«الكابالا» اليهودية تجذب الشباب السعودي من باب «الموضة».. وتقلق المختصين

تحذيرات من الأثر الاجتماعي للخيط الأحمر المربوط حول المعصم ومن «الغزو الثقافي»

أشكال مختلفة للخيوط الحمراء، تماشياً مع تزايد الإقبال عليها («الشرق الأوسط»)
TT

بات من اللافت رؤية مجموعة من الشباب السعودي وهم يلوحون بخيط أحمر رفيع يلف المعصم، كموضة حديثة انتشرت حول العالم ورعاها نجوم هوليوود ولاعبو كرة القدم، إلا أن أبعادها الثقافية التي تتضمن الاعتراف باعتناق فكري أو ديني لمذهب يهودي يُعرف باسم «الكابالا»، دفعها لتتحول إلى ظاهرة تقلق المختصين في السعودية، وتدفعهم لإطلاق التحذيرات مما رأوه يمثل «غزواً ثقافياً».

وقد انتشرت صيحات التحذير الإلكترونية من خطر انتشار هذه الموضة المأخوذة من طقوس «الكابالا»، والتي تعرف بأنها مذهب يتضمن التعاليم الغيبية في الديانة اليهودية، وتشمل السحر والممارسات الصوفية القديمة، كما توضح الموسوعة العربية الميسرة بأن هذا المذهب نشأ في القرن السابع واستمر حتى القرن الثامن عشر الميلادي، وهو محاولة ترمي إلى إدخال روح مستحدثة في اليهودية، الأمر الذي دفع بعض القائمين على مواقع الإنترنت والمدونات الإلكترونية إلى شن حملة للتحذير من مغبة الانجذاب لهذه الموضة، خاصة بعد انتشارها بين طلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية.

الدكتور عبد الله اليوسف، أستاذ علم الاجتماع في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض قال لـ«الشرق الأوسط» أن أي موضة دخيلة لها تأثير على ثقافة المجتمع، وأشار إلى أن تبعات ذلك تعتبر جزءاً من الغزو الثقافي من خلال أنماط لم تكن مألوفة في السابق، فيما أردف بأن الشباب غالباً ما يكونون مولعين بأخذ الأفكار الغريبة وتقليد كل جديد، وهو ما يعني صعوبة تقنين أثر الموضات الرائجة أياً كانت.

وترى الدكتورة أمل العرفج، ناشطة دعوية وأستاذ مساعد في تفسير القرآن بكلية الآداب بالدمام ورئيسة الإرشاد الأكاديمي للمنتسبات، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أن الشباب غالباً ما يأخذون القشور من الخارج ويقلدونها دون أن يعلموا حقيقتها، واستشهدت بالكثير من المنتجات والملابس التي تكتب عليها عبارات تمس الدين والأخلاق ويقتنيها الشباب من دون دراية بمعناها وخطورتها، وتعتقد بأن أياً من هؤلاء الشباب لو سئل عن خلفية الخيط الأحمر المربوط حول معصمه لما استطاع الإجابة.

وتأسفت الدكتورة العرفج من وجود دور سلبي من الأهل، ترى أنه أصبح ضعيفاً جداً، مما دفع إلى تفشي مثل هذه الممارسات غير المسؤولة، مشيرة إلى أن التأثير الأكبر للشباب اليوم صار يتمثل بالأصحاب والقرناء، إلى جانب الباعة والقائمين على الأسواق والمحلات الذين حملتهم مسؤولية المساعدة في نشر الثقافات الدخيلة عبر بوابة الموضة، دون تمييز بين الجيد والسيئ، وأثار مثل هذه التوجهات.

إلا أن أكثرية الشباب الذين اندفعوا وراء موضة «الكابالا» أو لبس الخيط الأحمر هم ممن قاموا بقص أحد الشرائط والأربطة لتحويلها إلى إسورة رفيعة دون الحاجة لشرائها من المحلات، كي لا يكون هناك لبس بينهم وبين الفتيات، كما يرى ثامر عبد الله، طالب في المرحلة الثانوية، الذي قال ان الكثير من أصحابه انجذبوا لهذه الموضة تأثراً بنجوم كرة القدم الأجانب، مفيداً بأنه تخلى عنها تماماً بعد أن اطلع مؤخراً على مجموعة من التحذيرات الإلكترونية التي أطلقتها بعض المواقع على شبكة الإنترنت.

من جهة أخرى، تختلف ثقافة الأساور الخيطية، التي غالباً ما تـُصنع من الصوف المقوى أو القماش المتين، بحسب لون الخيط نفسه، حيث ينجذب بعض الفتيات للخيط الأخضر أو الأصفر اعتقاداً أنه يجلب الحظ، في حين يفضل البعض الآخر ارتداء الأساور البلاستيكية الملونة التي تـُعرف بموضة الـ«EMO»، حيث بدأت تشهد انتشاراً كبيراً بين الفتيات في الفترة الأخيرة، وهو الأمر الذي يحيله المختصون لرغبة الشباب بالبحث عن كل جديد بغض النظر عن تبعاته الثقافية والاجتماعية.