طلاب سعوديون يعيشون قلق ما بعد الثانوي وعيونهم على برنامج الابتعاث

التعليم العالي: المرشد ضروري لتحديد مسارات الطلاب * التربية والتعليم: تحديد مسار ما بعد الثانوية ليس من اختصاص المرشد

قلق طلابي لصحة اختيارهم التخصص الجامعي بعد المرحلة الثانوية
TT

لم يتمكن سعيد، وهو طالب سعودي في السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية، من تحديد مستقبله الأكاديمي، ففي حين كان زملاؤه يتندرون بأن طلاباً أعلى منهم مستوى كانت أمنيتهم أن يدخلوا كليات مثل الطب، والهندسة، والعلوم، والحاسب الآلي، لم يتمكنوا بعد إلحاح على جميع الجامعات والكليات والمعاهد سوى من الحصول على مجرد مقعد يقيهم العوز الأكاديمي..

فبالنسبة لسعيد، الذي يؤدي اليوم امتحان النصف الأول من الثانوية العامة، لا يهم كثيراً ماذا تريد، ويقول «إن الطالب في السعودية هو الوحيد الذي لا يمكنه أن يحلم بمستقبله العلمي، أو يحدد خياره الجامعي..».

لكن طلاباً آخرين، كانوا أقل تشاؤماً، وجدوا في برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي فرصة سانحة لتوفير مقاعد دراسية لآلاف الطلاب الذين عجزت وزارة التعليم العالي عن استيعابهم. وكانت الحكومة السعودية اطلقت منذ تسلم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز مقاليد الحكم، برنامجاً طموحاً لإرسال آلاف الطلاب سنوياً للخارج، خاصة في الولايات المتحدة الامريكية وأوروبا واستراليا وبعض دول آسيا، لدراسة تخصصات علمية وتطبيقية.

ثمة طالب آخر، هو «حسين»، وهو واحد من آلاف الطلاب والطالبات في السعودية، الذين يجلسون حالياً على مقاعد التخرج من المرحلة الثانوية، ويشتكون من انعدام التوجيه والإرشاد من قبل وزارتي التعليم، والتعليم العالي، عن مرحلة ما بعد الثانوية، من أجل الالتحاق بالقطاعين الحكومي والخاص، والذين يلقون باللوم عادة على إدارات التربية والتعليم في المناطق السعودية، في تحديد وتوجيه ميول الطلاب، خصوصا «المرشد الطلابي» يرون أنه مقصر باتجاه إرشادهم وتعريفهم بالمسارات العلمية والعملية.

يقول حسين، ان المرشد الطلابي في المدرسة، يسعى إلى معرفة المستوى التقديري للطالب، ومعدل درجاته في كل مادة دراسية، من أجل توجيه الطالب ومساعدته في حال وجود ضعف في تحصيل بعض مواده الدراسية، من أجل تحسينها في المستقبل، موضحا، أن المرشد الطلابي عادة يركز على درجات الطلاب، وتغيبهم عن المدرسة، أما بخصوص إرشاد الطلاب وتعريفهم بالجامعات وتخصصاتها ومعرفة ميول ورغبات الطلاب المستقبلية، فهي تكاد تكون معدومة، وعن نفسه أنه يسعى جاهدا للحصول على معدل مرتفع للالتحاق بالجامعة، وان خالف ميوله.

ويشير الطالب بدر السعيد، إلى سعيه لمعرفة بعض التخصصات الجامعية، من خلال أقربائه وأصدقائه، لمعرفة المعدلات المطلوبة، في الجامعة، خصوصا رغبته في الحصول على مقعد في التربية الخاصة في جامعة الملك سعود في الرياض، مضيفا أن أكبر عائق يواجهه، هو جهله بالتخصصات الموجودة ومساراتها، والمعدل المطلوب لكل تخصص، مضيفا أنه يسعى لمعرفة ذلك من خلال الانترنت، وعن دور المرشد الطلابي في تعريفه برغبته وميوله، أضاف أنه يعتمد على نفسه، وأن المرشد الطلابي لم أر منه توجيها بخصوص ذلك خلال الدراسة، واضعا لومه على إدارة التربية والتعليم في عملية عدم وجود مرشدين أكاديميين لإرشاد وتوجيه الطلاب للجامعات والكليات التي تتوافق مع ميول الطالب ومعرفة الجامعات والكليات بكل تفرعاتها العلمية والأدبية والمهنية، مؤكدا أن طالب اليوم يبحث عن حجز مقعد دراسي فقط.

وتقول الطالبة منى العبد الكريم، انها تسعى للحصول على معدل مرتفع، يؤهلها للحصول على مقعد دراسي في إحدى الجامعات والكليات المنتشرة في السعودية، وانها تسعى جاهدة حول ذلك، مضيفة أن المرشدة الطلابية في المدرسة تهتم بالتحصيل الدراسي أكثر منه بتوجيه الطالبات نحو الجامعات والكليات التي تتناغم مع رغباتهن وميولهن الدراسية.

وحول وجهة نظر المسؤولين، حول وجود المرشد الأكاديمي في مدارس البنين والبنات، يقول الدكتور سمير العمران مدير التربية والتعليم للبنات في المنطقة الشرقية، أمس، بأنه ليس هناك مرشدة أكاديمية، إنما توجد مرشدة طلابية مهامها وعملها مختلف عما يوجد في الجامعة كـ «مرشدة جامعية»، وللمرشدة الطلابية عدة أدوار متنوعة، من ضمنها دورها في توجيه الطالبات في قضية اختيار التخصصات الجامعية، وذلك بتعريف الطالبات بأنواع التخصصات الجامعية التي تتماشى مع ميولهن ورغباتهن. مضيفا أن المشكلة الأساسية تكمن في أنه لا يوجد بوزارة الخدمة المدنية، مسمى مرشدة طلابية متخصصة أو أكاديمية في المدارس، فهؤلاء جميعهن معلمات، في علم النفس أو علم الاجتماع، يقمن بعمل مرشدة طلابية، ولذلك فإن عملهن ينصب في توجيه الطالبات وتعريفهن بالمرحلة الجامعية، وهو اجتهاد نسعى إلى تطويره في المستقبل من خلال الدورات والمحاضرات والتدريب، مع وجود مرشدات يفدن الطالبات كثيرا في مسألة توجيههن واكتشاف رغبات وميول الطالبات لمرحلة ما بعد الجامعة.

واضاف أن أغلب الطالبات اللاتي لم يجدن مقعدا دراسيا في التخصصات التي يرغبن بها، ليس لضعف الدور الذي تقوم به المرشدة الطلابية، موضحا ان ذلك راجع إلى محدودية المقاعد المتاحة في الجامعات والكليات في بعض التخصصات المطلوبة.

ويقول العمران، إن هناك أعداداً كبيرة من المعلمات، اللاتي يلتحقن بسلك التعليم، لم يتم تعيينهن كمرشدات.

وبين العمران، أن المرشدات الطلابيات يساهمن في تبيين التخصصات الجامعية ومعرفة ميول ورغبات الطالبات وإرشادهن بشكل صحيح، بيد أنه يحتاج إلى التطوير في المستقبل وهو ما تسعى إليه إدارة التربية والتعليم. من جهته، قال مدير التربية والتعليم في المنطقة الشرقية، الدكتور عبد الرحمن المديرس، ان هناك أكثر من 60 في المائة من خريجي الشرقية، متخصصون في المجال العلمي، وأن المرشد الطلابي، له دور في ذلك، بحيث لا يمكن إجحافه، في عملية توجيه الطلاب في مرحلة ما بعد الثانوية، سواء في التخصصات العلمية أو الأدبية أو المهنية، مضيفا أن إدارة التربية والتعليم تركز على التكاملية في مسار الطالب، حتى تخرجه من الجامعة، مضيفا أن المرشدين الطلابيين يقومون بتوجيه الطلاب وتحديد رغباتهم، من خلال بعض الدورات والمحاضرات، إضافة الى الزيارات الميدانية إلى الجامعات والكليات، وأن العمل لا يقتصر على المرشد الطلابي من خلال المدرسة فقط، كذلك الأسرة والجامعة وجميع شرائح المجتمع، من أجل تحقيق الهدف المنشود من الطالب وتحقيق الجودة المطلوبة والتي نسعى لها، وأن ذلك لا يتم إلا بتضافر جهود الجميع.

وأوضح المديرس، أن إدارة التربية والتعليم عقدت عدة جلسات، بخصوص المهمة الملقاة على إدارة التربية والتعليم في توجيه الطلاب، من المرحلة الثانوية إلى ما بعدها، بالنسبة للجامعات وفيما يتعلق بالالتحاق بالدراسة أو القطاع الخاص، وهو سوق العمل، وهناك جهود تبذل لتحسين هذا التوجه لتحقيق الشراكة بأخذ الطلاب وتعريفهم بالجامعات أو التخصصات المطلوبة، وتوزيع بعض المنشورات والكتيبات عن مراحل الجامعة والمسارات العلمية والأدبية والدراسة فيها، وهناك حملة تستهدف كل القطاعات الحكومية والخاصة، لتعريف الطالب بسوق العمل، من خلال عقد الندوات والدورات التدريبية، حيث توجد هناك اختبارات قدرات يمكن من خلالها للطالب أن يحدد مساره العلمي أو الأدبي أو المهني، وعن دور المرشد، أوضح المديرس، أن هناك جهوداً مبذولة للتحسين المستمر لجميع قطاعات التعليم وكذلك المرشد، بهدف التقدم بالطالب وتوضيح وشرح الصعوبات التي تواجه الطالب بعد الثانوية، وفي حال تقديمه وتسجيله في الجامعات.

مؤكدا، أن دور الطالب وتحديد مساره بعد الثانوية، لا يختص بالمرشد الأكاديمي، في إدارة التربية والتعليم، كذلك الأمر يتعلق بالأسرة والمجتمع بكافة شرائحه والقطاع الخاص في توعيته وتحديد الأهداف والطموحات للطالب الثانوي وتخطيطه المستقبلي، وهي أمور تكاملية بين الجميع.

وأشار الدكتور عبد الله المعجل، وكيل وزارة التعليم العالي، للعلاقات الثقافية، إلى أهمية وجود مرشد أكاديمي في المرحلة الثانوية، خصوصا في الثالث الثانوي، يتم من خلاله توجيه الطلاب باختيار التخصص الجامعي أو المهني، وذلك من أجل تحديد رغبات وميول الطلاب داخل الثانوية العامة، والذي يتم من خلاله أيضاً التواصل مع الجامعات وتعريف الطلاب بالتخصصات، كذلك أهمية إقامة زيارات ميدانية للطلاب للجامعات، والتعرف على الدراسة الجامعية والالتقاء بأعضاء هيئة التدريس، وأضاف أن هناك بعض الأدوات التي من خلالها يمكن أن يتعرف المرشد الأكاديمي على ميول الطلاب ورغباتهم من خلال الاختبارات وبعض الإبداعات والمهارات التي تظهر عند الطالب في المجال العلمي أو الأدبي وحتى المهني مثل مجال القطاع الخاص مثل الكمبيوتر وبعض الأعمال في قطاع الغاز والنفط. هنا نأتي لما خطط لتفعيل التكامل بين المدارس الثانوية والجامعات ويتم ذلك عن طريق تشجيع التفاهم والتواصل فيما بينها عن طريق عقد مجالس داخلية تتألف من منسوبي المدارس الثانوية والجامعات لتنفيذ الاتساق بين التخصصات الأكاديمية في المراحل الجامعية والمراحل الثانوية عن طريق اختيار مواد جامعية ومحاضرات تقدم من قبل أساتذة الجامعة في المدارس الثانوية وذلك سوف يساهم بدوره في تهيئة الطالب للحياة الجامعية وتجهيزه مما يساهم في إيجاد سلاسة في الانتقال من المرحلة الثانوية إلى المرحلة الجامعية، هذا بالإضافة إلى وجود المرشد الأكاديمي المؤهل في الثانوية وفي الجامعة لمساعدة الطلاب على الاختيار والتخطيط المستقبلي. أما بالنسبة لإتاحة المجال للتعليم الجامعي أمام جميع الطلبة فتقوم كل جامعة «قسم، كلية» بتطوير نظام الفلسفة التربوية الخاص بها وسياسة قبول مبنية على أهدافها يظهر في أسلوب الاختيار ومضمون الاختبار كما تنشر هذه الفلسفة على المواقع الخاصة على الإنترنت من أجل أن يتعرف عليها الطالب وهو في المرحلة الثانوية ويتجهز لها في حال رغبته للتقدم للتسجيل. والعمل على استخدام طرق مختلفة إضافة لامتحانات القبول مثل المقابلات الشخصية والأخذ بالصفات الشخصية والقدرات المهارية والخبرات بدلا من التركيز فقط على المؤهلات الرسمية الأكاديمية، وبذلك تتحقق وبشكل متوازن العدالة في الاختيار للطالب وللجامعة أيضا. وذكر التقرير أيضا أهمية توفير فرص التعليم الجامعي للكبار أو لمن انقطعوا عن التعليم بعد الثانوية لأسباب اجتماعية أو مالية من خلال الأخذ بالاعتبار منجزات المتقدم في حياته العملية وبذلك لا تحرم أي شريحة من المجتمع من الحصول على حقها في مواصلة التعليم في حال رغبت في ذلك.