22 فنانا عربيا ينثرون 200 لوحة كاريكاتيرية في سوق بجدة

في تظاهرة هي الأولى من نوعها في العالم العربي

حضور أسري لمشاهدة معرض الكاريكاتير الذي أقيم في سوق الصيرفي مول بجدة (تصوير: سلمان المرزوقي)
TT

بين سعادة تحملك على البكاء، وشذرات من الكوميديا السوداء التي تحاول عكس واقع المجتمع، تزاحمت لوحات بأنامل 22 فنانا عربيا في مركز الصيرفي مول بوسط جدة، في تظاهرة هي الأولى على مستوى العالم العربي التي يلتئم فيها مثل هذا العدد من فناني الكاريكاتير العرب في مكان واحد.

معرض مهرجان الكاريكاتير العربي الأول المقام في جدة هذه الأيام، الذي افتتحه الأمير عبد الله بن سعود بن محمد آل سعود، عضو مجلس التنمية السياحية بمحافظة جدة، ونظمته مجموعة الاختيار، برعاية وزارة الثقافة والإعلام بالسعودية، في مركز الصيرفي ميجا مول، وصفه الأمير عبد الله بأنه مفخرة للجميع بسبب وجود العدد الكبير من الفنانين العرب الذين يحملون خبرات واسعة لفن الكاريكاتير.

وأضاف الأمير عبد الله ان المعرض يعكس واقعا ويحل الكثير من المشاكل الأسرية في المجتمع، داعيا إلى استمرار المعرض لسنوات مقبلة في عاصمة السياحة السعودية جدة، التي تمنى ان تكون عاصمة السياحة في الشرق الأوسط.

حول المعرض والوعي الكبير من المجتمعات العربية لهذا الفن، قال محمد علي قدس، المستشار الإعلامي والثقافي للمهرجان، إن المعرض المصاحب للمهرجان شمل 200 لوحة رسمها 22 فنانا، يمثلون عددا من الدول العربية، إضافة إلى بعض الفنانين والفنانات السعوديات. وأشار إلى ان المهرجان سيقوم بتكريم رواد هذا الفن في العالم العربي والسعودي، كما سيتم اختيار خمسة رسامين للفوز بجائزة المهرجان بينهم رسامة سعودية.

من جهته، رأى إياد سمان، مدير عام الشركة المنظمة للمهرجان «أن أهمية الفعاليات تنبع من أهمية الرسالة التي يحملها فن الكاريكاتير وأثره في الأفراد، فهو فن إذا ما اخترق الذاكرة لا يمكن أن ينمحي منها، بينما إذا قرأنا كتابا ننسى الكثير من تفاصيله مع مرور الزمن». من جهة أخرى، دلل انس الصيرفي، مدير عام مركز الصيرفي مول، على وعي المجتمع السعودي بالكم الكبير من الرواد الذين تقاطروا لزيارة المعرض مما يدل على وعي المجتمع بأهمية هذا الفن، الذي يعتبر أسهل الطرق للتعبير.

وأضاف «الناس لديها شغف للاطلاع على الجديد ورؤية الإبداع أينما كان، والتفاعل الكبير الذي رأيناه من خلال وقوف الجميع أمام الصور لساعات طويلة خير شاهد»، معتبرا استضافة المعرض جزءا من المسؤولية الاجتماعية.

يحيى شريفي، فنان الكاريكاتير والمنسق العام للمهرجان، قال: «إن المعرض يعد الأول على مستوى العالم العربي»، مبينا أن الإعداد للمعرض استغرق وقتا طويلا وتم اختيار 200 لوحة من بين 350 لوحة. وأبان أن الرسومات المعروضـــة تحمـــل كل منها رسالــة او أكثر للمجتمع، مبينا أن اللوحات مفتوحة للبيع متى ما أراد الفنان ذلك وريعها له وحده.

عدد من الفنانين العرب المشاركين في المعرض ثمنوا إقامة المعرض في جدة وأكدوا لـ«الشرق الأوسط»، ريادة فنهم في إيصال الفكرة للقارئ، سواء أكان يجيد القراءة أم لا، كما أكد ذلك الفنان الأردني عماد الحاج.

وأضاف الحاج «ان الشعب العربي أكثر شعوب العالم حساسية، لذلك اجزم على تأثير الرسوم الكاريكاتيرية حتى مع ظهور الفضائيات التي تعرض الرسومات كجزء من برامجها، وأيضا تحولت الرسوم فيها إلى أفلام متحركة التي تعد احد أبناء هذا الفن». واعتبر الحاج فن الكاريكاتير مؤثرا بالضرورة في العديد من النواحي للدول، مدللا على قوله بقضية الرسوم المسيئة لرسولنا الأمين صلى الله عليه وسلم، وما تبعها من تفاعل كبير من المجتمعات الإسلامية.

وأضاف بقوله «نسعى الآن مع رسامين عرب لإنشاء منظمة لرسامي الكاريكاتير العرب»، ورغم تحفظه على حجم حرية التعبير في العالم العربي، إلا انه قال «نحن لا نجد مساحات كبيرة من الحرية في بلداننا العربية، ورغم ذلك قدمنا قضايانا بشكل جيد».

الفنانون المشاركون رغم سعادتهم الكبيرة إلا أنهم أشاروا إلى تأخر المعرض كثيرا، كما أكد الفنان يحيى باجنيد، احد أقدم الفنانين السعوديين في الرسم الكاريكاتيري، الذي قال وهو تملأه السعادة وبأسلوب فكاهي يشابه إلى حد كبير رسوماته «تأخرنا كثيرا، لكن الآن وصل القطار ووصلت عربة الكاريكاتير متأخرة، والمهم أنها وصلت، حملنا أمتعتنا كفنانين وحملنا مشكلات وهموم السنين وقضايا المجتمع ونثرناها هنا واعدنا ذكريات وتأملات لقضايا حُل البعض منها وما زال البعض لم يحل لتبقى رسوماته صالحة له إلى الآن».

الكاريكاتيرست السعودي باجنيد قال انه ظل ينتظر لربع قرن من الزمان، واضاف «الحضور الكبير الذي استطعنا ان ننتزع ابتسامته حتى مع الرسوم المأساوية، كان أمرا مرضيا لنا».

وقال «رغم أننا نتعامل مع فن محترم جدا، لكن لماذا يتحسس المسؤول من الكاريكاتير، فقبول الرسمة من قِبل الناس دليل على انه فن واصل الى الجميع من دون واسطة، ونحن لا نستهدف أشخاصا بقدر ما نستهدف قضايا ونسعى للإصلاح»، وهو ما أكده جميـــع الرســامين المشــاركين وفي مقدمتهم الفنان السوري علي فرزات، الذي أكد أيضا قدرة فن الكاريكاتير على اقتلاع الشوائب والعوائق والأشواك من الثقافة بشكل عام.

ورأت فنانة الكاريكاتير منال مغني، قدرة الكاريكاتير على الوصول لقلوب الناس ووجدانهم وأحاسيسهم. ومن جهتها، قالت الفنانة السعودية هناء الحجار، ان المهرجان اضافة إلى تميزه يعد تكريما للمرأة المحبة لهذا الفن القادرة على الخوض في أعماقه واعترافا بقدراتها الإبداعية.