تحذيرات حكومية من التغرير بمواطنين بدعوى التبرع لبناء المساجد

خبير أمني: جمع التبرعات بطريقة عشوائية يؤدي إلى عواقب وخيمة

مسجد في طور البناء تتصدره لوحة عن عدم التبرع لبناء المسجد («الشرق الأوسط»)
TT

سجلت دعوات التبرع لبناء المساجد حضورا لافتا في مختلف المخططات الجديدة أو الاحياء السكنية القائمة في المدن السعودية. وهو ماحذرت منه مصادر مسؤولة في «الشؤون الاجتماعية» و«الشؤون الاسلامية» المواطنين من الانخداع والسماح للمحتالين باستغلالهم والتغرير بهم والحصول على تبرعات منهم، تحت دعوى بناء مساجد او مشاريع خيرية اخرى، مشددة على ضرورة تسليم تبرعات بناء المساجد الى الجمعيات والجهات المختصة بذلك.

وذكر الدكتور علي بن سليمان الحناكي مدير عام الشؤون الاجتماعية بمنطقة مكة المكرمة في تصريح خاص لـ «الشرق الأوسط»: إن الأنظمة الصادرة من وزير الداخلية وأيدت من المقام السامي تمنع جمع التبرعات لأي جهة أو مشروع، سواء بناء المساجد وغيرها إلا من خلال الجمعيات الخيرية المعتمدة.

ويأتي ذلك في وقت تشهد فيه تبرعات المساجد نشاطا كبيرا، معظمه يتم من خلال افراد خصوصا، في مختلف المناطق السعودية.

ويقول الدكتور توفيق السديري وكيل وزارة الشؤون الإسلامية لشؤون المساجد لـ «الشرق الأوسط»: «قبل كل شيء فإنه لا يسمح بجمع التبرعات في الأماكن العامة والمساجد لأي غرض كان، ومنها بناء المساجد، وتسهيلا من الوزارة على فاعلي الخير الراغبين في بناء المساجد، فقد تم إصدار لائحة الإجراءات لتنفيذ مشروعات المساجد من قبل فاعلي الخير عممت على فروع الوزارة لتنظيم العملية، ومن أهم الشروط الواجب توافرها أن يكون موقع بناء المسجد مناسبا، وان تكون الأرض مملوكة بصك شرعي، وان توقف الأرض على المسجد ويحظر على المتبرع لبناء المسجد جمع التبرعات لهذا الغرض».

ويضيف: «الوزارة لا تسمح بجمع التبرعات بهذه الطرق، وقد تم التعميم على أئمة المساجد بعدم السماح بمثل هذه التبرعات وغيرها في المساجد إلا من خلال الحسابات البنكية الرسمية أو في مقر المؤسسات المرخص لها».

وحول آلية مراقبة عملية البناء، خاصة فيما يتعلق بجمع التبرعات والإشراف عليها، غابت اجابة هذا السؤال من ردود مسؤولي الجهات الحكومية التي خاطبتها «الشرق الأوسط» باستثناء الشؤون الاسلامية، اذ يقول توفيق السديري: «تضمنت اللائحة أن يلتزم فاعلو الخير بتوقيع عقد مع مقاول وفق الصياغة المعتمدة لدى الوزارة، ويجب أن يشرف فنيا على المشروع جهة حكومية أو يتم التعاقد مع مكتب هندسي مرخص وفق الصيغة المعتمدة من الوزارة، وتحديد اتجاه القبلة من قبل الوزارة، ولا يسمح بتعديل المخططات والمواصفات إلا بعد اعتماد ذلك من الجهة المتخصصة في الوزارة».

ودفعت عمليات الاحتيال التي شهدتها بعض المساجد او المخاوف من استغلال هذه الاموال في عمليات مخالفة للقانون ببعض رجال الاعمال الذين يعملون على بناء مساجد بوضع لوحات ولافتات على هذه المساجد التي يعملون على بنائها كتب عليها «بأنها تتم على نفقة فاعل خير ويمنع التبرع لها».

من جهته علقت مصادر غير رسمية الى ان بعض الاشخاص يحصلون على تراخيص لبناء المساجد من قبل الشؤون الاسلامية ويقومون باستجداء رجال الاعمال ويحصلون على مبالغ مقابل ذلك، مشيرة الى ان الشؤون الاسلامية مهما كانت مراقبتها لن تستطيع ان تراقب بناء كل المساجد.

من جهة أخرى، حذر خبير امني من استغلال بعض النفوس الضعيفة وأفراد من الفئة الضالة، عشوائية آلية جمع التبرع لبناء المساجد في بعض المناطق لتمويل عمليات مشبوهة كالإرهاب هذا إن لم يكن هناك ضوابط واضحة.

وقال اللواء المتقاعد يحيى الزايدي: «إن عملية وآلية التبرع لبناء المسجد مضبوطة بلوائح وضعتها وزارة الشؤون الإسلامية، فهناك جهات وقنوات رسمية مسؤولة عن عملية بناء المسجد أو التبرع لبنائه، والمفروض أن يكون فاعل الخير على وعي بتلك الجهات وألا تستغل طيبته في جمع التبرع بطريقة عشوائية، التي تؤدي إلى عواقب وخيمة ومحظورة ومشبوهة». ولا يرى الزايدي بأن هناك قصورا في وعي أهل القرى لأن الإعلام و«الشؤون الاسلامية» كما يقول «أعلمت الجميع، خاصة أئمة المساجد بمنع التبرع لبناء المسجد بطريقة عشوائية تعتمد على اجتهادات الأفراد».

من جهته علق اللواء منصور التركي المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية على القضية بقوله «المتورطون في تمويل الإرهاب يسعون لاستغلال أي فرصة لجمع الأموال تحت غطاء العمل الخيري، مما يتطلب توخي الحرص في دفع التبرعات للأعمال الخيرية بكافة أنواعها عبر القنوات النظامية، وذلك في مقار الجهات المختصة بجمع التبرعات أو بإيداعها في حساباتها البنكية المعلنة».

وبين اللواء التركي ان «وزارة الشؤون الإسلامية تختص بالإشراف على جمع التبرعات لغرض بناء المساجد في حين تتولى الجهات الأمنية إجراء التحريات المناسبة لضبط أية محاولات لاستغلال الأعمال الخيرية في غير الأهداف المحددة لها».