العمل في موسم العيد: تضحية أم سوء حظ؟

موظفون يقايضون يوم العيد بيومين.. وإعلامي يعمل 10 أعياد بلا انقطاع

TT

العيد موسم سنوي للراحة والاستمتاع بأجواء عائلية حميمة، إلا أن الأمر ليس كذلك بالنسبة للجميع، فبعض العاملين بقطاعات حساسة تقتضي ظروف عملهم ترك العيد واجتماعاته العائلية جانباً وتغليب المصلحة العامة بالذهاب يومياً إلى أماكن عملهم، وهي مسألة ليست بتلك البساطة التي تبدو عليها بادئ الأمر، إذ إن العاملين في العيد إما أبطال لا يعنيهم أي شيء غير راحة وأمن وسلامة المجتمع يهيئون أنفسهم دائما ليكونوا على رأس العمل، خاصة في المناسبات والعطل الموسمية كحال رجال الأمن والدفاع المدني وقطاعات أخرى، أو انهم ببساطة ضحايا لعبة الحظ وقرعة تدور كل عام لتحدد المحظوظ الذي سيتسنى له قضاء العيد في منزله ومع عائلته، ويتوقف الأمر على الطريقة التي ينظر بها كل موظف إلى عمله.

فصول لعبة الحظ هذه تبدأ قبل موسم العيد بقليل ويتحدد من خلالها من يذهب الى إجازته ومن سيبقى وفق شروط لا بد أن تكون مرضية، وتعوض على الموظف المناوب عناء البقاء وحيداً في موسم العيد، وتتراوح هذه الشروط بين التعويض بعطلة بعد فترة العيد تعوض الموظف بيومين عن كل يوم عيد، أو بأخذ عطلة في عيد الأضحى، والقصة ذاتها تتكرر في قطاعات وإدارات مختلفة بدءاً بالأطباء والإعلاميين إلى جانب العاملين في قطاعات خدمية أخرى تشارك في مهرجان العيد السنوي من موقع الموظف الذي يجب أن يقوم بعمله على الرغم من أي شيء آخر.

الدكتور عبد العزيز باعقبة وهو طبيب يعمل بطوارئ المستشفى الجامعي، يضطره عمله في أحيان كثيرة إلى التضحية بالإجازات، وهو ينظر إلى مسألة العمل في فترة الأعياد بواقعية شديدة، ويقول بأنه من الطبيعي أن يحب الإنسان الاستمتاع بإجازته مع أسرته وأن لا يضطر إلى العمل فيها وأن يكون هذا خياره الأول، لكنه إذا كان مضطراً لذلك فعليه القيام بعمله كما يجب على شرط أن يتم تعويضه مادياً وبإجازة بديلة، وعن ردة فعل الأسرة إزاء الاضطرار إلى العمل في المناسبات والأعياد يقول باعقبة «بالتأكيد هناك تذمر كبير من الأسرة، لكنه عمل وفي نهاية الأمر لا بد أن يوجد من يقوم به». التسويات والمفاوضات جزء أساسي في حوارات أي فريق عمل لرسم خطته قبل حلول الأعياد والمناسبات، إذ يجري خلال هذه الحوارات وضع الحوافز والتي تتراوح بين صرف بدل للعمل خلال العطلة، وتعويض العطلة بإجازة أخرى أطول أو كلا الحافزين في كثير من الأحيان، ولا بد أن يكون هناك من يتطوع أو يقرر إنقاذ الموقف باختيار العمل خلال فترة العيد.

ويقول باعقبة بأن عطلة عيد الفطر المبارك، هي العطلة الأكثر عاطفية وروحانية نظراً لارتباطها بالشهر الفضيل، لذلك يفضل معظم الأطباء والعاملين بشكل عام التمتع بإجازتهم فيها، على أن يزاولوا العمل في عطلة عيد الأضحى التي يحرص الراغبون على أداء فريضة الحج على التمتع بها أكثر من غيرهم.

ويضيف «هناك حل توافقي في أغلب الأحيان، وبالنسبة للمستشفى الجامعي، فإن معظم الأطباء العاملين في طوارئه هم من غير السعوديين، لذلك يرحبون عادة بالعمل في فترة العيد لأن عائلاتهم بعيدة وليس لديهم مسؤوليات اجتماعية، كما أن إجازة العيد تعوض بيومين عن كل يوم وهو ما يزيد من رصيد إجازاتهم السنوية».

الإعلاميون أيضاً يضطرهم عملهم في كثير من الأحيان إلى العمل حتى في أوقات الإجازة والراحة وذلك لتقديم صورة متكاملة عن الحدث، لكن المفارقة هي عندما يكون الحدث كيفية قضاء الناس لعيدهم بسعادة ومرح وسط تجمعات عائلية يتركها الإعلامي طواعية للقيام بعمله، لكن دوامة العمل الإعلامي قد تكون في التهامها للوقت والمناسبات والعطل أقسى من كل المجالات الأخرى، كما يقول سعود الخلف مراسل قناة العربية المتنقل.

ويؤكد سعود من خبرة تبلغ 10 سنوات عمل في كل موسم من مواسم الأعياد فيها بعيدا عن عائلته بأن العمل الإعلامي متطلب وهو ينسي العاملين فيه فرحة العيد ويجعلهم كالآلات نوعاً ما، لكنه يستدرك بأن العمل في نقل صورة الأعياد من خلال الأماكن العامة وتجمعات الناس يرسم ابتسامة ويجعل الإعلامي يندمج مع الصورة العامة للعيد، ويخفف من إحساسه بالتعب والغربة لفترة محدودة هي فترة بقائه في موقع الحدث.