الصيف.. «يطير» بأحلام مزارعي الأحساء

ارتفاع درجة الحرارة يهبط بأسعار «تباشير» الرطب

TT

لا تبدو تباشير الفرح ظاهرة على وجه سلمان الحمد ذي السبعين عاما، وهو يعرض «تباشير» الرطب أمام زبائنه في إحدى قرى الأحساء، بسبب انخفاض الأسعار. وهذه الـ«تباشير» يسميها المزارعون أيضا «الطيار» الذي هو بكارة وأول قطف الرطب تبركا بـ«التباشير أو البشارة» لأنه يحمل البشارة للمزارعين بقطف حصادهم الذي ينتظرونه عاما كاملا، بعد أن يكونوا قضوا سنة كاملة تقريبا في تسميد النخل وتكريبه والبطاط والتلقيح. وتباع رطبة الطيار عادة بسعر غالٍ يكون سعر سحارة الرطب (صندوق متعارف عليه يستخدم لبيع الرطب) بين 60 و80 ريالا، أما هذا العام فلم يتجاوز سعرها 25 ريالا. ولكن هذا السعر نفسه لم يصمد لأيام فأخذ في النزول إلى 15 ريالا، بعد أن انتشر في الأسواق. ويتوقع الحمد أن يزداد سعره نزولا، بعد أن بدأ بعض المزارعين في قطف رطب «الغَر» الذي هو ألذّ أنواع الرطب ومنافس قوي لرطب الخلاص.

وأرجع سلمان الحمد تدهور جودة وسعر الرطب هذا العام إلى نضجه السريع بسبب الارتفاع الشديد في درجة الحرارة، التي لم تسمح للرطب بأن يبلغ درجة اكتمال حمله التي تمتد ثلاثة شهور، تبدأ من وقت انتهاء تلقيح النخلة، وهو ما يعرف محليا بــ«التنبيت» أي نبات النخلة، فلم يمض على التنبيت سوى 5 أسابيع فقط. وكان يفترض أن تمتد مرحلة نضجه 13 أسبوعا ثم بعد ذلك يقطف.

ويشير المزارع الحمد إلى أن هذه السرعة في النضج، يجعل الثمر «خديجا»، وينعكس ذلك سلبا على حجم الثمرة، وعلى لونها ورائحتها وعلى روائها، موضحا أن الرطب هذا العام يعاني من ضعف في حجم الثمرة ومن تغير طعمها، فقد باتت تميل إلى الطعم البشع وإلى خشونة الملمس واليباس في الأكل.

وذكر أن ذلك يعود إلى قلة المياه وارتفاع درجات الحرارة التي ساهمت في إنضاج الرطب. وقال: «اعتدنا أن تكون درجة الحرارة هذه في شهري يوليو وأغسطس (تموز وآب)، لكن هذا العام فقد جاءت مبكرة وأفسدت محاصيل الرطب». ويضيف الحمد بحسرة واضحة: «التمر أيضا سيكون نضجه سريعا وبالتالي سعره سيتدهور، لأن الثمرة ستكون صغيرة الحجم وغير ريانة».

من جانبه، يشير علي الجاسم ـ صاحب مزرعة ـ إلى أن درجة الحرارة المرتفعة لا تعطي الوقت الكافي للنضج، ويتضح ذلك من لون الرطب الذي يتحول بشكل سريع من اللون الأخضر إلى الأصفر أو الأحمر ـ حسب نوع الرطب ـ أي من الخَلالة ثم إلى البِسرة ثم الرطبة، وهي مراحل نمو الرطب. وأوضح الجاسم أنهم كمزارعين يقومون برش الثمرة مرتين أو ثلاث مرات في العام، بينما في السنوات الماضية، لا يقومون بذلك لعدم الحاجة، معللا رش الثمار بوجود تلوث الهواء وتشبّعه بالغازات والسموم التي تبثها في الهواء المصانع المنتشرة في شمال الأحساء، حيث موقع المدينة الصناعية ومصنع شركة الاسمنت. ويبين الجاسم: «أصبحنا نلاحظ طبقة من الغبار والغازات بشكل يومي تغطي الثمر، سواء الرطب أو التين أو الليمون أو العنب وغيرها من الفواكه، وأيضا الخضراوات والثمار». ويرجع الجاسم ذلك إلى انتشار المصانع، وما أصاب الأحساء من شحّ في المياه في السنوات الخمس الأخيرة، وبذلك أثرت بشكل واضح في جودة الثمار والمنتجات الزراعية.

يشار إلى أن أشهر أنواع الرطب في الأحساء: الغِر والخلاص والهلالي والشيشي وأم رْحيم والشهل والخنيزي والتناجيب والشبيبي والبرحي.