميزة.

المعلم، محمد الحمدان، الذي دأب منذ سنوات في تدريب طلابه على استخدام الخامات المستوحاة من البيئة المحلية في صناعة اعمال فنية، يرى ان الذائقة الفنية للطلاب في المراحل المبكرة خصبة ويتعين الخروج بها من اطار المادة التقليدية التي تعتمد على الرسم فوق الكراس واستخدام الألوان.

يضيف «نقيم ورشَ عمل فنية ضمن المادة الدراسية وأحيانًا خارجها من أجل دفع الطلاب لتلمس مناطق الجمال في الأشياء حولنا».

والمعرض الأخير الذي افتتح في مدرسة ابو بكر الرازي بصفوى يجمع بين اللوحات الفنية التي يرسم فيها الاطفال باستخدام الفرشاة، وبين لوحات اعتمدت على الخامات المختلفة كالمحار وسعف النخيل واشجار القصب، حيث يتم تحويلها إلى اشكال فنية معالجة، كما يضم المعرض لوحات تشكيلية معالجة بالقصدير والسلوفان والليف والسجاد.

ويرى الحمدان أن البيئة المحلية وخاصة الخليجية غنية بالمواد الخام التي تلهم ذائقة الفنان الصغير من أجل استعمالها وإعادة تركيبها في هياكل فنية.

ويضيف «نحرص على أن يتعلم الطفل في مرحلته المبكرة أن المهملات من حوله كأوراق الكرتون والمحارم والصدف والقواقع وبقايا النخيل، بالاضافة للفخاريات التقليدية، يمكن أن يتم تركيبها في قوالب فنية إذا امتلك الطفل الذائقة الإبداعية التي نحرص على تنميتها».

وبرأي الحمدان فإن التربية الفنية لم تعد مادة تثري خيال الطفل إذا اعتمدت على المواد التقليدية، وما دام المعلمون يركزون على حمل الكراس والانتظام في الصف. ويشير إلى محاولتهم تطوير المنهج لكي يمد الطفل عينه الى البيئة ويتصالح معها، مستدلا بأطفال صنعوا من علب الشاي وصفائح علب الألمينيوم ومن عبوات المرطبات الفارغة مجسمات ومركبات توحي بقدرتهم على التعبير.

بالنسبة للحمدان الذي قضى اكثر من 25 عاماً معلماً لمادة التربية الفنية، يرى أن اهتمامه بالطفل في المراحل المبكرة لم يكن بلا فائدة، فالعديد من طلابه صاروا يهتمون بالخامات الفنية التي تعلموا بناءها، وهناك بضعة شباب يقيمون معارض أو يشاركون في أنشطة محلية باستخدام قدراتهم الفنية في التزيين والرسم وتكوين الواجهات.

في معرضه الأخير قام الطلاب الصغار باستخدام الفخاريات وورق الجدران لصناعة أباجورات ضوئية، وقام طلاب آخرون باستخدام أغصان الأشجار في تركيب مشجرات للزينة، واستخدم أطفال نشارة الخشب المدهون باللون العشبي كخلفية لنباتات نابضة بالحيوية، وشكل أطفال آخرون لوحات مشابهة باستخدام القصدير.

ويقول الحمدان «نحاول أن يتعلم الأطفال الاعتماد على انفسهم، فالكثير منهم يتعلم استخدام الخشب والعجائن المختلفة لصناعة مناظر طبيعية ومزهريات وأيقونات فنية مختلفة» ويضيف «يمكن للطفل أن يزين بيته أو غرفة نومه أو طاولة دروسه، ويشعر بالجمال من حوله، وما نسعى إليه هو ان يعبر الأطفال عن إحساسهم عبر هذه الأعمال، وبعض اللوحات تحمل مضامين عميقة يود الأطفال ان يعبروا عنها وأن يفهمها الكبار».