هواتف التبرع «الفردية».. بينك وبين «الاحتيال» 10 أرقام

أشخاص يرونها تفتح بابا يجب إغلاقه

TT

يكاد السيناريو يتطابق في أكثر من مدينة سعودية حول تبرعات المساجد.. رجل يظهر فجأة على السطح بيديه مخطط هندسي لمسجد يقع على قطعة أرض تبرع بها أحد الموسرين، ليبدأ المقاول البناء فيها، ثم تقف في مرحلة الأعمدة الاسمنتية في انتظار الغوث المادي لإكمال المشروع.

الناس تتعاطف كثيرا مع تلك اللوحات المعلقة على أكثر من واجهة لمشروع المسجد، وعليها أرقام هواتف من فئة شرائح «مسبقة الدفع»، وتحتها عبارة متكررة: «للاستفسار الاتصال على أبو فلان».

اللغة التي يستخدمها أصحاب تلك الهواتف، تستطيع الأذن المحلية «تمييزها» جيدا و«تصنيفها» كذلك، ويأخذ الحوار في تلك المكالمات بعدا دينيا، وحديثا عن صعوبات واجهت المتبرع الأساسي في إكمال حلمه ببناء مصلى للناس.

ورغم تأكيدات الجهات المعنية بمراقبتها لعملية التبرعات، إلا أن آلية نشر تلك الإعلانات سواء في موقع المشروع «المفترض»، أو عبر بعض القنوات الفضائية، مستخدمين كاميرات تقليدية لتصوير المرحلة الأولى، مع بعض الأحاديث النبوية الشريفة، لاستدرار عطف الناس والراغبين في الأجر والثواب.

ويقول حاتم عقيل، وهو يعمل بالاعمال الحرة: «إنه بات لا يعرف، هل التبرع بهذه الطريقة، مساهمة في عمل خيري أم في أعمال أخرى؟ لماذا لا يتجه هؤلاء للجمعيات الخيرية لطلب التبرع؟ ومن يضمن ألا يكون المشروع مجرد فخ للبسطاء باسم العمل الصالح» مضيفا «هل يكفي رقم للاتصال، وأساسات مبنى، ليأتيني جاري عارضا عليَّ المساهمة وعندما أرفض يقطع عني السلام وحقوق الجوار».

ما عبر عنه عقيل، يتداول مثله الناس في مجالسهم الخاصة الأحاديث المشابهة، كلما سقطت أعينهم على لوحة معلقة، أو رقم في الشريط المتحرك لاحدى الفضائيات، وفي أحايين عبر مجموعات على البريد الالكتروني، لكن دائرة الحديث تضيق أكثر عندما تأتي الاتهامات صريحة بأن هناك من يعتبر مثل تلك المشاريع الخيرية، فرصة للكسب السريع، ودجاجة تبيض «ذهبا» نتيجة ما يحمله الأمر من «حساسية» أو ما قد يتبعه من تفسيرات تجاه من يرى بأهمية ضبط الأمور في قنواتها النظامية. وترى وفاء الجابري، وهي عاملة في القطاع الخاص، أن تجربة واحدة لها في التعاطي مع هذه الارقام المجهولة كانت في مشغل نسائي، جعلتها تعيد النظر في مسألة التبرع، حاليا وقالت: لن أضع ريالا واحدا من مالي إلا في جمعية مشهود لها وتخضع للرقابة الحكومية. فيما يعتقد أحد أصحاب تلك الارقام المنشورة على شبكة الانترنت، بأن مسألة الاحتيال ليست سهلة كما يبدو لأن «معظم المتبرعين يسألون عن شخص المشرف على بناء المسجد وسمعته، ويمكنهم الاطلاع على قوائم التبرع للمشروع عبر الحساب البنكي المخصص»، مردفا بأن عملية التأكد، مسألة ينبغي التثبت منها بكل الطرق «مال المسلم مسؤوليته في أن يعرف أين ومتى وكيف يصرفه»، في إشارة منه لأحاديث نبوية تحث على التثبت وعدم الانجراف وراء أشخاص قد يبيعون آخرتهم بثمن دنيوي بخس، كما ورد في الأثر في أكثر من موضع.

وتبرز في الدائرة نفسها من حدوث اختراقات أو عمليات احتيال، أرقام هواتف شركات اتصال محلية، يطلب أصحابها التبرع لمشاريع بناء مساجد في دول عربية مجاورة، غير أن أحد الأشخاص المسجل رقم هاتفه النقال في أحد المواقع الالكترونية، الذي كان يتحدث بلكنة آسيوية، في اتصال لـ «الشرق الأوسط»، بدا مرتبكا وأنكر علاقته بالأمر رغم تأكيده على أن الرقم له. وحاول التعرف الى هوية المتصل قبل الدخول في أي استفسارات فيما يخص المشروع المذيل رقم هاتفه تحته.