خالد الفيصل.. مارس هوايته من جديد في اكتشاف السياحة عبر «الليث»

بعد أن استشرف المستقبل على ظهر يخت بحري طاف به الساحل الغربي

TT

ليس أمام رجالات السياحة والاستثمار بعد زيارة الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة، لمحافظة الليث، اليومين الماضيين، سوى ضبط عقارب ساعاتهم على أهمية الوقت في قراءة ساعة المستقبل، لتحويل هذه المحافظة الصغيرة إلى قبلة سياحية عالمية تجلس على عرش من «الجزر الساحلية» وكنز من الفرص التي تتقافز كالأسماك بانتظار صيادين مهرة.

وعندما تقلد الفيصل، إمارة منطقة مكة المكرمة التي تضم شريطا ساحليا غربيا من المحافظات، كانت الحناجر تردد بيته الشهير: «دستور يا الساحل الغربي.. فليّت في بحرك شراعي»، وعينها على مبادرات سياحية وتنموية تمنح هذا الشريط الساحلي فرصة للتعبير عن نفسه أمام العالم كواجهة تمثل نسيجا فريدا من الامكانات السياحية.

وأعطى الأمير خالد الفيصل، درسا في احترام الوقت، وهو يسير وفق جدول زمني محدد، كان يبدو مرهقا لكثير من العاملين في القطاعات الحكومية، فيما كانت رسالته واضحة وهو يؤكد أن «العالم يتقدم بالثانية والدقيقة والساعة ولا بد أن نحترم الوقت ونتكيف على إيقاعات العصر الحديث لا مجال للاسترخاء أو تعطيل المشاريع أو الغفلة نحن في زمن السرعة وإذا لم نتجاوب سيفوتنا قطار العصر، وإذا تخلفنا عنه فلن يقف أحد ليلحقنا بالركب المتسارع».

عامل الزمن الذي كان قد بدا واضحا في سلوك زيارة الفيصل، هو ما التقطه في حديثه لـ «الشرق الأوسط»، الأمير عبد الله بن سعود آل سعود، رئيس اللجنة التنفيذية لمهرجان أبحر السياحي، حيث أشار إلى أهمية النظر الى «بيروقراطية» أداء بعض الجهات الحكومية، التي قال إنها لا تساعد على تسريع خطوات الاستثمار في المجال السياحي، موضحا أن مبادرة الأمير خالد الفيصل في دعم محافظة «الليث» لتكون واجهة سياحية عالمية تدعمها رؤيته كرجل سياحة من الطراز الأول، وصاحب تجربة ثرية إبان توليه إمارة منطقة عسير.

وحول المغامرة بإنشاء مرافق سياحية ضخمة في ظل ضعف البنية التحتية في المنطقة المحيطة، ذكر الامير عبد الله بن سعود، أنها فعلا مغامرة ولكنها «مغامرة محسوبة»، مشيرا الى ما تزخر به محافظة الليث من امكانات سياحية وجزر بحرية، وشواطئ للغوص، جعلت منها أحد أكثر المناطق التي أعطت انطباعات جيدة للوفود السياحية التي قدمت من داخل البلاد وخارجها طوال السنوات الخمس الماضية.

وطالب الامير عبد الله بن سعود، الذي يترأس أيضا مجلس إدارة مجموعة الأحلام للسياحة البحرية، بإشراك القطاع الخاص في صناعة القرار السياحي، وأن لا تظل مشاركتهم في اللجان الحكومية بشكل «استشاري»، منطلقا في هذا الاتجاه من ضعف الفكر الاحترافي بمفهوم السياحة عند بعض العاملين في القطاعات الحكومية وهو ما يعطل برأيه الكثير من «المبادرات السياحية الجريئة».

وعلى طريقة أن العجلة لا تحتاج إلى اختراع أساسا، تحدث الأمير عبد الله بن سعود عن أهمية الاستفادة المحلية من التجارب العالمية في تهيئة وتطوير المبادرات السياحية وآليات العمل والتنفيذ، وصناعة مناخ سياحي عام جاذب، سواء للمستثمرين محليا وعالميا، مبديا تفاؤله بما دار من نقاشات مع الأمير خالد الفيصل، في مسرح المكان وعلى متن يخت بحري طاف بأمير مكة المكرمة، حول الجزر السياحية التي تزخر بها الليث، وشاهد إمكانية استثمارها، وجعلها نقلة في حياة السكان المحليين، بعد توافد المستثمرين سواء من أصحاب (الأشمغة الحمراء) أو أصحاب (ربطات العنق).

ويأمل الناس في تلك المحافظة وشقيقاتها، ممن التقت بعضهم «الشرق الأوسط»، أن يكون هذا العام محفورا في ذاكرتهم، كبداية عصر جديد مع التنمية السياحية التي يرون أنها فرصتهم في تغيير النمط الحياتي والاعتماد على مهن وحرف صغيرة، لا تقاس مداخيلها بحجم الفرص القريبة من أعينهم، عندما تتغير البنية التحتية، ويصبح في امكانهم أن يروا وجوها جديدة تزورهم كل يوم، وتتبضع من أسواقهم، وتقتني منتجاتهم اليدوية، ويصبح من أبنائهم مرشدون سياحيون، ومديرو فنادق، وموظفو علاقات عامة، وطباخون محترفون، وعشرات من المسميات الوظيفية التي يسمعون عنها فقط في وسائل الاعلام. زيارة الامير خالد الفيصل، التي خلت من كل المظاهر الاحتفالية، لم تخل من روح المسؤول المواطن، الذي أكد على أهمية صناعة الإنسان والالتفات للتنمية البشرية، كما لم تخل من لقطات نادرة لمسؤول حكومي رفيع المستوى، كتلك اللحظة تفاعل معها الحضور عندما وضع فيها الفيصل إصبعه على أنفه واعدا إحدى السيدات التي انتظرته عند سيارته، بتحقيق كل متطلبات المواطنين، وهو الوعد الذي يغني عند العرب عن عشرات الوعود المكتوبة.