مديرة مدرسة خاصة تعالج تمرد واستهتار طالبات بقرار «فصل جماعي» لـ 3 أيام

الأهالي اعترضوا ومديرية تعليم جدة تصف العقوبة بـ«غير المناسبة»

أولياء أمور طالبات خلال مراجعتهم إدارة تعليم البنات في جدة («الشرق الأوسط»)
TT

في حادثة هي الأولى من نوعها في مدارس البنين والبنات في السعودية على حدّ سواء، لجأت مديرة مدرسة خاصة في مدينة جدة، إلى أسلوب جديد لمعالجة ما أسمته تمرد واستهتار الطالبات، حيث قامت المديرة بفصل جماعي لمدة 3 أيام لطالبات الصف الأول الثانوي (ب) بالمدرسة، ما أثار غضب أولياء الأمور، واستغراب إدارة التربية والتعليم بجدة.

يأتي ذلك في وقت وصفت فيه مديرية تعليم جدة على لسان أحمد الحريري، مساعد مدير عام التربية والتعليم للبنات بمحافظة جدة، بأنها عقوبة «غير مناسبة» ولا تطبق إلا بعد استنفاد كافة الوسائل التربوية.

القرار الجديد على الساحة التعليمية في السعودية، زاد من غرابته أنه وصل إلى أولياء أمور الطالبات وأمهاتهن عن طريق رسالة جوال تصف سلوكاً جامحاً من قِبل الطالبات ـ كما تصفه الرسالة بالمضمون التالي: «قرار إداري: قررت لجنة الرعاية والسلوك بالنسبة للصف الأول الثانوي (فصل ب)، الفصل ثلاثة أيام كاملة ابتداءً من يوم الاثنين الموافق 29 ربيع الآخر، وذلك لعدة أمور هي: عدم الاهتمام واللامبالاة بالحصص والدروس، عدم الانضباط بقوانين المدرسة داخل الحصة، عدم الاجتهاد والمذاكرة، التطاول والكلام الكثير والمجادلة داخل الحصة مما يعيق إعطاء المعلمات دروسهن، عدم احترام المعلمات والإداريات، عدم الالتزام بمواعيد الاختبارات، الهروب الدائم من الحصص واللعب بلوحات الكهرباء ولوحات الإنذار، التأخير الصباحي عن الدوام الرسمي وكثرة الغياب، ملاحظة هامة: علماً بأن المدرسة حاولت جاهدة معالجة الأمور بكل الوسائل التربوية فردية وجماعية، ولكن لم تستجب الطالبات لذلك. الإدارة».

مديرة المدرسة، رجاء منير، دافعت في حديث لـ«الشرق الأوسط»، عن الفصل الجماعي باعتباره أسلوباً تربوياً مسموحاً به من قِبل إدارة التربية والتعليم، وموافقا عليه من قِبل الأهالي ضمن لائحة المدرسة التي يوقع عليها الأهالي عند تسجيل الطالبات، وتتضمن 50 شرطا من بينها التحذير من الفصل لمدة 3 أيام أو أسبوع أو الفصل النهائي إذا ما تجاوزت الطالبات الحدود المسموح بها. وتضيف «الفصل أحياناً يكون هو الحل الناجع، وفي حالة مثل حالة هذا الفصل الذي اجتمع بأكمله على الاستهتار ومقاطعة الحصص، وعدم احترام المعلمات، والعبث بلوحات الكهرباء، الأمر الذي يعرض حياة الطالبات أنفسهن للخطر، وأعتقد أن اعتذار الطالبات وتعهدهن بعدم معاودة الكرة في مكتبي اليوم مؤشر على نجاح هذا الأسلوب الذي وصلنا إليه بعد استنفاد كافة الطرق الأخرى».

أم أصيل، والدة إحدى الطالبات المفصولات، اعترضت على أسلوب العقاب الذي اتبعته المدرسة مع ابنتها، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «لا أصدق أن تقوم إدارة مدرسية بفصل طالبات صف دراسي كامل لمدة ثلاثة أيام، من دون تمييز بين المخطئة والمصيبة، وهكذا بمجرد إرسال رسائل هاتفية على الجوال للأهالي، برأيي لا يمكن أن يوصف هذا الأسلوب الذي اتبعته إدارة المدرسة بالتربوي أو المسؤول».

وتساءلت أم أصيل عن فحوى الرسالة التي يقدمها هذا التصرف للطالبات، اللاتي ظلمن ودفعن ثمن مشاغبة مجموعة أخرى من دون الالتفات إلى مستوى تحصيلهن الجيد ودأبهن والتزامهن. مستنكرة بشدة أن يتم التواصل مع الأهل حول موضوعات جادة مثل ما تضمنته لائحة الاتهام التي أرسلتها المدرسة برسالة جوال قد تصل وقد لا تصل وبعد أن يستفحل الأمر إلى هذا الحد.

مساعد مدير عام التربية والتعليم للبنات بمحافظة جدة، أحمد الحريري، من جانبه أكد بأن هناك لائحة خاصة بتنظيم السلوك داخل المدارس وهي تحتوي على بعض الإجراءات التأديبية التي تتبع في حال إخلال الطالبات بالنظام وبحسب ما تقتضيه كل حالة، وهي تتيح الفصل المؤقت كعقوبة ضمن العقوبات المتبعة للتقويم فعلاً.

إلا أنه يستدرك «لا أظن أن المعالجة بالفصل الجماعي خاصة في حالة مشابهة هي عقوبة مناسبة، وأعتقد بشكل عام أن اللجوء إلى الفصل لا يجب أن يتم إلا بعد استنفاد كافة الوسائل التربوية والعقلانية مع الطالبة داخل حرم المدرسة، فالمدرسة يجب أن تكون بيئة جاذبة لا طاردة تخطط الطالبات للحصول على عقوبة الفصل حتى لا يذهبن إليها، وأعتقد أن الوضع في هذه الحالة صعب جداً ويقتضي معالجة من خارج المدرسة، فليس بالضرورة أن يكون التقصير من قِبل الطالبات، ربما هن بحاجة إلى بيئة ملائمة مساعدة على الإبداع ولم تتيسر لهن ببساطة، وسنقوم بتدخل سريع مع مطلع الأسبوع المقبل للمساعدة على حل المشكلة عن طريق مشرفات تربويات يقفن على حقيقة الوضع ويقدمن الإرشاد المطلوب للإدارة وللطالبات، وهو بالمناسبة دور تلعبه إدارة التربية والتعليم مع بقية المدارس الخاصة والحكومية».