خبراء بيئة: تكدس النفايات الصناعية والصحية أهم المشاكل البيئية

خلاف حول كون جدة رابع مدينة ملوثة عالميا

عدد من المرادم المسببة لمشاكل بيئية في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

فيما تستعد مدينة جدة لاستضافة منتداها البيئي الأول غدا الاثنين، لا تزال تصريحات عدد من خبراء البيئة لـ «الشرق الأوسط» حول تصنيف جدة في المرتبة الرابعة عالميا بين المدن الأكثر تلوثا تجد ردود أفعال متفاوتة، من حيث التأكيد والنفي، داخل المجتمع السعودي والمجتمعات المهتمة بالعمل البيئي المحلي على وجه خاص.

لكن في الوقت نفسه يتفق الجميع على حقيقة واحدة، وهي أن مدينة جدة التي كانت تصنف ضمن أكثر المدن نماء في العالم خلال فترة الثمانينات الميلادية من القرن الماضي، تحتوي على الكثير من الإشكالات البيئية والصحية.

ويوضح المستشار الإعلامي حسين القحطاني لـ«الشرق الأوسط»، وهو المتحدث الرسمي للرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، أنه لا توجد تقارير أو دراسات عالمية بيئية تعمل على تصنيف المدن، بل الدول بشكل عام، متسائلاً «من أين يأتون بهذه التقارير غير المعروفة؟!».

ولا يختلف رأي الدكتور سعد محلفي، المدير العام للمركز الوطني للأرصاد وحماية البيئة، عن القحطاني في موضوع التقارير المصنفة لأوضاع المدن بيئيا في العالم، مبينا أنه لا توجد خلفية حول التصنيفات من حيث النشاط.

وكشف الدكتور محلفي أن جدة تصنف ضمن المدن «الحساسة بيئيا»، مرجعا الأمر إلى وضعها الجغرافي كمدينة ساحلية، وكذلك لمناخها المرتبط بموقعها الجغرافي.

ومنذ البارحة، بدأت مدينة جدة في استقبال الوفود القادمة للمشاركة في ملتقى جدة البيئي الأول المنطلق غدا تحت شعار «حماية البيئة إصلاح وتأهيل»، ويبلغ عددهم 500 شخصية بيئية محلية وإقليمية وعالمية، براعية الأمير سلطان بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي ونائب رئيس مجلس الوزراء، وينوب عنه في حفل الافتتاح الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة.

وأعلنت اللجنة المنظمة للملتقى، الذي تتشارك جهات حكومية وخاصة في إقامته، أن المنتدى يستعرض محاور تتركز في التنمية المستدامة، وقضايا المياه من استنزاف وتلوث للمياه الجوفية وتلوث البحار، إضافة إلى مواضيع احتياجات الطاقة والتحديات البيئية، والتعايش مع البيئة. ويأمل القائمون على المنتدى وضع مدينة جدة أو عروس البحر الأحمر كما توصف لكثرة الشعب المرجانية المتوفرة في سواحل المدينة، ضمن قائمة المدن المهتمة بالبيئة على الصعيد العالمي، وذلك في الوقت الذي تتزايد فيه التحذيرات من أن يتسبّب تغيّر المناخ في أكبر الأضرار في الاقتصاد والزراعة وأمن المياه في العالم. ويتوقع أن يزيد عدد اللاجئين من جراء تغيّر المناخ وارتفاع مستوى مياه البحر على 200 مليون شخص، أي أكثر من عدد اللاجئين السياسيين.

كما توقعت الأمم المتحدة أن يعاني حوالي 4 مليارات شخص من النقص في المياه بحلول عام 2080، ويعود السبب إلى تغيّر المناخ الناتج عن مشاكل بيئية.

وبالعودة لوضع مدينة جدة البيئي، يقول المدير العام للمركز الوطني للأرصاد وحماية البيئة في حديثه لـ «الشرق الأوسط»: «إن أبرز المشاكل المسببة لأضرار بيئية سواء في جدة أو المدن الرئيسية الأخرى في المملكة، تتمثل في تصريف النفايات الصلبة والسائلة التي لم تهتم الجهات المختصة بالتخلص منها خلال الـ 33 سنة الماضية».

تلك النفايات المُسربة إلى بعض المواقع البرية والبحرية طوال العقود الثلاثة الماضية، لا تزال موجودة حتى الوقت الحالي من دون أي تغير في مواقع على شكل «مرادم (المواقع التي تصب فيها النفايات)» برية أو بحرية للتصريف.

ويثير الموضوع عددا من الأسئلة حول تكدس أحجام من النفايات الصلبة البالغة ملايين الأطنان للنفايات الصلبة، يقابلها «مرادم» بحرية للنفايات السائلة تزيد عن 10 مليارات متر مكعب، في ظل وجود نظام «التنمية المستدامة» الذي وضعته الحكومة السعودية في حسبانها واعتمدته خلال ثورة التنمية التي انطلقت منتصف السبعينات الميلادية في القرن العشرين الماضي.

ويوضح الدكتور محلفي أن «التنمية المستدامة» أخذت بعين الاعتبار من قبل المصانع التابعة للشركات الكبرى مثل (سابك)، في وجه مئات المصانع التي قد تصنف بـ «الصغيرة» ونفاياتها يتم التخلص عنها عبر «المرادم» القريبة من المدن وتؤثر على الصحة العامة.

ويعتبر المتحدث باسم الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة أن الرئاسة تعمل وفق التوجه «أننا لسنا عائقا في وجه التنمية»، ولكنه يؤكد على أن ذلك لا يمنعهم من إيقاف العديد من المشاريع التي تضر بالبيئة خلال العامين الماضيين كما حدث لمشاريع استثمارية ضخمة كان من المفترض إقامتها على كورنيش جدة وأوقفت من قبلهم لعدم استيفائها للشروط المحافظة على الطبيعة المحيطة بالبحر الأحمر. ويتفق القحطاني ومحلفي على أن التوجه القائم بزيادة منح التراخيص للشركات الراغبة في مجال معالجة النفايات منذ عام ونصف العام، أحد الحلول المستقبلية للمدن الساحلية والصناعية في البلاد للتخلص من مشكلة بيئية، وكذلك الاستفادة منها في صناعات تتطلب المواد المتوفرة في بعض النفايات.

يذكر أن الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة أعلنت بدء تطبيقها للائحة التنفيذية لنظام البيئة التي استغرق العمل على إقرارها السنوات الثلاث الماضية بأكملها. كما تعمل الرئاسة، كما جاء على لسان رئيسها الأمير تركي بن ناصر خلال مؤتمر تعريفي للملتقى غدا قبل أسبوع، على إعداد تقارير عن الأوضاع البيئية بمختلف مناطق البلاد.