الهدوء والسكينة يعودان إلى منى

تسمع فقط أصوات مطارق العمال وأزيز الحفارات

الهدوء يعود إلى مدينة الخيام البيضاء بعد مغادرة ضيوف الرحمن («الشرق الأوسط»)
TT

بعد أيام صاخبة حضنها مشعر منى، عادت بغروب شمس أول من أمس السكينة والهدوء الا من أصوات مطارق عمال البناء وازيز الحفارات التي شرعت صبيحة أمس، بحسب تصريح رسمي، من جديد في اعمال التطوير الخاصة بالمرحلة الثالثة والاخيرة من جسر الجمرات.

«منى» القصة الاكثر اعجازا وانجازا، فهي مدينة كانت وما زالت وستظل مدينة الـ 3 ايام التي تحتضن اكبر تجمع في العالم، ولكنها تظل على مدار العام خالية الا من اصوات العاملين في تطويرها استعدادا لحج عام قادم، ومدينة تعكف الحكومة السعودية على انجاز اضخم المشاريع فيها والتي قدرت كلفتها بمليارات الدولارات.

امس الاول السبت، عندما كانت الشمس على مشارف الزوال كانت «منى» خالية الا من حافلات تقل بقايا حاجيات الحجاج من حقائب وشنط ومفارش، إضافة الى مؤسسات الطوافة التي بدأت في نقل معداتها التي لا تحتاجها الا في موسم الحج.

ولم يكن امر الوداع سهلا بين حجاج بيت الله ومشعر منى، خاصة أولئك القادمين من اقصى الارض، بل جاء المشهد مؤثرا، وايمانيا، بل ان كثيرا من الحجاج لم يغادر حتى اخذ ذكرى يخلدها من ارض منى الطيبة، فهذا هو احد الحجاج الذي اخذ معه كمية من التراب ليغادر بها الى بلاده، بينما حرص آخر على ان يصطحب معه بعضا من حصى منى، في حين اكتفى البعض بالصور التي التقطها لنفسه في مشعر منى وفي الجسر وانحاء متفرقة من المشاعر.

وعندما يكون الحديث عن «منى» ذات التاريخ الفريد في كل شيء فلا يمكن نسيان ما قاله ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان عن منى «بأنها مكان قرب مكة يعمر ايام المواسم ويخلو بقية السنة الا ممن يحفظه». وقدر منى وعلى مدار قرون سالفة ان تكون مدينة الثلاثة ايام التي تستذكر خلال هذه الايام وتنسى بقية العام، حيث لا تجد لك موطئ قدم طيلة ايامها الثلاثة بينما تخلو طوال العام وتتحول احيانا الى اماكن للتنزة لاهل مكة المكرمة.

وبحسب مصادر في معهد خادم الحرمين للأبحاث فانه لا توجد دراسات حتى الآن للاستفادة من منى طيلة العام.

وتمثل المساحة المستغلة من منى التي تقدر بحسب معهد خادم الحرمين بنحو 6 كيلومترات ـ نحو 53 في المائة ـ في حين تشكل 47 في المائة منها الجبال.

و«منى» بحسب الدكتور حسين بن سعيد مؤسس فرانكلين في موسوعته الثقافية لدار المعرفة هي بلدة قريبة من مكة المكرمة تحتضن الجمار الثلاث ومذبح الهدي ومسجد الخيف، وعلى مقربة منها كان غار يتعبد فيه النبي احيانا، وفي منى هم النبي ابراهيم عليه السلام بذبح ابنه اسماعيل وهو ما جعلها موضع الذبح في الحج. ورغم ان تسمية منى ظلت مثار جدل بين علماء اللغة لمبررات واسباب ومن بينها ما اجمع عليه عدد من المؤرخين والعلماء بأن التسمية تعود الى ما يمني أي يتدفق او يراق من دماء فيها يوم النحر. وتشكل الجمرات اهم المعالم الدينية في منى على مدار الايام الثلاثة التي تظل فيها منى عامرة بالحجيج باعتبارها ترمى في كل يوم من الايام الثلاثة التي يوجد فيها الحجاج، وتحد منى من الجهتين الشمالية والجنوبية جبال شاهقة شديدة الانحدار، وكذلك يحدها وادي محسر من الجهة الشرقية، اذ تقدر مساحتها الشرعية بنحو 650 هكتارا منها 330 هكتارا اراض منبسطة في الوادي و300 هكتار تمثل سفوح الجبال.