دراسة ميدانية: 99% من «عمالة» المطاعم مصابون بـ«طفيليات» 50% منها معدية

وافقت عليها جامعة الملك عبد العزيز ودعمتها أمانة محافظة جدة

TT

علقت دراسة ميدانية حول مدى انتشار الطفيليات المعوية بين العاملين في مجال الغذاء، الجرس أمام المسؤولين في عدة جهات حكومية، بالإعلان عن أن 50 في المائة من العاملين في المطاعم التي شملتها الدراسة وعددها 225 مطعما وكافتيريا، مصابون بطفيليات معوية معدية، من إجمالي المشمولين في هذا البحث البالغ عددهم 1009 عمال في مجال الغذاء.

وأفصحت الدراسة المسحية، التي أجريت على المطاعم وأماكن الغذاء في الأحياء الراقية في محافظة جدة، عن أرقام مفجعة ـ تحصلت «الشرق الاوسط» على نسخة منها بتحليل نسبة الإصابة بطفيلي الكريبتوسبوريديوم Cryptosporidium والذي يعمل لأول مرة للعاملين في مجال الغذاء على مستوى السعودية، بلغت 99.2 في المائة. وهذا الطفيلي يعتبر من الطفيليات الانتهازية بمعنى أن الشخص الذي لديه مناعة جيدة لا تظهر عليه أية أعراض وبالمقابل إذا انخفضت المناعة مثل المصابين بمرض نقص المناعة المكتسبة فستظهر أعراض على المريض من أهمها إسهال حاد يفقد الشخص خلاله عشرات اللترات من السوائل مع البراز.

وقال الباحث الذي أجرى الدراسة، الدكتور ماجد باواكد، أستاذ مساعد بكلية العلوم الطبية التطبيقية، في جامعة الملك عبد العزيز بجدة، لـ«الشرق الأوسط»، ان الدراسة التي جاءت بتعاون من أمانة محافظة جدة، وان اختياره للاماكن المصنفة بأنها أكثر نظافة، يأتي من باب أولى لإعطاء صورة واضحة عن حجم الإصابات في الأماكن الشعبية الأقل حظوة في مستوى الخدمات.

وأضاف الدكتور باواكد، أن الدراسة استمرت نحو 8 أشهر لتغطية أكبر عدد من أماكن الغذاء، كان يقوم فيها بمعظم الأدوار، من أخذ للعينات، والتجول على المطاعم، وإقناع العمالة بضرورة التعاون، وذلك من أجل توفير التكاليف المحددة مسبقا، والحصول على أفضل نتيجة ممكنة. وأشار الأكاديمي في الطفيليات، وهو أحد التخصصات النادرة في البلاد، أن الدراسة شملت 25 جنسية غير سعودية، غالبيتهم من فئة الشباب، تصدرت العمالة من الجنسيات الهندية والبنغلاديشية والباكستانية، المراتب الأولى عدديا في حجم الإصابة، إذ بلغت في العمال الهنود 172 مصابا من إجمالي 356 شخصا خضعوا للتحاليل، بينما بلغت الإصابة في عمالة بنغلاديش 112 من إجمالي 197 عاملا.

وأبدى الدكتور باواكد، أسفه، على أن 3 سعوديين فقط من الرقم الكلي لشريحة للفحوصات المخبرية، رفضوا التعاون وتزويد الباحث بالعينات المطلوبة. كما قال بأن أحد مطاعم الوجبات السريعة المتخصصة في "الدجاج" لم يبد تعاونا في إخضاع عينات من موظفيه للتحاليل الطبية "بشكل عام معظم محلات الغذاء كانت متعاونة باستثناء عدد محدود وجدنا منهم مماطلة وبالذات من أحد أشهر المطاعم في جدة والمتخصص بدجاج البروست.

وكانت فكرة البحث الميداني تراكمت لدى الدكتور باواكد أثناء عمله بمختبر الطفيليات التشخيصي بمستشفى جامعة الملك عبد العزيز، وأن جنسيات معينة تنتشر بينها الإصابة بالطفيليات المعوية أكثر من غيرها، وعدد كبير من هذه الجنسيات يعمل في مجال الأغذية من مطاعم ومطابخ وكافتيريات وغيرها من الجهات المتخصصة في تقديم الوجبات الغذائية للناس. وأرجع باواكد، وجود مثل هذه النسب المرتفعة رغم وجود تراخيص صحية لهؤلاء العاملين بمزاولة المهنة، إلى عدة أسباب أحدها أن "معظم إن لم يكن كل المستوصفات والمستشفيات التي تتخصص في فحص العمالة تستخدم لفحص الطفيليات المعوية ما يسمى بطريقة الشرائح المباشرة Direct Smears فقط لا غير.

وذكر أن هذا الفحص ثبت أثناء الدراسة عدم جدواها منفردة للكشف عن الإصابات الخفيفة والتي تحتاج إلى طرق مركزة Concentration Technique والتي من أشهرها ما يسمى بتقنية ريتشي Ritchie"s Technique والتي تحتاج إلى مواد كيميائية خاصة وتكون مكلفة بالنسبة لهم. إضافة لضعف الكوادر المتخصصة في فحص الطفيليات.

كما أشار إلى أن هناك من العاملين من أفصح عن أنه حصل على الترخيص وهو في مكان عمله «حصلوا على نتائج الفحص الطبي بدون عمل تحاليل وأحياناً بدون ذهابهم للمستوصف». وأثنى باواكد على الاهتمام الجاد بالبحث، من أمانة محافظة جدة «قاموا بعمل ما يلزم، ومنحي خطابا موجها لمحلات الغذاء يلزمهم بتزويدي بالعينات المطلوبة وطلبوا مني تزويدهم بنتائج البحث بعد إكماله». وأضاف أنه بعد الانتهاء من البحث تم مخاطبة ثلاثة من المسؤولين بأمانة محافظة جدة بخطابات رسمية تشمل نتائج البحث وبعض التوصيات والمقترحات للحد من انتشار الطفيليات المعوية بين العاملين في مجال الغذاء وفي المجتمع.