مطالب بقانون يجرم السرقات الفكرية في معرض الرياض للكتاب

عادل الماجد: غياب الأنظمة التي تعيد الحق لأصحابها شجع على تمادي البعض

TT

يطرح معرض الرياض الدولي للكتاب موضوع «السرقات الفكرية» للنقاش، بعد أن عادت للواجهة مجدداً في ظل ازدياد حالات السرقة وغياب شبه تام لقانون يجرمها، وتزامن ذلك عقب إجهاض مشروعٍ تبناه متخصص سعودي في الحقوق الفكرية والأدبية رصد من خلاله 200 حالة سرقة فكرية شهدتها البلاد.

ويناقش كل من الاعلامي عادل الماجد وفاطمة الوهيبي من السعودية، ومحيي الدين محسب من مصر، خلال ندوة تقام مساء اليوم في ختام فعاليات النشاط الثقافي للمعرض، أسباب ودوافع السرقات الفكرية مع طرح نماذج للسرقات وأساليب كشفها، والظروف التي تحيط بحقوق المسروق والحلول المطروحة للقضاء على هذه السرقات بكل صورها وأشكالها من خلال إيجاد قانون يجرّم التعدّي على حقوق الآخرين الأدبية والفكرية.

وأكد عادل الماجد، الذي تبنى قبل سنوات مشروعاً لرصد السرقات الفكرية جمع خلالها 200 سرقة فكرية وتوقف العمل بالمشروع لأسباب لم يفصح عنها، أن السارق هو الأقوى في حلقة السرقات الفكرية على اختلاف طرقها وتنوع أساليبها، مشدداً على أن غياب الأنظمة التي تعيد الحق لأصحابه، بل وعدم وجود جهة يلجأ إليها المسروق أو مكتشف السرقة، شجع على تمادي البعض في ذلك.

واعتبر الماجد أن البيئة المحلية خصبة للغاية لقيام هذا النوع من السلوك الخاطئ «فتربيتنا تشجع على ذلك، ففي المدارس والجامعات تباع وتشترى كتب مسروقة، وهناك أبحاث جاهزة تباع وتعطى لطالبها وما عليه سوى كتابة اسمه على البحث، بل إن بعض أساتذة الجامعات يسرقون أبحاث طلابهم وينسبونها لأنفسهم». ورأى «أهمية أن نضع ضمن أولوياتنا الأمانة والصدق والعدل في كل عمل نقوم به ونربي أنفسنا عليها منذ الصغر».

وأشار إلى ضرورة إقرار قوانين صارمة تجرّم السرقات الفكرية وتطبيق مبدأ «تقييم الضرر» المترتب على هذه السرقات وعدم الاكتفاء بقرار تعويضي للمسروق لا يتعدى سعر بيع أعداد محدودة من الكتاب أو الفكرة المسروقة من دون الأخذ في الاعتبار الضرر الحاصل من الإساءة لاسم المسروق من قِبل السارق والتقمص الفكري، ناهيك عن الجهد الضائع الذي بذله صاحب الفكرة أو الكتاب، واستولى عليها السارق من دون وجه حق.

وحول معرض الرياض الدولي للكتاب والإشكاليات التي تحدث سنوياً في ما يتعلق بالحرية الممنوحة للكتب المعروضة، علق الماجد بقوله: «منذ سنوات أتساءل: متى تنتهي سفرياتي من أجل شراء الكتب؟، واضطر لزيارة عاصمة من عواصم المعارض الكبيرة التي تغني فضول عاشقي الكتب، لكن بعد المعرض السابق للكتاب شعرت أن حاجتي للسفر من أجل كتاب في مراحلها الأخيرة، خصوصاً بعد افتتاح المعرض الدائم والسريع الشامل (الانترنت)، ويكاد يجمع الجمهور بشتى تياراتهم وثقافاتهم أن المعارض السابقة المرتبطة بالجامعات أثبتت فشلها الذريع عبر سنوات طويلة يتراجع فيها المعرض عاماً بعد عام».

وأضاف الماجد أن تنوع الكتب وتنوع مصادرها وتنوع الخدمات الثقافية المصاحبة هي مطلب الجمهور، لافتاً إلى أنهم يختلفون في تقديرهم للحرية الممنوحة للكتب المعروضة، رغم اتفاقهم على أن الحرية المطلقة لم تتحقق في معرض فرانكفورت بألمانيا، ولا غيره.

وشدد الماجد على أن الصراع والخلاف والنقاش يكمن في: مَن هو الذي يقدر هذه الحرية؟ ومن المرجع في ذلك، والأسس التي يمنع ويفسح على أساسها كتب المعرض؟، وأضاف: «لماذا تكون الكتب التي تشتمني مفسوحة تحقيقاً لحرية الفسح، والكتب التي تشتمك ممنوعة لأن الحرية لها حدود؟».

ورأى أن هذه الجدلية ليست جديدة، لا زمانياً ولا مكانياً، إذ يمارس فيها الصراع بشتى أشكاله، إلا أنه يرى أن الجديد في هذه الجدلية هو عدم السماح للمعترض أن يعترض أو يناقش أو يجادل أو يعترك بالأيدي، وهذه ـ بحسب قوله ـ ممارسات معتادة في شتى دول العالم بلا استثناء.

واعتبر الماجد أن كثيراً من المدافعين عن حرية بيع الكتاب غير قادرين على استيعاب حرية مَن يريد الوصاية على الكتاب في إنكاره للحرية، وهذا تناقض في إدراك مفهوم الحرية.

وأكد أن معرض الرياض الدولي للكتاب 2008 من خلال برنامجه الثقافي، كان جريئاً في طرح موضوع السرقات الفكرية، واصفاً ذلك بالحساسية بسبب تعلقها بجميع المثقفين على اختلاف توجهاتهم، وأضاف: «وقد عاصرت معركة كبرى عند تبني مشروع السرقات الأدبية قبل عشر سنوات، ولا أخفيكم أن قوى الاختلاس عصرتني، بل وأعلنت الاستسلام الأبدي ضد مجموعات متنوعة ونافذة تتربع على كنوز ليست لها».

ويذكر الماجد بأن المشروع الذي كان بصدده قبل عقد من الزمان كان يحتوي على أكثر من 200 سرقة في مجال الكتاب فقط، فضلاً عن الأرقام الهائلة في سرقة المقالة والكاريكاتير واللحن وعشرات الحقوق، وقال الماجد: «تلك الأرقام الهائلة من السرقات اغتالت الإبداع في منطقتنا العربية، فكان عشرات الرموز الحالية التي تتصدر وسائل الإعلام ما هي إلا رموز وهمية قامت على أكتاف آخرين ضعفاء لا حول لهم ولا قوة، لكن مَن يجرؤ على الكلام».