«ارتفاع الأسعار» و«الأجواء المعتدلة» ينعشان الرحلات «البرية» في السعودية

شبان يفتتحون مشاريع تجارية ويقدمون الخدمات الضرورية للمخيمات

TT

دفع ارتفاع أسعار أماكن الترفيه في السعودية اضافة الى الأجواء المعتدلة التي تشهدها معظم المدن والمحافظات في المنطقتين الغربية والوسطى والمتزامنة مع إجازة منتصف العام الدراسي من زيادة إقبال العوائل السعودية على الرحلات البرية، خاصةً مع التوجه الحكومي لتدشين مهرجانات وفعاليات سياحية في المدن الصحراوية، كحائل وبريدة والخفجي والخرج.

ويعلل فهد السلامة، مسؤول قسم الرحلات في مجموعة الزاهد للسفر والسياحة بجدة في حديث لـ «الشرق الأوسط»، ارتفاع الطلب على برامج الرحلات البرية بعشق السعوديين لفنون السياحة الصحراوية ولكونها لم تتأثر بارتفاع الأسعار الذي طال كل وسائل الترفيه، بحسب قوله، مضيفاً بأن إمكانية التمتع بمزايا الطبيعة والجو المعتدل والمساحات المفتوحة من دون الحاجة لدفع مبالغ طائلة أو انتظار الدور والشواغر تدفع بالعوائل السعودية للخروج في مثل هذه الأجواء من السنة للمسطحات البرية.

وأردف السلامة بأن بعض الشباب حاول الاستفادة من هذه الفترة في إيجاد مشاريع تجارية بسيطة تتمثل في تقديم الخدمات الضرورية بالقرب من المخيمات والمتنزهات، من مياه ومواد غذائية وبنزين، عبر سيارات متنقلة تخدم المارة، بما يعينهم على استثمار إجازة منتصف العام الدراسي والحصول على عائد مادي جيد.

ويبدو أن فايروس العشق «البري» انتقل أيضاً للأجانب والزوار ولم يقتصر على السعوديين، كما يقول السلامة، الذين أضاف بأن هناك مجموعة من الأجانب والعرب أصبحت تجذبهم هواية التخييم البري وطقوسها السعودية، مشيراً إلى معرفته ببعض الهنود الذي يستمتعون بالإقامة لأيام في البر من دون الحاجة لاستعمال الكثير من الخدمات، ومع رغبتهم الملحة في اكتشاف مغامرات وطقوس هذه الرحلات.

وفي الوقت الذي ينجذب فيه أهالي المنطقتين الوسطى والشرقية للخروج إلى المواقع البرية البعيدة عن المدينة بمسافة تزيد عن 100 كلم، كالصمان والنفود والتنهات وروضة خريم والنعيرية والسفانية، يفضل أهالي المنطقة الغربية الخروج إلى المواقع البرية القريبة كما يوضح السلامة، مضيفاً بأن الإقبال الكبير على المتنزهات البرية في الغربية عادة ما يكون في قرية الرايس والليث والمواقع الواقعة بالقرب من ينبع.

فيما يقول عبد الرحمن الفهد، أحد هواة الرحلات البرية، ان رغبته هو وأصحابه في اقتناص كل إجازة للذهاب إلى البر والتخييم لأيام طويلة نابع من الرغبة في التخلص من ضغوط الحياة والقيود الاجتماعية، مضيفاً بأن أجمل ما في البر هو الانقطاع عن الضوضاء والناس والخدمات والالتزمات، وهو ما يجعله يفضل عدم ارتداء الساعة وإقفال الهاتف النقال للشعور بالاختلاء عن العالم لأطول فترة ممكنة.

وفي ذات السياق، تشهد محلات المستلزمات البرية الواقعة على المعابر البرية إقبالاً كبيراً في مثل هذه الفترة من كل عام لشراء لوازم «الكشتة»، من فرش النوم المصنوعة من القماش والثلاجات التي تعمل على بطارية السيارات، بالإضافة إلى الحطب والأواني البلاستيكية وبعض المواد الضرورية في الطبخ من ملح وبهار وليمون، خاصة أن لذة الرحلات البرية لا تكمن إلا بتحضير كبسة البر، كما يقول محمد الموسى، أحد هواة الرحلات البـرية، الذي يضيف بأن لذة الكبسة «البرية» تكمن في عشوائية تحضيرها ونكهتها الممزوجة برائحة الحطب.

وتعتبر الكبسة هي المنافس الألذ والاختبار الأصعب لمهارات الشباب البرية، حيث يوضح الموسى بأن الشخص الذي يتقن صنع كبسة اللحم تقع على عاتقه مهام إدارة الرحلة والتخطيط لها، لكون تحمل مهام الطبخ يعني أنه الأكثر دراية بشؤون الرحلة وتنظيمها، وأردف الموسى بأن للطهي البري لذة مختلفة، سواء في تحضير الكبسة أو عجن الخبز أو تحضير قرص الجمر (الجمرية البرية).

ولا يحلو التخييم البري من دون ممارسة الرياضة الصحراوية، وعلى رأسها هواية التطعيس (القيادة فوق الكثبان)، حسب ما يرى الموسى، حيث يعتبر التطعيس رياضة سعودية بخواص عالمية، كونه يجمع بين الإثارة، والضوضاء، والسرعة، ويحمل قدراً من المخاطرة. خصوصاً مع تجمع جماهير الشباب هواة الاستمتاع برؤية تنافس سيارات الدفع الرباعي، والسيارات ذات الحوض (الونيت)، والدبابات الرباعية على كثبان جبلية، أو في مساحة شاسعة من الرمال لاختبار القدرة على التحمل والسرعة.

يشار الى ان الهيئة العليا للسياحة قد اعلنت قبل أيام انطلاقة فعاليات رالي حائل السنوي، وصرح المهندس مبارك السلامة رئيس لجنة الفعاليات المصاحبة لرالي حائل وممثل الهيئة العليا للسياحة، في ذلك الحين بأن الهدف من هذا الحدث هو وضع منطقة حائل على الخريطة الدولية للسياحة الصحراوية، مضيفاً بأن الأمر الذي «بدأ يتحقق بوجود منظمي للرحلات لأول مرة وذلك ليتمتع زوار المنطقة ببيئتها النقية وآثارها الغنية، بالإضافة إلى الهدف الرياضي بتثبيت رياضة السيارات في المملكة على المستويين الإقليمي والعالمي ووجود سائقين سعوديين محليين».