في شوارع جدة.. «من حفر حفرة لأخيه.. وقع فيها»

الأمانة أعلنت خطتها

TT

أفضل مكان للتعليم الميداني بكل الأمثلة والحكم التي تغص بها متون الكتب والمؤلفات العربية هي شوارع جدة، بكل ما فيها من قصص يومية تتسابق عليها الصحف المحلية وتفرد لها صورا مثيرة على أعمدتها، تشكل أعمال الحفريات اللقطة القاسم المشترك في المشهد اليومي لمعاناة الناس.

وتبدو الحكمة العربية «من حفر حفرة لأخيه وقع فيها»، صورة حية لمعاناة الدوائر الحكومية التي تجد نفسها في مأزق مع أعمال الحفريات التي لا تنتهي نتيجة عدم وجود التنسيق بين تلك الجهات لتدفع أمانات المدن الثمن في أعمال «الترقيعات» ولكن على طريقة «لا تصلح الأمانات ما أفسده المقاولون».

يقول فيصل الباهلي، وهو موظف لا يتعدى دخله الألفي ريال، انه يضطر إلى الذهاب بسيارته للورشة بمعدل 4 مرات سنويا نتيجة ما يعانيه وسكان الحي الذي يعيش فيه جنوب جدة.

وبإعلان أمانة جدة أنها قامت برصد وتغطية نحو 7 آلاف حفرة، وأن لديها خطة لثلاث سنوات للانتهاء كليا من أعمال الحفريات حسب الخبر الوارد على لسان مسؤول فيها، فإن هاجس الدوائر الحكومية المعنية بسلامة الأرواح كالدفاع المدني، ستخف حدته لتتفرغ لأعمالها المدنية الأخرى، خاصة أن أعمال الحفر المفتوحة وسوء تطبيق الاشتراطات من جانب المقاولين، تشكل مشكلة أساسية في وقوع الاطفال في بعض تلك الحفر وتعريض حياتهم للخطر وفي أحايين للوفاة.

وفي منتديات الانترنت «الشبابية» تظهر «الحفر» في جدة، كوعاء لاستيعاب حالة السخط التي يعبر عنها الشباب بأمثلة عديدة من بينها، متى تتوقع بعد 100 عام لتأتي الاجابة: أن تظل الحفريات على حالها.. أو أن يعبر آخر عن محبته لأحد فيقول: «أحبك كثر الحفريات في جدة»، فيما ينصح شاب زميله بأن يؤجل شراء سيارة جديدة حتى تنتهي مشكلة الحفريات، وهو ما يعكس حالة يأس عامة لدى الناس من أن مشكلة «الحفر» باتت مرضا مزمنا في شوارع المدينة. ولعل في تحرك الأمانة ما يخفف من حدة اليأس تلك.

وبهطول الامطار الموسمية على محافظة جدة، تتحول الحفر إلى «أفخاخ» لاصطياد السيارات التي تغرق كما يقول المثل الشعبي «في شبر مويه»، إذ اضطر عبد الله الصاعدي، وهو خريج جامعي، لركن سيارته التي كلفته مدخرات سنواته الدراسية وعمله الإضافي، بعد أن غمرت مياه الأمطار العام الماضي سيارته التي كانت ضحية حفرة كبيرة في شارع الستين. يقول «لم تكن المشكلة في هطول الأمطار، كنت أسير بثقة أن عربتي ستتمكن من اجتياز مشاكل سوء التصريف في الشوارع لكني وقعت في الفخ»، مضيفا «من أين لي حتى أدفع لورش التصليح. ما زلت عاطلا عن العمل كسيارتي».

وكانت مشكلة الحفريات قد جعلت طالبا سعوديا يقف أمام الأمير الراحل عبد المجيد بن عبد العزيز، أمير منطقة مكة المكرمة السابق، خلال ملتقى طلابي في جدة، قبل نحو عامين، ليتساءل الطالب زهير الغامدي: متى نرى جدة بلا حفريات. ليأتي رد الأمير عبد المجيد، مطالبا بالصبر وأن لا يتضجر المجتمع وأن هناك نحو 9 مشاريع للصرف الصحي وتصريف مياه السيول ومشاريع أخرى ستحل كثيرا من المشاكل المزمنة لعروس البحر الأحمر.