المهندس عبد العزيز الحقيل: القطار سيكون وسيلة النقل الأكثر شعبية في السعودية بعد 5 سنوات

رئيس «الخطوط الحديدية» أكد لـ«الشرق الأوسط» أن نزع الملكيات الخاصة سيكون التحدي الحقيقي لمشروع الجسر البري

المهندس عبد العزيز الحقيل
TT

مشروع الجسر البري الذي يربط شرق السعودية بغربها، يعد واحداً من أكبر مشاريع النقل في المنطقة العربية، ينتظر إطلاقه بشكل نهائي والبدء في تنفيذه قبل نهاية العام الجاري، بطول يبلغ 1165 كم، حيث سيربط بين ميناء الملك عبد العزيز وميناء الجبيل على الخليج العربي، بميناء جدة الإسلامي على البحر الأحمر، فيما تعمل المؤسسة في أثناء ترسية المشروع على الائتلاف الفائز على التسويق لمشروع آخر هو قطار «مكة ـ المدينة ـ جدة» والذي تنوي تنفيذه بنفس الطريقة، وهو نظام البناء والتشغيل ثم الإعادة «BOT». «الشرق الأوسط» التقت رئيس المؤسسة العامة للخطوط الحديدية المهندس عبد العزيز الحقيل في الدمام، للحديث عن هذه المشاريع وعن مشاريع أخرى ينتظر أن يتم إطلاقها لتكتمل شبكة النقل الحديدي في السعودية مثل مشروع ربط المنطقة الجنوبية بالجسر البري، وإحياء مشروع قطار الحجاز القديم، لربط السكك الحديدية المحلية بالسكك الحديدية العالمية.

* متى يصبح القطار وسيلة نقل شعبية في السعودية؟

- حالياً يعتبر وسيلة نقل شعبية بين المنطقة الشرقية والرياض، لكن حتى تكتمل الشبكة ويستطيع المسافر أن ينتقل من القريات إلى جازان عبر القطار، يحتاج ذلك إلى وقت، والخطط التي نسير على ضوئها تقول إنه في عام 2013 سنكون قد حققنا الجزء الأكبر من الاستراتيجية، وهو تنفيذ الجسر البري وقطار «مكة ـ المدينة ـ جدة» بالكامل، هذان المشروعان سيرتبطان مع شبكة قطارات التعدين في الشمال التي بدأ تنفيذها، كما سيرتبطان مع سكة قطارات الجنوب التي انتهت المؤسسة من دراسة جدواها، وهذه مشاريع ضخمة لا بد أن ننجح فيها، ولا مجال للخطأ بأي حال من الأحوال.

* بحكم قرب تقديم العطاءات المالية لمشروع الجسر البري، هل سيتم البدء في تنفيذ المشروع بعد إعلان الائتلاف الفائز؟

- من المتوقع أن يتم الانتهاء من دراسة وتقييم العروض المالية والفنية للائتلافات المتأهلة لمشروع الجسر البري السعودي واختيار العرض الفائز والعرض البديل في غضون مدة أقصاها بداية شهر مايو 2008، وسيتم إعلان الائتلاف الفائز الذي سيتولى البدء بتنفيذ المشروع وتشغيل الشبكة القائمة بعد أن تؤول إليه أصول وممتلكات وموظفو المؤسسة.

* الخط الحديدي الوحيد في السعودية أفرز ميناء جافا واحدا في مدينة الرياض، بعد تنفيذ مشروع الجسر البري، هل سيكون هناك عدد من الموانئ على غرار هذا الميناء، وكم عددها وما هي المدن التي يتوقع أن تقام فيها هذه الموانئ؟

- مشروع الجسر البري سيربط موانئ المملكة الرئيسية في كل من جدة على الساحل الشرقي والميناء الجاف بالرياض وسط المملكة وميناء الملك عبد العزيز بالدمام مع وصلة لربط ميناء الجبيل شرقاً، ما يعني عدم وجود حاجة لإنشاء موانئ برية جديدة لأن المناطق التي يخدمها الخط الحديدي الجديد تستفيد من خدمات الموانئ القائمة، ونتوقع أن تقام مدن صناعية على امتداد الخطوط الجديدة مما قد يتطلب إنشاء موانئ جافة في المستقبل على غرار الميناء الجاف بالرياض.

* هل روعي في خط سير مشروع الجسر البري تنمية مناطق جديدة لم تأخذ كفايتها من الخطط التنموية، وهل ستقام محطات على خط سير هذا المشروع بهدف إقامة مراكز حضرية تجلب اليها المواطنين للتخفيف من الضغط على المدن الكبرى؟

- الخطوط الحديدية تلعب دوراً مؤثراً في تنمية المناطق التي تمر بها كما تعمل على تحريك النشاط الاقتصادي ومضاعفة معدلات النمو الصناعي والاجتماعي بشكل كبير، حيث تبرز صناعات جديدة يمكن أن تنشأ وتظهر مع تكامل الشبكة مثل صناعة التعدين، وصناعة النقل العابر «ترانزيت» وصناعات ثقيلة أخرى، كما أنها ستسهل تدفق المسافرين والبضائع بين هذه المناطق والمدن الكبرى ما يعني إيجاد فرص عمل جديدة تحولها إلى مناطق جذب ومراكز حضرية، ومن الطبيعي أن تكون هذه المزايا والمعطيات حاضرة وأخذت في الاعتبار أثناء إعداد الدراسات الخاصة ببرنامج التوسعة، وتم النظر إليها والتعامل معها باعتبارها عوامل مشجعة ومؤكدة لجدوى الاستثمار في مشاريع بناء الخطوط الجديدة.

* كيف سيتم مرور الخط الحديدي في بعض المدن مثل الرياض وجدة؟

- المسار المقترح للخط الحديدي الذي تم اعتماده لا يمر من داخل المدن وانما يأخذ مساره في أطرافها حتى لا يحدث أي ارباك لحركة السير داخل المدن لأن الهدف من إنشاء هذه الخطوط هو تخفيف الضغط على الطرق البرية وفك الاختناقات المرورية التي تحدث عادة داخل المدن، ومسارات الخطوط الجديدة يجب أن تكون خارج المدن، وسنبدأ قريباً في نقل الخط الحديدي الذي يمر في مدينة الهفوف في الأحساء إلى خارج النطاق العمراني.

* كيف سيتم نزع ملكيات الأراضي الخاصة لصالح المشروع؟ - المشروع أخذ في الاعتبار السير بموازاة وقرب الطريق البرية التي تربط مدينة جدة بالرياض، وذلك تلافياً لمشكلة نزع الملكيات والتي اعتقد أنها تشكل تحدياً حقيقياً للمشروع، كما أنها تشكل إزعاجاً لنا لأننا لا نعرف الحجم الذي ستصل اليه.

* كم عدد مسارات الجسر البري؟ وما هي السرعات المقترحة على هذا الخط؟ وكم نسبة قطارات الركاب إلى قطارات الشحن؟

- إن النشاط الرئيس لمشروع الجسر البري السعودي هو شحن البضائع وتسهيل وتطوير نشاط النقل بين الموانئ في السعودية، ومعظم إيرادات هذا الخط سيأتي عن طريق هذا النشاط، فيما سيمثل نقل الركاب نشاطاً فرعياً إلا أنه سيحظى بنفس الاهتمام باعتبار أن برنامج التوسعة يركز على تقديم خدمة نقل سريعة وآمنة، بواسطة قطارات حديثة وسريعة، وهو ما يدعو إلى تسيير رحلات يوميا تستوعب أعداد المسافرين وأن تكون سرعات قطارات الركاب أعلى من 200 كلم/ساعة.

* عند ربط شرق السعودية بغربها، ما هو تأثير ذلك على حركة الاستيراد والتصدير في الموانئ السعودية، خصوصاً أن الجسر يربط بين أكبر ميناءين في السعودية؟

- سيكون للمشروع تأثير كبير على مسارات النقل في المنطقة نظراً للموقع الجغرافي والاستراتيجي المتميز للسعودية، وسوف يخدم الجسر البضائع الواردة من أسواق شرق آسيا عموماً عبر ميناء الملك عبد العزيز بالدمام وأسواق أوروبا وأمريكا الشمالية عبر ميناء جدة الإسلامي، ويعني ذلك جذب المزيد من التجارة العابرة وتحقيق وفورات في اقتصاديات النقل في المنطقة، وتشير التوقعات إلى وصول أعداد الحاويات المتداولة على الجسر البري في عام 2015 إلى أكثر من 700 ألف حاوية نمطية أي ما مجموعه ثمانية ملايين طن من المشحونات ستتدفق إلى أسواق السعودية والدول المجاورة.

* البعض يرى أن مشروع قطار المشاعر المقدسة لم يحظ بالاهتمام الدولي الذي حظي به مشروع الجسر البري على الرغم من أهميته الاقتصادية والدينية؟

- يمثل مشروع قطار مكة المكرمة ـ المدينة المنورة السريع أحد العناصر المهمة لبرنامج التوسعة، وقد أطلق هذا المشروع المهم في منتصف عام 2006 في مؤتمر دولي عقد بمدينة جدة وسط حضور اقتصادي عالمي ومحلي، وقد قامت المؤسسة العامة للخطوط الحديدية فيما بعد وبمشاركة الفريق الاستشاري بإعداد وثائق طرح المشروع التي أخذت في الاعتبار المواصفات الفنية المتعلقة بالسرعة وتوافر أعلى درجات الأمان والراحة إضافة إلى مواكبتها لأحدث التقنيات،وتم في اثر ذلك دعوة المستثمرين والشركات المهتمة بالاستثمار في المشروع، وتستعد المؤسسة حالياً لطرح وثائق المشروع وطلب تقديم العروض الفنية والمالية من الائتلافات المتأهلة للمشروع وهي ستة ائتلافات من أصل سبعة تقدمت بطلبات التأهيل، وسيتم إعطاؤها فترة لا تتجاوز ستة أشهر لتقديم هذه العروض الفنية والمالية التي سيتم على ضوئها اختيار العرض الفائز والعرض البديل على غرار ما تم في مشروع الجسر البري السعودي، وتعتبر المدة الزمنية من بداية إطلاق المشروع لحين الوصول إلى هذه المرحلة «أقل من عامين» قياسية جداً إذا ما أخذنا في الاعتبار الزمن الذي تستغرقه مثل هذه الإجراءات القانونية والفنية المتبعة في تنفيذ مشاريع مماثلة.

* إذاً متى سيعلن عن بدء تنفيذ مشروع قطار المشاعر المقدسة؟ - سيتم الإعلان عن الائتلاف الفائز بالمشروع في النصف الثاني من العام الجاري، وسيبدأ المستثمر في التنفيذ مطلع عام 2009.

* إقامة مشاريع كبيرة في مجال النقل وتسهيل الحركة المرورية بطريقة الإنشاء والتشغيل والإعادة، على غرار مشروع قطار المشاعر المقدسة هل ترونها مناسبة لإقامة مشاريع مشابهة داخل المدن الكبري «الرياض» لحل مشكلة الزحام وتسهيل عملية التنقل داخل المدينة؟

- هذا الوقت مناسب لبناء مثل هذه الشبكات داخل مدن كبرى مثل الرياض، من ناحية الوفرة الاقتصادية التي تشهدها السعودية وكذلك من ناحية المساحة فهذه المدن ما زالت تتمدد وما زالت هناك مساحات يمكن أن تستغل لهذه المشاريع، ومن الأفضل تبنيها لحل مشاكل الاختناقات المرورية التي تعرقل حركة السير داخل المدن.

* هل مات مشروع «قطار الحجاز القديم» وهل هناك نية لربط شبكة السكك الحديدية السعودية بالخطوط الحديدية الدولية؟

- على العكس، هذا المشروع يجري حوله نقاش جدي في هذه الفترة وننظر له بعناية واهتمام، ولا تزال هناك رغبة لدينا في إعادته، عندما نغطي معظم مناطق السعودية من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الوسط، فسنكون ضمن الدول التي تمتلك شبكة سكك حديدية حديثة ومتكاملة، وسيوفر ذلك أرضية مناسبة لربط البلاد سككياً بالدول العربية المجاورة، وهذا ما يعني إمكانية الربط السككي دولياً عبر شبكات الدول العربية التي تربطها مع السعودية حدود مشتركة.

من جانب آخر تجري حالياً اتصالات مكثفة لربط الدول الأعضاء بمجلس التعاون وهناك لجنة مشكلة من وزارات النقل بهذه الدول لتفعيل هذا المشروع، والأخرى عبارة عن اتفاقية الربط السككي بين دول جنوب غربي آسيا التي ترعاها اللجنة الاجتماعية والاقتصادية لدول جنوب غربي آسيا «اسكاوا».

* المنطقة الجنوبية من السعودية تتميز بالكثافة السكانية إضافة إلى إمكاناتها السياحية، هل لدى المؤسسة رؤية حول إطلاق مشروع قطار يمر بهذه المنطقة ويربطها بالجسر البري؟

- انتهت المؤسسة من دراسة جدوى إنشاء خطوط حديدية في المنطقة الجنوبية، وشملت الدراسة إنشاء خطين حديديين يربط الأول الطائف بالجسر البري من جهة ومدينة خميس مشيط من جهة أخرى، بينما يربط الآخر مدينة جدة بجازان، وتطرقت الدراسة إلى أعداد المسافرين وأحجام النقل المتوقعة على هذين المسارين وكذلك التكاليف التقديرية لانشائهما وننتظر موافقة المجلس الاقتصادي الأعلى على المشروع لنبدأ مرحلة التسويق له.

* هل سيطرح الائتلاف الفائز جزءاً من أسهم المشروع للاكتتاب العام في السوق السعودي؟

- هذا الموضوع سابق لأوانه وهناك ضوابط كثيرة تحكم هذه العملية وسيتم الاعلان عنها حال توفر أي معلومات من هذا النوع.

* كم تبلغ الحصة الدنيا للمستثمرين السعوديين في الائتلافات المترشحة لتنفيذ مشروع الجسر البري، وهل هذه النسبة إلزامية للتأهل للمنافسة على المشروع؟

- الائتلافات المتأهلة للمنافسة على المشروع يقودها مستثمرون سعوديون وهي ائتلاف إجيلتي لوجستكس، ائتلاف مدى، ائتلاف بن لادن السعودية، ائتلاف المهيدب «ترابط» وتضم هذه الائتلافات شركات محلية وعالمية متخصصة في بناء وتشغيل منشآت السكك الحديدية.