15% من الأطفال مصابون باضطرابات فرط الحركة وتشتت الانتباه

د. سعاد يماني: يمثل السبب الرئيسي لممارسات المراهقين وكبار السن الخاطئة

جانب من ندوة التواصل الطبي والتربوي والنفسي لدعم اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (تصوير: غازي مهدي)
TT

كشفت دراسة اجراها اختصاصيون نفسيون في السعودية، أن 15 في المائة من الأطفال في السعودية، مصابون باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، وأن نسبة انتشار هذا الاضطراب في اميركا بلغت في متوسطها 9 في المائة، وأنه يتسبب في خسائر تقدر بنحو 60 مليار دولار. وأوضحت الدكتورة سعاد يماني، استشارية امراض المخ والأعصاب لدى الأطفال، ورئيسة مجموعة دعم فرط الحركة وتشتت الانتباه، بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، في حديث خاص لـ «الشرق الأوسط» أن هذا الاضطراب يمثل السبب الرئيسي لمعظم الممارسات الخاطئة عند كثير من المراهقين وكبار السن لعدم اكتشاف المرض لديهم مبكرا. وأشارت يماني إلى أن العديد من الشخصيات المهمة على مدار التاريخ أصيبوا بهذه الاضطرابات، وتم احتواؤها من قبل الأهالي، وبرزوا بمجالات إبداعية كثيرة ولعل أبرزهم اينشتاين الذي طرد من مدرسته في احد الأيام بسبب إفراطه في حركته وكذلك إديسون بل وحتى جمال عبد الناصر، وقد أثبتت ذلك الدراسات التي تم فيها دراسة السيرة الذاتية لهم.

وأضافت يماني أن 35 في المائة يصابون بالاضطراب نتيجة الوراثة، والنسبة الباقية عن طريق مشاكل أثناء الحمل والولادة، أو بسبب تناول الأمهات أدوية وعقاقير أثناء الحمل، بل ان تدخين الأمهات الحوامل يعد سببا أيضا.

من جانبها تعرف الدكتورة سهير بلخي فرط الحركة بأنه عبارة عن حالات تصيب الأطفال من حيث عدم الانتباه أو الاندفاع كثيرا بنسب تفوق اقرانهم، بينما يصف آخرون المرض بكلمة «الشقاوة الزائدة».

وبالعودة للدكتورة سعاد يماني التي شخصت بعض الحالات بقولها «بعض الأطفال لديهم تشتت الانتباه بشكل منفرد أو فرط الحركة المصحوبة باندفاعية بشكل منفرد»، مشيرة إلى أن هذه الأعراض تظهر قبل سن السابعة.

وأضافت: للتأكد من اصابة الطفل يجب أن تكون تلك الأعراض مؤثرة في الطفل في مهاراته الأكاديمية كالكتابة والحفظ ومهاراته العملية بل والرياضية.

وشددت الدكتورة يماني على أن خطورة الأمر تكمن في التأثيرات العكسية المستقبلية، حيث إن المصابين أكثر عرضة للحوادث من غيرهم وأكثر حصولا على المخالفات المرورية وفقدان الرخص واضطرابات النوم لدى 60 في المائة منهم.

كما أشارات يماني إلى أن احدى الدراسات أكدت أيضا أنهم معرضون لتعاطي المخدرات بنسبة 33 في المائة أكثر من غيرهم، بل ان إدمانهم يكون اشد نتيجة للافراط الزائد، كما أشارت يماني إلى أن دراسة أثبتت أن 25 في المائة من المساجين مصابون بهذا الاضطراب. كما أنهم معرضون للانخفاض في القدرات العقلية والأكاديمية وعدم التعلم من أخطائهم، ويظهر ذلك في تكرار الطفل لأخطائه بعد توبيخه بفترة وجيزة والحاجة للمعلم في كل الأشياء بنسبه 65 في المائة، ومنهم من يعيد السنة الدراسية بنسبه 30 في المائة رغم الجهد الكبير الذي بذل معه أثناء المذاكرة، أيضا تصل إلى عدم القدرة على إكمال الدراسة عند كبرهم كما لا يستطيعون التحكم في المشاعر ولديهم احساس بالضعف في الشعور بالغير.

وأبانت يماني أن التأثير يختلف من مرحلة لأخرى، ففي سن الصغر تظهر على شكل اضطرابات سلوكية، أما في سن المدرسة فيواجه الطفل صعوبات أكاديمية واضطرابات سلوكية واجتماعية وضعف الثقة بالنفس. أما المراهق فيعاني من صعوبات أكاديمية وصعوبات في تكوين علاقاته الاجتماعية وتستمر معه مشكلة عدم الثقة بالنفس وإدمان السجائر الذي يرى فيه مهدئاً لكثير من الاضطرابات، وهي في الحقيقة ليست كذلك، أما طلاب الجامعات فتجدهم يفشلون أكاديميا ويصبحون عنيدين ورافضين للمسؤولية والبعض منهم يدمن الكحول ويكون معرضاً للحوادث أكثر من غيره. أما كبار السن فتجد حياتهم تغلب عليها المشاكل وعدم الثقة بالنفس ومشاكل في تكوين العلاقات. وعن علاج الاضطرابات أبانت يماني أن العلاج يكمن في تحسن العلاقات والتخلص من السلوكيات غير المرغوب بها والاعتماد على النفس في انجاز الأعمال اليومية، كما لا بد أن يكون العلاج علاجا دوائيا وسلوكيا وتربويا.

وهو ما أكدته الدكتورة أمال اليماني المتخصصة في علم النفس الإكلينيكي التي أبانت أن العلاج السلوكي يعتمد على المتابعة والاحتواء والتحفيز للصغار وتعليمهم وإكسابهم المهارات مبكرا.

من جهتها شددت هالة نقشبندي الاختصاصية النفسية على الدور الكبير الذي يجب ان يقوم به المعلمون، وذلك من خلال تفهم الوضع والحالة واجلاسهم في المقاعد الأمامية وابعادهم عن المؤثرات، وشددت على التركيز في تدريبهم وتهيئتهم وتحفيزهم وتهيئة الجو المريح لهم.