سعودية تجمع الأعشاب من جبال مكة والملح من اليونان لتطلق مستحضراتها التجميلية في لندن

إنعام باقدو لـ«الشرق الأوسط»: البريطانيون استغربوا حمام ما بعد الولادة وعشقوا ماء الورد الطائفي

السعودية إنعام باقدو
TT

من قلب مدينة بريستول البريطانية تتطلع السعودية إنعام أحمد باقدو إلى شهر إبريل من كل عام، حيث تكتسي جبال الطائف في السعودية بالورد الذي يتوافد إليه جامعو الورد الطائفي قبل بزوغ الشمس خشية أن تحرمهم أشعتها الحارة من الزيوت العطرية التي تحملها تلك الورود، فيسارعون باقتطافها وتقطيرها وبيعها بأسعار باهظة، حتى أنها كانت هدية للملوك ردحاً من الزمن.

ومن جبال الطائف إلى بريطانيا، حيث تستقبل ماء الورد وزيوته العطرية إنعام باقدو الدكتورة في علم الأعشاب والمتخصصة في صناعة الأدوية من جامعة «كانت» في منطقة كانت بيري البريطانية، والحاصلة على دبلوم في الطب الصيني، والتي درست تصنيع الأدوية من المواد الطبيعية بأثينا في اليونان المختلفة عن طريقة التصنيع من المواد الكيميائية. وصاحبة شركة «بيان» للمستحضرات التجميلية الطبيعية في بريطانيا والتي افتتحتها 2002م.

تمزج باقدو زيت عطر ورد الطائف وزبدة الكاكاو وفيتامينا لتقدم منتج "بلسم الشفاه بالورد العربي" والشراب المنعش والمعطر للمجتمع البريطاني الذي لاقى تجاوباً تقدم فيه الرجل على المرأة في الميل لرائحة الورد الطائفي المركزة. باقدو التي استغرقت بحوثها لانتاج مستحضرات تجميلية ما يقارب التسع سنوات ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أن كل منتج تقدمه يحمل حكاية حضارة، وأن المناطق التي جلبت منها المواد التي تستخدمها تروي العديد من الحكايات العربية للمجتمع الأوروبي، فمجموعة الحبة السوداء من كريمات وزيوت مرطبة للوجه والجسم تروي تاريخا طويلا وعريقا تحمله، شكلت جزءا من ثقافة الشرق. ومن منبعها من حوض البحر المتوسط إلى مصر والطقوس الفرعونية التي كانت تقتضي دفن النفيس مع المتوفى وكانت الحبة السوداء أحد أهم النفائس المدفونة! ومن تاريخ الحبة السوداء إلى شعبية الهيل كمعطر للفم والذي كان الملهم لانتاج بلسم شفاه «الهيل»، حيث يتم خلط زيت الهيل مع زيت الزيتون وشمع العسل لتكوين طبقة واقية تعمل على تغذية الشفاه الجافة وترطيبها.

ومن دراستها في اليونان اكتشفت بلورات ملح البحر النقية الموجودة بين صخور الأحواض بعد تبخر مياه البحر بتأثير درجة حرارة الشمس، وحسب التقاليد اليونانية في تدليك البشرة بالماء المالح بعد السباحة لأجل التقشير، قررت باقدو تحويل هذه العادة إلى علاج جمالي يضم مجموعة التدليك بالملح اليوناني. وكما استخدمت السعوديات نشاء الذرة في أيام الصيف الحارة ودأبت الأمهات على تعليم بناتهن أسراره وفوائده، استخدمت باقدو ذات الخليط مع ماء الورد للبريطانيات.

ومروراً بماء أزهار البرتقال إلى زيت الزيتون الأخضر والعديد من المنتجات العربية لتصل إلى فكرة شعار «بيان» والذي يجسد فلسفة باقدو في تكامل الحضارات،حيث ان النقش المحيط بالشعار للوهلة الأولى يجعلك تجزم أنه نقش عربي بينما له أصول بريطانية مع إضافات عربية وقد علقت باقدو على ذلك بأن الشعار استغرق منها سنة كاملة ليقدم رسالتها عبر المنتج الذي تقدمه والذي راعت فيه أن تكون العبوة إيطالية والغطاء الفضي من قلب لبنان بينما مواد المستحضر سعودية. ورداً على سؤال لماذا «بيان»؟ أجابت باقدو أن معنى بيان كان «التوضيح» وذلك مناسب جداً لفلسفة شركتها، حيث ان لكل مستحضر تقدمه قصة، تحوي حكاية البلد الذي ينتمي إليه والثقافة المرتبطة بالمادة التي استخدمتها في صناعته.كما أضافت أن المبادرة السعودية من «لوذان سبا» باستضافتها وعرض منتجاتها على الأرض التي تنتمي إليها شجعتها كثيراً على خدمة بلدها بهذا القرب. وعن العقبات التي اعترضتها ذكرت باقدو لـ«الشرق الأوسط» أن جلب المواد الخام من السعودية إلى بريطانيا يقتضي توفر شهادات مرفقة بالمواد الغريبة بعض الشيء على المجتمع البريطاني كماء الورد الطائفي وزيت اللوز الحجازي عدا عن العديد من الأعشاب،كما أنها بذلت مجهودا كبيرا لاخضاع تلك المواد للاختبارات اللازمة لتصنيع المستحضرات وتجربتها.

ومن أكثر المنتجات التي كانت جديدة على البريطانيين، هو حمام ما بعد الولادة والذي لم يعتد الناس على استخدامه! فمن الطقوس المصاحبة للولادة التي تمارسها النساء العربيات خليط خاص مكون من سبعة أعشاب توضع في ماء الاستحمام لمدة أربعين يوما بعد الولادة من أجل تنظيف البشرة والتخلص من السموم المتراكمة في الجسم. وعلى هدى الخليط التقليدي استخدمت باقدو ذات الأعشاب السبعة (اللافندر والعرعر والشب والزعتر ولحاء البلوط وأوراق البلوط والخرنوب) لتقدم مستحضرا جديدا.