آخر دراسة رمضانية هذا العام.. وطلاب السادس يحصلون على الشهادة الجامعية من دون صوم

الطلاب يدخلون معمعة الاختبارات في رمضان بعد عشر سنوات

لـ 10 سنوات مقبلة، سيودع طلاب المدارس السعودية الدراسة في شهر رمضان، قبل أن يوافق هذا الشهر اختبارات نهاية العام في السنة الأخيرة للتنظيم الدراسي الجديد («الشرق الأوسط»)
TT

سيكون رمضان الحالي آخر أعوام الدراسة في شهر الصوم وفي أجواء حارة وذلك لمدة 10 سنوات، في حين سيخوض الطلاب والطالبات معمعة اختبارات نهاية العام بعد عقد من الآن، حيث ستحل الاختبارات النهائية لعام الهجري 1438 في الأسبوع الثاني من شهر رمضان من ذلك العام ولمدة 12 يوماً بعدها تحل إجازة نهاية العام في ذلك الموسم الدراسي وبالتحديد في التاسع عشر من رمضان من عام 1438 وهذا يحدث لأول مرة في تاريخ التعليم في السعودية.

وتفاوتت آراء التربويين والمعلمين والطلاب بخصوص الدراسة في شهر رمضان لكن هناك شبه اجماع على صعوبة ذلك، خصوصاً في ظل الاجواء الحارة التي تشهدها معظم المناطق السعودية هذه الايام.

واعلن عبد الله الرشيد رئيس قسم الادارة المدرسية السابق في ادارة التعليم في منطقة الرياض والخبير التربوي في مدارس الجيل الاهلية رفضه لوقوع الدراسة في شهر رمضان، خصوصاً عندما يحل الشهر خلال الصيف كما هو حاصل هذا العام والاعوام المقبلة.

وشدد على ان التحصيل لدى الطلاب خلال شهر رمضان متدن، بل إن انتاجية اطراف العملية التعليمية تسجل في شهر رمضان اقل معدل لها وهو ما ينعكس سلباً على العلمية التربوية والتعليمية ككل.

وأوضح الرشيد بأن الدراسة في رمضان مملة ومزعجة وليست ذات انتاجية، والسنوات الماضية اثبتت صدق ذلك، فالغياب بين الطلاب والمعلمين اصبح ظاهرة، بل إن غالبية الطلاب يتعمد الغياب عن المدرسة خلال رمضان بسبب تغير الساعة البيولوجية للجميع، وبسبب السهر وكثرة المغريات مضيفاً بأن التحصيل الدراسي لدى الطلاب الذين لديهم حرص على الحضور ليس في مستوى تطلعاتهم، كما ان تقبلهم لشرح الدروس ليس في المستوى المطلوب بسبب عوامل تتعلق بالسهر أو الاحساس بالجوع او بالعطش، والكلام نفسه ينسحب على المعلمين الذين يصاب بعضهم بالكسل خلال هذا الشهر كما ان الاجواء المدرسية بشكل عام تشجع على ذلك.

وطرح المدير السابق للإدارة المدرسية في تعليم الرياض مقترحاً، يتضمن ضرور تثبيت الدراسة بصفة دائمة بجعل العام الدراسي ثمانية اشهر يبدأ من شهر محرم وينتهي في نهاية شهر شعبان، وجعل أشهري رمضان وشوال إضافة الى شهر ذي القعدة وشهر ذي الحجة إجازة للطلاب والمعلمين، مع اقتطاع شهر واحد من اشهر الاجازة لتدريب المعلمين وتأهيلهم قبل أن يدخلوا معمعة التدريس، مؤكداً الى أن غالبية المعلمين ينقصهم التدريب، كما أن اكتساب المهارات في التدريس امر ضروري بالمناهج الحديثة تحتاج الى معلمين ذوي مهارات خاصة، ولا يكفي ان يكون المعلم مؤهلاً بشهادته فقط، بل إن المهارة مطلوبة باختيار المعلمين وهذا لا يتحقق ولا يمكن كشفه الا من خلال التدريب.

من جانبه اوضح صالح الحميدين مدير مدرسة عمر بن الجموح الابتدائية في الرياض بأن اسوأ ما في العملية التعليمية ان تقع الدراسة في شهر الصوم وهذا ما لمسناه من خلال السنوات الماضية وبداية هذا العام، فالمعلم غير مهيئ اطلاقاً للشرح لان المتلقي وهو الطالب ليس هو الآخر مهيئاً لتقبل المعلومات او الاستماع للشرح بسبب عوامل قد تكون نفسية بالدرجة الاولى او بسبب السهر في ليل رمضان، والتحصيل، خصوصاً المواد العلمية تحتاج الى ذهن صاف لاستيعابها وهو ما لا يمكن ان يتحقق في رمضان معتبراً ان التقويم المدرسي للسنوات العشر المقبلة راعى هذا الجانب بعد الملاحظات التي أبدتها المدارس حول سير الدراسة في رمضان.

وخلافاً لما ذهب إليه كل من الرشيد والحميدين يؤكد محمد الفرهود وكيل مدرسة الزبير بن العوام بالرياض بانه لا يرى غضاضة في استمرار الدراسة في رمضان مشدداً على أن العيب ليس في وقوع الدراسة في شهر الصوم، بل ان العيب يكمن في الناس طلاباً ومعلمين واسر لعدم تنظيمهم اوقاتهم بشكل جيد وترك الامر للساعة البيولوجية لتغير ساعات يومهم.

ورأى أن التذمر من الدراسة في رمضان يعود لاسباب نفسية بحتة، فالناس جبلوا على تقديم اعذار مسبقة لتبرير اخطائهم وفشلهم وعدم تنظيمهم لساعات اليوم، مذكراً ان الاجيال السابقة درست في رمضان في ظل اجواء اشد حرارة مع غياب اجهزة التكييف والتبريد وكان التحصيل الدراسي في قمة مستواه، بل ان اوقات الدراسة لم يطرأ عليها اية تغييرات وكان الطلاب يتوجهون في الزمن الماضي الى مدارسهم في رمضان في الصباح الباكر ولم يجدوا صعوبة في ذلك.

واعترف الفرهود ان التذمر من الدراسة في رمضان خلق سلوكيات خاطئة سواء من قبل الطلاب او المعلمين مما جعل الغياب يسجل في هذا الشهر الكريم رقماً كبيراً يصل الى 40 في المائة، كما ان الانتاجية تقل في هذا الشهر رغم ان من المفترض ان يكون لشهر الصوم له ميزة، لانه شهر الخير وشهر الصبر، مذكراً بهذا الصدد بأن اهم المعارك في التاريخ الاسلامي وهي معركة بدر وقعت في رمضان وغيرت وجه التاريخ ويكفي ذلك عبرة يجب ان يضعها الناس في اعتبارهم.

واجمع عدد من الطلاب سجلت «الشرق الأوسط» آراءهم امس حول الدراسة في رمضان على أن تحصيلهم الدراسي يقل في رمضان لضعف تركيزهم وكسل معلميهم، مبدين سرورهم لعدم وقوع الدراسة خلال السنوات العشر المقبلة في شهر الصوم.

وقال الطالب علاء الدروبي من ثانوية ابي تمام بالرياض بان الدراسة في رمضان تمثل للطلاب معضلة نظراً لضعف التحصيل وعدم استيعاب شرح المعلم إضافة الى سوء نفسية المعلمين مما ينعكس سلباً على ادائهم.

وذكر علي السهلي طالب جامعي ان الدراسة في رمضان لها سلبيات كثيرة تؤثر في التحصيل الدراسي للطلاب وقد لمس المسؤولون هذه السلبيات واقروا التقويم المدرسي الجديد للسنوات العشر المقبلة الذي تجنب فيه وقوع الدراسة في رمضان. وشدد ليث بن بدر طالب ابتدائي على ان الدراسة في رمضان لا تناسب طلاب اليوم نظراً لوجود مغريات رمضانية تجبر الطلاب على السهر وعدم مراجعة الدروس مثمناً قرار الدولة بتلافي وقوع الدراسة في رمضان خلال اشهر الصيف للاعوام المقبلة وهو اعتراف بصعوبة وسوء الدراسة في رمضان. وكان مجلس الوزراء السعودي قد أقر العام الماضي تعديل القواعد المنظمة للتقويم الدراسي كما أقر التقويم الدراسي للأعوام العشرة المقبلة بدءاً من العام الدراسي الحالي الذي حلّ قبل أيام.

ولوحظ من مواعيد بداية ونهاية العام الدراسي للأعوام العشرة المقبلة أن الدراسة تبدأ في شهر شوال لمدة خمس سنوات اعتباراً من العام المقبل، ثم تبدأ في شهر ذي القعدة لمدة 3 سنوات ثم في شهر ذو الحجة لمدة سنة، علماً أن الدراسة قد بدأت هذا العام في شهر شعبان وقبل حلول رمضان بخمسة أيام، كما تنتهي الدراسة في شهر رجب للأعوام الأربعة المقبلة ثم في شهر شعبان للأعوام الأربعة التي تليها، ثم تنتهي في السنة الأخيرة من التقويم الدراسي للسنوات العشر المقبلة في شهر رمضان.

ووفقاً لهذا التقويم فإن الطلاب والطالبات الذين يدرسون في الصف السادس الابتدائي فما فوق لهذا العام سيحصلون على الشهادة الجامعية دون أن يتلقوا تعليمهم في شهر الصوم.