28 ألف سعودي يتعرضون للدغات العقارب سنويا

نائب مدير مركز الأبحاث: أنجزنا دراسة عن سمومها بعد إصابة جنود في حرب الخليج الأولى

بعض المنتجات المناعية التشخيصية التي تم إنتاجها وفي الاطار د. عبد الرحمن الأسمري
TT

كشف الدكتور عبد الرحمن الأسمري، نائب مدير مركز الابحاث في مستشفى القوات المسلحة بالرياض، والباحث الرئيسي، لدراسة مشروع العقارب في السعودية، في حواره مع «الشرق الأوسط» أن المركز شرع قبل عامين في اعداد دراسة عن العقارب بهدف تطوير أساليب علاجية جديدة للدغاتها بعد أن تعرض أفراد من القوات المسلحة السعودية في حرب الخليج الأولى، إلى لدغات العقارب والأفاعي، انه يوجد في السعودية أكثر من عشرين نوعا من العقارب ذات تأثيرات سمية مختلفة، حيث إن معدل لدغات العقارب بين 24 - 28 ألفا سنويا في السعودية.

* بعد مرور عامين من مشروع دراسة العقارب والأفاعي في السعودية، ما الذي أنجزتموه؟

ـ توصلنا إلى أنه يوجد في السعودية أنواع عديدة من العقارب، منها ما اكتشف لأول مرة، وتم الحصول على كثير من المعلومات عن سمومها، إضافة إلى أنه طبقت لأول مرة أساليب حديثة في التصنيف مثل التقنية الوراثية في علم التصنيف والتقنية الوراثية باستخدام الحمض النووي (DNA)، كما طبقت تقنيات أخرى حديثة في أساليب التحليل الكمي والنوعي المناعي مثل تقنية معايرة الامتصاص المناعي المرتبط إنزيمياً (ELISA).

* حدثنا عن فكرة المشروع بشكل موجز؟

ـ المشروع هو «دراسة وافية على عقارب السعودية بهدف تطوير منتج تشخيصي مناعي وأساليب علاجية جديدة للدغات العقارب»، وقد بدأنا في المشروع في 2006، بعد دراسة دقيقة، وذلك بعد أن تعرض أفراد القوات المسلحة في أزمة الخليج الأولى، إلى لدغات العقارب والأفاعي، وعلى الرغم من توفر الأمصال، لكنها لم يكن تأثيرها إيجابيا، لأنها كانت صناعة خارجية، بعدها قامت القوات المسلحة بإيجاد حلول لهذه المشكلة.

* هل يعني ذلك أن الأمصال التي أعطيت للجنود كانت غير مؤثرة؟

ـ نعم، وقد نشرت منظمة الصحة العالمية عام 2003 تقريرا حول الأمصال، وأشارت فيه إلى أن المعايير العالمية المتبعة في إنتاج الأمصال لم تعد مناسبة وذلك لسبب الاختلاف الكبير في صفات السم المستخلص من نفس نوع العقرب او الثعبان من منطقة لأخرى، وعليه أوصت اللجنة المكلفة بان يكون هناك بروتوكول علاجي لكل منطقة على حسب الأنواع السامة سواء كانت عقارب، ثعابين أو غيرها.

* هل لديكم إحصائية عن الذين يتعرضون للدغات العقارب في السعودية؟ ـ يوجد في السعودية أكثر من عشرين نوعا ذات تأثيرات سمية مختلفة. وحيث إن معدل لدغات العقرب يفوق 24 - 28 ألف حالة مسجلة سنويا حسب إحصائية وزارة الصحة.

* ما أهداف المشروع؟

ـ الهدف الرئيسي هو تطوير منتج تشخيصي مناعي كمي ونوعي سريع وذي فعالية عالية وعمل بروتوكول علاجي لكل منطقة على ضوء العقارب التي تعيش فيها، إضافة إلى أهداف أخرى، هي معرفة وتصنيف الأنواع المختلفة للعقارب التي تعيش في السعودية، ودراسة النشاطات البيولوجية والأنزيمية لسموم تلك العقارب لكي تسهل معرفة العلاج المطلوب لكل نوع، وإنتاج أجسام مضادة وحيدة النوعية (متعددة/ وحيدة النسيلة) للتشخيص المناعي ضد سموم العقارب واختبار فاعليتها التعادلية ضد نشاط السموم لغرض تطوير منتج تشخيصي مناعي، ومعرفة حركية السم والجسم المناعي المضاد للسم في حيوانات التجارب باستخدام طرق حديثة للفحص، وغيرها.

* وإلى ماذا توصلتم من خلال التجربة البحثية والمعلومات المخبرية عن العقارب وسمومها وعلاجها؟

ـ توصلنا من خلال الأبحاث المجربة، إلى أن هناك فارقا زمنيا بين سرعة انتشار سموم العقارب ومضاداتها في الجسم، وهو الذي يشكل عاملا في استخدام المصل إذا لم يعط وفق فترة محددة، ومن خلال دراسة حركية السم والمصل تكون الإصابة أكثر صعوبة للإنسان، كما كشفت الدراسة عن وجود أنواع من العقارب ذات سمية ضعيفة، يكون تأثيرها عبارة عن ألم موضعي فقط، وهي تحتاج لمسكنات، وهذا النوع ينتشر في مناطق متفرقة، كما أن هناك نوعين من العقارب ضعيفي السمية على حيوانات التجارب ولكنهما يؤذيان الإنسان حينما يلدغانه، كذلك ولأول مرة أثبتت النتائج العلاجية لدواء البرازوسين في معالجة الأعراض القلبية والاحتشاء الرئوي عن لدغة العقرب شديد السمية لحالات الأطفال والكبار.

* ماذا يمكن أن يضفي المشروع على المدى البعيد على مراكز الأبحاث العلمية؟ ـ إن المشروع يمهد الطريق لمشاريع بحثية أخرى قادمة عن الثعابين والحيوانات الأخرى السامة، والذي قد يكون نواة لمركز اقليمي بالسعودية مختص بأبحاث السموم والحيوانات السامة، التي تؤذي الإنسان. وسوف يكون هذا المشروع رافدا يخدم جهات محلية متخصصة في مجال إنتاج الأمصال.

* كيف يمكن أن تستفيد وزارة الصحة السعودية من هذا المشروع، والجهات الصحية الأخرى؟

ـ نسعى في الوقت الحالي لعمل بروتوكول علاجي حول كل منطقة على ضوء نوعية العقارب المنتشرة فيها، وهذا سوف يسهل طريقة العلاج، إضافة إلى أن المشروع سيعمل على توطين تقنية ضرورية، وهي تطوير وسائل معملية تشخيصية باستخدام احدث الوسائل التقنية التشخيصية المناعية والتي عن طريقها تتم معرفة الطريقة الصحيحة للعلاج.

* ماذا عن استخدام التقنيات الجديدة والوسائل الحديثة في مشروعكم؟

ـ المشروع يواكب التطور العلمي في استخدام التقنية الحديثة، والتطور التكنولوجي المخبري في التحليل والتصنيف. حيث تغطي الأدوات المستخدمة في عمليات البحث جميع مناطق السعودية، ونحن بصدد استخدام تقنية النانو وذلك بربط الأجسام المناعية المضادة بجزئيات دقيقة، تقوم مقام الإنزيمات الرابطة للأجسام المضادة. ونحن نسعى علميا للارتقاء بمستوى البحث العلمي واتباع طرق تقنية عالية الدقة ومنها تقنية النانو، وتسخيرها لخدمة صحة الإنسان.

* هل هناك تعاون بينكم وجهات خليجية وعربية؟

ـ المشروع هو الأول من نوعه على مستوى السعودية والخليج، لكونه من المشاريع الكبيرة، وهناك تعاون مع متخصصين سعوديين ودوليين وعرب ينتمون لعدد من الجهات الحكومية، مثل إدارات الشؤون الصحية، مستشفيات القوات المسلحة، جامعة الملك سعود، مركز الأبحاث في مستشفى الملك فيصل التخصصي، وقد تمت الاستعانة بمتخصصين من بعض الدول العربية من عمان ومصر ودوليا من بريطانيا، الولايات المتحدة والهند.

* ذكرتم أن هناك اتصالا بينكم وبين منظمة الصحة العالمية، هل تخبرنا ماذا دار بينكم؟ ـ تلقينا دعوة من مدير عام المنظمة بالنيابة، بجنيف ضمن أربعة من العلماء المتخصصين في هذا المجال في العالم، وذلك لمناقشة ما تم إنجازه ونشره من خلال هذا المشروع الوطني.

* ذكرتم أن ضمن ما تقومون به هو تصنيف الأنواع المختلفة من العقارب فهل لنا معرفة عدد أنواع العقارب التي تجرون عليها الأبحاث؟ ومن أي المناطق تم اصطيادها؟

ـ لقد تم التعرف على أكثر من 23 نوعا من العقارب وقد تم اصطيادها من مناطق مختلفة هي (جازان، نجران، عسير، الطائف، حائل، تبوك، القصيم، حفر الباطن، المنطقة الوسطى، المنطقة الشرقية، الباحة، القنفذة، مكة المكرمة والمدينة المنورة) وقد تم عمل خريطة للعقارب التي تجمع من كل منطقة، حيث إن هناك تسعة أنواع من العقارب بالجزء الساحلي لمنطقة عسير وبعض الأنواع تحت الدراسة، ولا يزال المسح الميداني جاريا.

* كيف يمكن التوخي من لدغات العقارب والأفاعي، رغم الاختلاف الجغرافي في المناطق السعودية؟

إن لدغات العقارب مؤلمة لكنها تتفاوت في سمومها. وهي تختلف في قوة ونفاذ سمها حسب التباين الجغرافي. ولتجنب آلام لدغات العقارب ومخاطرها، من المهم معرفة أن نشاط العقارب، حيث تنشط العقرب في الليل، وعلى المشاة في الأماكن المظلمة التزود بمصادر ضوئية، خاصة في الليالي الحارة، وأن غالبية أنواع العقارب تكون في مخابئها في الشتاء، حيث يقل نشاطها. وأحذر الجميع من السير حفاة سواء كان في الصحراء أو الجبال أو بين الأعشاب، وحين الانتقال من مكان إلى آخر، كذلك حين إعادة أو تغيير مواقع الأثاث والحجارة والأخشاب، خاصة في المناطق الزراعية. وفي حال تعرض كبار السن أو الأطفال للدغة العقرب، يجب نقلهم فوراً وبأقصى سرعة ممكنة لأقرب مرفق صحي.