«السكري» في السعودية.. التحدي «المرّ»

يهدد ملايين الناس

TT

من يقرأ الأرقام المتزايدة للمصابين في السعودية ودول الخليج العربي، بمرض السكري بالتأكيد يشعر بـ«مرارة» هذا الزحف المرضي، فيما تتقدم الخطوات الصحية خطوة ثم تتراجع خطوتين، تحت ضغط الميزانيات والسياسات المختلفة حول مكافحة المرض.

وفي الوقت الذي تتحدث فيه لغة الأرقام أن معدلات التزايد قفزت من 2.2 بالمائة في منتصف السبعينات إلى 24 بالمائة في عام 2004 من المصابين بالسكري، في السعودية والخليج، أي أن ما «بين خمس وربع مواطني دول مجلس التعاون إما مصابون أو سيصابون بالسكري خلال السنوات القليلة المقبلة»، فإن ثقافة استهلاكية يحذر منها الأطباء والمختصون، مرشحة لأن ترفع من غرور الرقم على كافة التحديات التي تعمل عليها جهات صحية ومدنية بالتعاون مع هيئات دولية لكبح جماح المرض.

واللافت في أهمية دعوة مؤتمر اقتصاديات الصحة في دول الخليج، عبر توصياته أول من أمس، إنشاء مجلس وطني أعلى في السعودية، ما تضمنته طوال الاعوام الماضية دعوات العاملين في مجال الغدد الصماء وأمراض السكري، من «عشوائية» الجهود لمواجهة المرض، خاصة مع تداخل مسببات عدة يأتي في أبرزها، ارتفاع معدلات السمنة، نتيجة النمط الحياتي لسكان دول الخليج.

ودخل على خط استشعار خطورة السكري ناشطون في المجتمع المدني، عبر إطلاق جمعيات، وملتقيات، ومنتديات تعنى بالتوعية ضد مرض السكري، غير أن تلك الجهود كانت تواجه عراقيل كثيرة، يمثل «المال» دوما حجر الزاوية، وتلعب الشركات العاملة في مجالات الغذاء، دورا خفيا في ترسيخ ثقافة «الترفيه بالأكل»، الأمر الذي تشير إليه على استحياء تقارير إحصائية من أن خطر البدانة يهدد أكثر من 3 ملايين شخص في السعودية، وأن الرقم يتجه يوميا في مؤشر الصعود إلى نسب أعلى.

ويعتقد متابعون للشأن الصحي في السعودية والخليج، أنه على الرغم من إقرار مجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون في مؤتمره التاسع والأربعين، في مايو (أيار) 2000، قرارا بإعادة تنشيط اللجنة الخليجية لداء السكري ودعوتها للاجتماع بغرض مراجعة الخطط الوطنية لمكافحة هذا المرض ومضاعفاته وتبني برامج توعوية خاصة بهذا الداء، إلا أن ذلك القرار رغم أهميته ظل يراوح بين التطبيق «الشكلي» على مستوى افتتاح عيادات صغيرة، وضعف «النتائج» بدليل الارقام المتزايدة. وفي البيوت والمنازل ومقار الأعمال في السعودية، يكاد الحديث عن السكري ومضاعفاته، والمخاوف من الإصابة به، أحد أكثر الاحاديث اليومية بين الناس. يقول،علي بابكر، وهو شاب مصاب بالمرض لم يتجاوز عقده الثاني، أن إصابته المبكرة حوّلت خريطة اهتماماته الحياتية «أصبحت أتصفح مواقع السكري المتخصصة، وأحادث في (الماسنجر) مصابين مثلي بالمرض.. لم تعد تستهويني منتديات الفن والشباب» مضيفا بينما عينه على مستقبله الدراسي «كنت أتمنى أن أكون أكاديميا رياضيا، لكن حالتي الصحية جعلتني أدرس تخصصا جديدا. آمل أن يأتي صباح أتخلص فيه من إبرة (الأنسولين)».