انتشار الاستراحات يهدد «عيون» الأحساء ومطالب باستثمارها في إنشاء منتجع للسياحة العلاجية

الهدر المائي يقلص عددها من 195 إلى 7.. وأكاديمية تؤكد أن احتمالية النضوب مستمرة

عيون محافظة الأحساء.. ثروة «سياحية» تنتظر الاستثمار
TT

دقت دراسة حديثة ناقوس الخطر من أضرار انتشار الاستراحات الخاصة داخل مزارع محافظة الأحساء، لكونها تسببت في هدر كميات ضخمة من المياه مما أدى إلى نضوب نحو 180 عيناً من المحافظة خلال 20 عاماً. فيما أوصت الدراسة بضرورة الالتفات إلى العيون المتبقية واستثمارها في إقامة منتجع صحي بمحافظة الأحساء، يضم قرية سياحية ومركزاً للعلاج الطبي، تتوفر فيه المتطلبات السياحية والعلاجية.

وأظهرت الدراسة التي قامت بها كل من الدكتورة عواطف الحارث والدكتورة سامية الأنصاري، من قسم الجغرافيا في جامعة الملك عبد العزيز بجدة، وتحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، أن من أهم أسباب نضوب عيون المياه الطبيعية بمحافظة الاحساء عمليات السحب الجائر من الطبقة المغذية (النيوجين) والتوسع العمراني وزيادة عدد السكان في المنطقة، إلى جانب انتشار الاستراحات وحفر الآبار والعيون وبرك السباحة في المزارع والمنازل مما تسبب في جفاف العيون الطبيعية. وحذرت الباحثتان من انتشار الاستراحات الخاصة داخل مزارع الأهالي لكون تلك الاستراحات تسبب هدراً للمياه، مؤكدتين على أهمية تكثيف المراقبة من خلال تنظيم الجولات المسائية للحد من هذه المخالفات. وأوضحت الدكتورة عواطف الحارث، أستاذة مساعدة ومشرفة قسم الجغرافيا في كلية الآداب بجامعة الملك عبد العزيز، في اتصال هاتفي لـ «الشرق الأوسط»، ان أحدث الدراسات أثبتت أن عدد العيون في محافظة الأحساء بلغ في عام 1984 نحو 195 عيناً، منها 55 عيناً تتدفق مياهها ذاتياً طوال العام، وفي عام 1987 توقف التدفق الطبيعي في جميع العيون، فيما نضبت آخر عين في عام 1996، ولم يتبق الآن في محافظة الأحساء سوى سبع عيون فقط، والتي أوضحت أنها مهددة هي الأخرى بالنضوب.

وأضافت الدكتورة الحارث بأن العيون الحارة في محافظة الأحساء ما زالت غائبة عن خارطة الاهتمام السياحي بالمنطقة، قائلة بأن ذلك يأتي على الرغم من كونها تقع في نقطة استراتيجية كأقرب نقطة حدودية لدول الخليج العربي، مشيرة إلى ضرورة استثمار عين «النجم» الكبريتية بإقامة منتجع صحي في محافظة الأحساء، وتابعت بأن نتائج الدراسة أظهرت تميز محافظة الأحساء بالعيون المعدنية والرمال الدافئة المائية، كما تميزت العيون المعدنية بخلوها من أي نوع من أنواع البكتيريا، مما يجعلها لا تحتاج إلى معالجة كيميائية.

من جهة ثانية، طالبت الدراسة التي حملت عنوان «دور العيون المائية في التنمية السياحية بمحافظة الأحساء» بضرورة عمل خرائط سياحية للعيون المائية بمحافظة الاحساء (تفاعلية) مبنية على نظم المعلومات الجغرافية، تـُمكن من إظهار جميع البيانات والمعلومات والصور الخاصة بالعيون المهمة في محافظة الاحساء ويمكن التعديل فيها بيسر وسهولة، إلى جانب التأكيد على أهمية وضع لوحات ارشادية لمواقع هذه العيون وتوفير جميع الخدمات بها، وطبع كتيبات صغيرة عن أهمية هذه العيون التاريخية.

وأوصت الدراسة بحماية مصادر المياه الجوفية من الاستنزاف والتلوث، وإعادة تدوير المياه في برك السباحة (العيون)، والاستفادة من مياه الصرف الصحي ثلاثية المعالجة للأغراض الزراعية، وتكثيف أساليب ترشيد المياه والمحافظة عليها، وتشجيع الاستثمار السياحي والترفيه في مواقع العيون، إلى جانب الاستمرار في صيانة مواقع العيون المائية الرئيسة والمحافظة عليها كمناطق أثرية، وتحديث الدراسات الخاصة بتجديد موارد المياه واحتياجاتها، خاصة المياه الجوفية غير المتجددة.

وركزت الدراسة على ضرورة توفير المرافق والخدمات اللازمة لتنمية السوق السياحي داخل محافظة الأحساء باستثمار مكانتها الجغرافية والتاريخية، وأهمية العمل على تأهيل وتدريب العناصر البشرية اللازمة لتسيير المرافق السياحية داخل المنطقة، في حين أكدت هذه الدراسة على ضرورة التوجه إلى نشر ثقافة السياحة والترويح السياحي على المستويين الوطني والإقليمي.

جدير بالذكر أن محافظة الأحساء اشتهرت منذ القدم بكثرة العيون التي كانت تتدفق طبيعياً، وتمد الواحة الزراعية بالمياه عبر مجموعة أنهر وجداول تشكل في مضمونها شبكة الري التقليدية في الأحساء قبل إقامة مشروع الري والصرف الذي اعتبر عند تدشينه أحد أكبر المشاريع في الشرق الاوسط. وتعد أهم العيون المائية وأبرزها في محافظة الاحساء حالياً: عين الخدود في مدينة الهفوف، وعين الجوهرية في قرية البطالية، وعين أم سبعة في قرية القرين، وعين الحارة في مدينة المبرز، وعين الحويرات في قرية المطيرفي.