ازدحام حركة الطيران الداخلية مع سباق العودة للمدارس والدوائر

العائلات تستعد للدوام .. وأول أيام «الدوام الحكومي» بعد عطلة العيد هو الامتحان الأصعب

طلاب مدارس في طابور الصباح بإحدى مدارس جدة
TT

يخلع اليوم السبت نحو 5 ملايين طالب وطالبة، وأكثر من 600 ألف موظف في الدولة، رداء العيد، ليرتدوا ثياب العمل، بعد إجازة استمرت زهاء 20 يوما، وهي العودة التي تعتبر الاكثر اختبارا لاستعدادات الجهات الخدمية في مواجهة المد البشري، لتزامن عودة الطلاب مع عودة الموظفين، بعد انقضاء إجازة عيد الفطر.

وشهدت حركة الطيران «الداخلية» خلال اليومين الماضيين نسبة حجوزات عالية، كون معظم العائدين من اجازاتهم هم من «العائلات»، إضافة لكون معظم الأسر تفضل قضاء العيد بجوار أقاربها في مدنهم وقراهم المنتشرة على امتداد مساحة البلاد، والتي ترتبط بمحطات طيران تصل لـ25 محطة داخلية.

وتنشط خلال الأسبوع الأول من الدوام الرسمي، العديد من الاقتراحات الموسمية، بين مطالبات بأن يكون هناك فارق زمني مناسب بين مواعيد دوام الموظفين، وأوقات دوام الطلاب والمعلمين، وأخرى تتحدث عن تخصيص اليوم الأول للمعايدة بين أفراد المؤسسات والهيئات الحكومية، وبين تعليقات من مواطنين بأهمية تشديد الرقابة الحكومية على انضباطية اليوم الأول ليتسنى لهم انهاء معاملاتهم «المعطلة» خلال فترة اجازة العيد. ويتوقع أن تشهد نوافذ المعاملات الحكومية طوابير طويلة من المراجعين، لانهاء ما لديهم من معاملات، فيما لن تواجه وزارة التربية والتعليم، ارباكا في يومها الأول الا معدلات الحضور سواء من المعلمين أو الطلاب، حيث كانت افتتحت موسمها الدراسي قبل شهر رمضان وقامت بمهمتها في توزيع الطلاب والمقررات الدراسية والنصاب القانوني لكل معلم، فيما كانت أكثر من جهة أعلنت أن اليوم هو الصباح الاول لاستقبال مبادرات توظيف حكومية مشتركة لطالبي العمل في أكثر من منطقة ومدينة، كما سيكون هو اليوم الاول لاستقبال طلبات الاعفاء من القروض العقارية لذوي المتوفين، وهو ما يعزز فرضيات الزحام في صالات المراجعين.

وداخل البيوت السعودية، تشتعل التعليمات الأبوية، لتهيئة الابناء نفسيا وذهنيا والاستعداد لإعادة الساعة «البيولوجية» إلى توقيتها الصباحي، وهو ما يواجهه عادة الابناء بالرفض رغبة في الاستمتاع بالإجازة حتى آخر ساعة ممكنة من عمرها القصير بالنسبة لهم.

ويقول خالد اليامي، وهو موظف حكومي، بينما كان يستعد لانهاء اجراءات عودته لمقر عمله في مدينة الدمام، أن العودة بالنسبة لرب أسرة مثله تمثل «همّا سنويا لا بد منه» تبدأ المعاناة في تدبير حجز لأسرتي المكونة من 6 أفراد إضافة للخادمة، لتجد نفسك غارقا في هم مصروفات مادية إضافية، وأنت الخارج من معركة العيد ومصاريفه وليس في رصيدك شيء» وأضاف اليامي «منذ منتصف شعبان وحتى اليوم وأرباب الأسر يواجهون مواسم متلاحقة وبشكل ماراثوني».

في المقابل، يمتعض ابنه الصغير عبد الله، الطالب في المرحلة الابتدائية، عندما تسأله عن مدى فرحته بالعودة اليوم، قائلا: «لا أريد العودة..العيد لم ينته بعد» مضيفا «المعلمون يأتون في اليوم الاول وهم (معصبين)» ليضحك والده من تعليق صغيره «أكيد أن زحمة الحجوزات والطرقات هي السبب».

ويتندر موظفون على أسبوع ما بعد إجازة عيد الفطر، معتبرين أنه «أسبوع الترقيات» وكيف أن الموظف يحتاج لأن يصبح رجل «علاقات عامة» من الطراز الأول يشارك بفعالية في احتفالات المعايدة، وتوزيع الابتسامات، وإظهار النشاط أمام رؤساء تلك الاجهزة الذين لا يلتقيهم سوى في مناسبات محدودة، فيما على الجانب النسائي تقول، أم وجدان، وهي معلمة في احدى المدارس الحكومية، ان أحاديث العيد وتكاليفه، تطغى على معظم أحاديث الصباح الأول، فيما تحاول بعض المعلمات، تمرير بعض المشتريات لعرضها أمام زميلاتها، رغم ان الأنظمة الصادرة تقضي بأزياء محددة، وعدم التكلف في إظهار الزينة.

وعلى منتديات الانترنت، وبينها متخصصة بالتعليم، وهو القطاع المعني بالدرجة الاولى بتفاصيل ما بعد عيد الفطر، تبادل الاعضاء الوصفات الخاصة الارشادية بكيفية التأقلم مع أول يوم دراسي، ومنهم من كان يخطط لـ «التغيب» عن اليوم الأول، سلاحهم في ذلك، التذرع بحجوزات الطيران، إذ كان يروي أحدهم، كيف اعتاد منذ سنوات على «أن أحجز في أول يوم للدراسة» قائلا انها «فكرة ذكية لتجاوز زحام اليوم الأخير من الدراسة، وتجنب السلام على بعض ممن لا تحب معايدتهم في مكان العمل».

وتعتبر ربات المنازل «التقليديات» هن الرابح الأكبر بعودة الطلاب والموظفين في آن معا، إذ تبدأ السيدات في إعادة جداولهن الصباحية لترتيبها السابق، وقضاء اوقات مختلفة في «التسوق»، و«الزيارات الصباحية»، اللاتي حرمن منها طوال شهر الصوم وأيام العيد، نظرا لما تمثله مثل هذه «الاصبوحات» من قيمة اجتماعية كبرى لدى السيدات خاصة في المدن الصغيرة والمجتمعات الريفية.