العمالة المنزلية.. وسياسة الخروج من طوق «الكفالة»

السماسرة أخذوا على عاتقهم مسؤولية تهريبهم وتشغيلهم

TT

يتأرجح وضع الخادمات في السعودية، بين سياسة القمع الاجتماعي، التي تمارسها بعض الأسر من ذوي الدخل المتوسط، واختلاف الثقافة بين السعودية والبلدان التي يتم من خلالها استقدام العمالة المنزلية، الأمر الذي شهدت معه معظم البيوت السعودية، حالات هروب جاء بعضها نتيجة الحمل الزائد للعمل اليومي، أو الرغبة في إيجاد عمل حر خارج طوق الكفالة، ما يحرم الخادمات حقوقا كثيرة، يأتي على رأسها الإجازة، سواء أكانت أسبوعية أو شهرية.

وتتخذ محاولات الخروج من شرنقة تلك السياسة أشكالاً عدة؛ يأتي أغلبها في قالب ردود أفعال شرسة تنطلق سهامها نحو الأبناء أولاً ووضع أكثر من علامة استفهام؛ أمام مجمل الجرائم التي جاء ضحيتها الأطفال؛ من أمثال حرق (سلطانة) ذات الأعوام الثلاثة، والتي اُكتفي فيها بسجن الخادمة 6 أشهر وجلدها 120 جلدة، في حين تتصدر مافيا الخادمات قائمة الآثار السلبية على كافة شرائح المجتمع السعودي، والتي تختلف نوعية أعمالها الإجرامية بحسب انتماءاتها العرقية والجنسية. الأمر الذي شكّل أولى ملامح ما يُعرف؛ في عوالم الخادمات الغامضة بـ«السمسرة»، يتزعمها رجال في الغالب من نفس الجنسية، أخذوا على عاتقهم أمر تهريب الخادمات، وتوفير محرضين؛ في مختلف المناطق للعمل على ذلك، وإعادة تشغيلهن بمبالغ تتجاوز الراتب الأساسي، المعتمد من قبل وزارة العمل وبحسب الاتفاقيات الموقعة، ناهيك من إعادة الحقوق المستلبة.

ولا يقف أمر العمالة المنزلية، عند الباب الخلفي لإعادة التشغيل، بل إن مغارة علي بابا التي تفتح لهن أبوابها عبر اللمسة السحرية، لمنسك العمرة والحج، تُدخل كل المستفيدين لعوالم أخرى، وبقدر ما باعدت بين الخادمة والكفيل، قاربت بين الخادمة والسيدة، عبر مواثيق الزواج، وكثيراً ما تجاوزتها لعالم البغاء.

ولأن العمالة المنزلية شرٌ ابتُليت به الأسرة السعودية، وإن حمل في بعض جوانبه، بعض الإيجابيات، مكّنت المرأة السعودية من النجاح في عملها، وحملت عنها بعض الأعباء المنزلية، وفي أحيان أخرى كل الهم الأسري، إلا أنها عرضت الخادمات أنفسهن؛ في أوقات كثيرة للإيذاء الجسدي، والتحرش الجنسي؛ بالإضافة إلى احتمال تأخير الراتب، ناهيك عن تقاضيه من الأساس، ما حمل وزارة العمل عن تشكيل إدارة خاصة، مكلفة بحماية حقوق العمال الأجانب، وفرض عقوبات على أصحاب العمل ممن يُسيئون معاملة الخادمات، وحرمانهم من طلب خادمة مرة أخرى لمدة خمس سنوات.

وفيما تتصدر الخادمة الإندونيسية، قائمة العمالة المنزلية الأكثر استقداماً، على الرغم من كثرة مشكلاتهن، وتسجيلهن النسبة الأكبر في عداد العمالة الهاربة، أمام العمالة الفلبينية والحبشية، يأتي دخول العمالة العربية، والتي تحتل صدارتها العمالة المصرية، ولو بنسبة ضئيلة في تخصصات، تحاول الخروج من الشكل التقليدي للخادمة، عبر مسمى الطاهيات والمربيات والحاضنات إلى جانب الإشراف المنزلي، وهو ما تم التوقيع عليه عبر مذكرة التفاهم بين وزارة القوى والهجرة المصرية واللجنة الوطنية للاستقدام. كل ذلك يأتي أمام المطالبة بتوطين عمل الخادمة، من خلال رفع شعار العمل الشريف، في محاولة لإيجاد وظائف تساعد الأرامل والمعدمات السعوديات، عن طلب العوز والحاجة، تحت مسمى مدبرة منزلية، وهو ما جاء في تصريح وزارة العمل من باب «جحا أولى بلحم ثوره».