إمام الحرم: توسعة المسعى استجابت للمصلحة القطعية ولبت نداء التيسير

أكد على القاعدة الشرعية الذهبية أن حكم الحاكم يرفع الخلاف

TT

تصدى الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس، إمام وخطيب المسجد الحرام لمحاولات البعض الادعاء بأن قرار الحكومة السعودية بتوسعة المسعى غير جائز، وأنه مخالف للأدلة الشرعية. وحذر، نتيجة لذلك، من النيل من مقامات العلماء وطلبة العلم والحط من أقدارهم، وضرب أقوال بعضهم ببعض وتأليب قلوب العامة عليهم، مما يسبب اضطراب الأحوال والآثار، داعياً إلى التروي والتثبت في الرواية عنهم وانصافهم وعدم التعصب والحذر من إساءة الظن بهم.

وقال إمام وخطيب المسجد الحرام، في خطبة الجمعة أمس، إن من القضايا الاجتهادية التي خاض فيها بعض الناس دون تثبت وروية قضية تتعلق بركن من أركان الاسلام وعبادة من أشرف العبادات، وهي ليست قضية شعب أو مجتمع وانما قضية دين وشريعة ربانية وأمة عالمية، ألا وهي قضية توسعة المسعى في الحرم المكي الشريف، وهي التوسعة المباركة الشرعية والوثبة المعمارية السنية التي لم تقدم عليها بلاد الحرمين الشريفين، حرسها الله، إلا بعد الاجتهاد المعتبر والصحيح والاستقصاء التام والصريح والاستشارة الكاشفة والنظرة الفاحصة والبحث الشرعي المدقق في الدلالات النصية والمقاصدية من لدن العلماء الشرعيين والتاريخيين وأهل الاختصاص والخبرة من الجغرافيين، الذين أثبتوا في يقين واطمئنان أنه واقع بحمد الله في عموم الشعيرة وشمولها في الامتداد الشرقي بين الصفا والمروة الذي هو مناط الحكم في هذه القضية، مؤكداً أن هناك قناعة يصفو لها القلب وتنقاد لها النفس بالسمع والامتثال، وقد باركها وأثنى عليها جل علماء المسلمين أجمع وبادرها ولي الأمر، وفقه الله، سيراً على القاعدة الشرعية الذهبية أن حكم الحاكم يرفع الخلاف.

وأكد الشيخ الدكتور السديس أن تصرف الحاكم بالرعية منوط بالمصلحة مع سيرها بالنصوص الشرعية والمذاهب الفقهية، وأن هذه التوسعة المباركة كذلك هي منوطة بالمصالح المهمة والمقاصد الجليلة الجمة، حيث استجابت للمصلحة القطعية ولبت فاستجابت لنداء التيسير ورفع العنت والحرج وحفظ النفوس والمهج. وبين في سياق خطبته أنه سعي موفق مبرور وقرار مسدد ومستحق بإذن الله عز وجل لتذليل الصعاب أمام ما يكابده الحجاج والعمار من مشقات الضيق والازدحام والتدافع والالتحام، منوها فضيلته بتلك المآثر التاريخية والمبادرة الاسلامية في نسق استشعار بينات الهدى ولتهنأ الأمة الاسلامية بهذا الانجاز المبدع والتوسعة الرضية، وكان الله خير مؤيد ومعين ونصير للساعين لخدمة دينهم وأمتهم.

يشار إلى أن «الشرق الأوسط» قد انفردت الأسبوع الماضي، بنشر نص إجماع كبار فقهاء الأمة الإسلامية والمراجع الشرعية في العالم على جواز توسعة المسعى، حسبما تقتضيه الأدلة الشرعية.

وقد بارك علماء وفقهاء الأمة الإسلامية خطوات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، المتعلقة بتوسعة المسعى، وأجمعوا على أنها تستند إلى فقه قائم على التيسير والرحمة، امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم «يسروا ولا تعسروا».

وذكر العلماء أن التوسعة الجديدة تنسجم تماما والمصلحة الشرعية التي جاء بها الدين الحنيف، مفيدين أن توسعة المسعى بين الصفا والمروة بالمسجد الحرام هي من التيسير المأمور به في الإسلام. وأوضح علماء الأمة الإسلامية على اختلاف مذاهبهم أن لولي الأمر، حين يقع خلاف ما حول قضية اجتهادية، الأخذ بما يراه من آراء العلماء، وأن حكمه فيها بأخذ أقوال أهل العلم يرفع الخلاف.