خالد الفيصل يعيد «النابغة» و«الخنساء» إلى سوق عكاظ

بعد أن غابت عنه عيون الشعراء

TT

ليس بعيدا عن شمال شرق الطائف وبمسافة 45 كلم، حطت رحال الأمير الشاعر خالد الفيصل، ليعيد النابغة الذبياني، وقس بن ساعدة، وحسان بن ثابت، والخنساء، لسوق عكاظ، مرةً أخرى بعد أن غيبتهم السنين تلو السنين عن هذه الحاضنة.

وحلت أمس الأول خطى الفيصل في نفس الموقعة التي شعرت فيها قريش بخطر المهددين لها بعد واقعة الأحباش في عام الفيل، ليعيد الفيصل إرثاً عظيماً من الشعر العربي حين سمت خطاه نحو موضع قبة «الأدم»، التي كانت تنصب للنابغة الذبياني، والتي كانت فيصل الشعراء، يلقى بالشعر بين ثنايا النابغة ليحكم ويفصل بين الشعراء في ما كانوا فيه يختصمون.

ودأبت تلك الخطى الواثقة لأمير منطقة مكة المكرمة، التي اختارت من عكاظ منبراً للبداية تلك الوقفات في المفصل التاريخي لعكاظ في نفس الموضع الذي أطلق فيه النابغة لقبه الشهير «أشعر الناس»، قاصداً به الأعشى، وملقباً في ذات المكان ما قاله عن الخنساء بأنها أشعر النساء وأشعر من كل ذات مثانة.

عكاظ الذي تغيبت عنه عيون الشعراء وردمت ساحته الشعرية أغبرة من الزمن كان المحور الرئيس في زيارة خالد الفيصل التفقدية وتزامنت في وقت أومأت فيه بعض الوسائل الإعلامية الخارجية، أنها سحبت البساط وجلبت عكاظ لحاضنتها، حيث كان التحرك واللفتة سريعتين من رجل اختمر بالثقافة وتمدرس في كنفها، بحيث تذكرت شرائح ثقافية مختلفة وقفة الفيصل في سوق عكاظ بذات الوقفة، التي وقفها امرؤ القيس على أطلاله، وقف أمير منطقة مكة المكرمة مستدركاً قول أبي ذؤيب الهذلي «إذا بني القباب على عكاظٍ ـ وقام البيع واجتمع الألوف». ووقف يلملم من الماضي قول حسان بن ثابت في ردهات عكاظ «سأنشر ما حييت لكم كلاماً، ينشر بالمجامع من عكاظ».

وتوالت الحقب والأزمنة التي اهتمت بعكاظ ليتجدد حاليا المكنوز اللغوي والتجليات الحضارية التي كانت في العصر الجاهلي، تلك الحقبة التي أسست الدور الثقافي لعكاظ كأكبر مؤتمرٍ للعرب وبداية الرسول صلى الله عليه وسلم حين شهد عكاظ محارباً في صباه ومتسوقاً ثم جاء الأمويون الذين كانت الطائف رافداً مهماً لهم ومركز نفوذٍ في الحجاز حين أمر معاوية بن أبي سفيان بإنشاء السدود والاهتمام بالزراعة.

ويأتي سوق عكاظ في الاهتمام الأول ثقافياً للدولة السعودية وحكامها لما لها من رافدٍ مهم في تقوية وشائج الشأن الأدبي والثقافي والاجتماعي، حيث تقف الاستعدادات على قدم وساق في هذا المنبر بمتابعة مستمرة من أمير منطقة مكة المكرمة، بغية إعادة مكانة عكاظ إلى نصابها، وأن تكون عكاظ منارة حضارية ترتبط بالنسق الثقافي الشعري القديم، ولتجري على ترابها ما جرى في عصور فارطة من مناشط اجتماعية كمظاهر الصلح القبائلي وإشارات السلم والفروسية واحتواء الأنسجة الثقافية المختلفة وصهرها في ذلك الكرنفال المتجانس.