السعودية: إنشاء جمعية لحماية المستهلكين تجيب عن السؤال الأصعب منذ أشهر

بعد أن ظل الاستفهام يراوح بين عدة جهات معنية

متبضعون في أحد الأسواق الكبرى
TT

أجابت الحكومة السعودية أول من أمس، عن السؤال الأصعب، الذي ظل يردده المواطنون والمقيمون، بعد أن شهدت أسعار السلع ارتفاعا حادا في درجة حرارتها، بإعلانها إقرار تنظيم جمعية حماية المستهلك في البلاد، تتولى العناية بشؤون المستهلك ورعاية مصالحه والمحافظة على حقوقه والدفاع عنها.

ويأتي التحرك الحكومي، الذي أقر على أرفع مستوى، في خطوة يرى المحللون أنه لتحفيز مؤسسات المجتمع المدني، على رفع جاهزيتها نحو تبني قضايا المستهلكين التي تمس احتياجاتهم الحياتية وفق عمل مؤسساتي، والاطلاع على تجارب الدول الأخرى في قضايا حماية المستهلك.

وجاءت في حيثيات الإعلان في قرار مجلس الوزراء السعودي مفردات مباشرة للتعبير عن دور الجمعية، كالحماية من (الغش،التقليد، الخداع، الاحتيال، التدليس)، وهي المفردات التي يعتقد المتابعون للشأن المحلي أن التعاطي معها أصبح من أساسيات المعالجة عند الحديث عن حماية المستهلكين.

وقالت آسيا آل الشيخ، الخبيرة في المسؤولية الاجتماعية، لـ«الشرق الأوسط»: ان دخول السعودية في مجال حماية المستهلك، يأتي في وقت بات من الضروري فيه وجود مثل هذا الاتجاه لدعم المناخ الاستهلاكي للافراد، وضمان عدم استغلال أي مستجدات اقتصادية في ظهور موجات من الارتفاعات السعرية غير المبررة، من دون مراعاة من الشركات والمؤسسات لتأثير مثل هذه السلوكيات السوقية في دورة المال عند الناس في الحياة اليومية.

وأضافت آل الشيخ، أن الحديث عن حماية المستهلك، سيرفع من حساسية القطاعات الخدماتية نحو «سمعتها» ومدى سلامة مواقفها تجاه المستهلكين، وهو ما ترى بأنه سينعكس ايجابيا على المدى المنظور في تحقيق مفهوم التنمية المستدامة. وحول أهم الأدوار التي يمكن أن تلعبها الجمعية، ذكرت آل الشيخ، بأن وجودها كجمعية تساهم في الوعي العام، وتشكل قوة ضغط شعبية أمام كل اتجاه سلبي، هو من العوامل الأساسية لإبراز دور مثل تلك الجمعيات في العالم، التي قالت انها استطاعت إعادة هيكلة مفاهيم الأسواق العالمية في كثير من البلدان، كون دور تلك الجمعيات ينطلق في عدة اتجاهات أخلاقية وقانونية وتطوعية وتوعوية.

وبحسب تقارير عربية فإن دولا مختلفة كانت قد بدأت بتأسيس جمعيات لحماية المستهلك، تهدف لرسم السياسات وتحديد الأطر التي يتحرك من خلالها المستهلكون، لحماية احتياجاتهم الحياتية المختلفة. غير أن عوائق كثيرة من بينها ضعف التفاعل المدني في انضمام أفراد لتلك الجمعيات، وتسارع الأحداث المحيطة اقتصاديا، تظهر بعضا من تلك الجمعيات في موقف «أضعف» أمام قوى السوق. ويعتقد المراقبون، أن توقيت إقرار الجمعية جاء في الوقت المناسب، خاصة أن مسوحات للرأي حسب ما تتعاطاه المنتديات العامة سواء في وسائل الإعلام أو عبر الشبكة العنكبوتية، تدلل على اتجاه الأفراد لتأسيس تكتلات ضد الشركات والمؤسسات وحتى القطاعات الحكومية المعنية بمراقبة الأسعار ومستويات الجودة، يتعاطى خلالها الأفراد مفردات التشجيع على مقاطعة السلع «المقلدة» أو «المغشوشة» أو المرتفعة سعريا. وبرز التنظيم داخل تلك الشرائح التي يشكل الشباب معظم جمهورها، من خلال اعداد قوائم للمنتجات أو الشركات التي يرون مقاطعتها والتبرير حيال ذلك. في وقت تعود فيه أبرز أشكال المقاطعة وفق أسس سعرية بعد موجة الارتفاعات في أسعار الأرز، الذي يعد الوجبة الشعبية الأولى عند السعوديين، وما تبع ذلك من قرارات حكومية على هيئة «مبادرات» بتوفير دعم لبعض السلع لمواجهة موجة الغلاء في الأسعار، الذي بات يهدد معظم السلع الضرورية والكمالية. وكانت جهات مدنية قد أعلنت عزمها إنشاء جمعيات أهلية لحماية المستهلك، تقوم على العمل التطوعي، لنشر التوعية وتثقيف المجتمع بكيفية التعامل مع حالات الغش والخداع والغلاء، فيما يشكل القرار بتنظيم جمعية حكومية لحماية المستهلك، برأي المتابعين، أحد الأشكال التكاملية بين المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني في إدارة قضايا المجتمع وفق آلية تراعي أولوية المهام لتحقيق التكامل بين ما هو تشريعي وما هو رقابي أو توعوي.