مدير عام السجون: سنمنح السجناء المنضبطين إجازة مشروطة.. وفتح باب التعليم عن بعد قريبا

اللواء الحارثي أكد لـ«الشرق الأوسط» ان السعودية تتجه لإلغاء صحيفة السوابق عن السجناء المعفو عنهم

عدد من السجناء السعوديين في ورشة تدريبية عن تصليح السيارات (تصوير: فواز المطيري)
TT

كشف اللواء الدكتور علي الحارثي مدير عام السجون في السعودية عن عزم إدارته إلغاء صحيفة السوابق للسجناء المعفو عنهم، مؤكدا أن استمرار العمل بهذه الصحيفة نتج عنه أضرار اجتماعية واقتصادية ونفسية للسجناء المعفو عنهم، مؤكدا انه تمت مخاطبة الجهات الرسمية لإلغاء العمل بها.

وأوضح مدير عام السجون في حوار مع «الشرق الأوسط» أن المديرية العامة للسجون بدأت العمل بنظام مستحدث للسجن والتوقيف يطبق على جميع السجناء، مثل منح السجين حسن السيرة والسلوك إجازة لمدة 24 ساعة في الشهر خارج السجن، بالإضافة للمادة رقم 25 والتي تنص على إعفائه من ربع المدة المحكوم بها، مؤكدا أن أعداد السجناء في ارتفاع تصاعدي توافقاً مع التزايد السكاني المطرد، بالرغم من انه لا يوجد عدد ثابت للسجناء بحكم إجراءات العفو السنوي وغيره من المزايا التي يتمتع بها السجناء المثاليون كالعفو نتيجة حفظ القرآن الكريم والعفو عن ربع المدة لمن يثبت حسن سيرته وسلوكه أثناء قضاء محكوميته.

وأشار اللواء الحارثي إلى أن أبرز القضايا المنتشرة في السعودية تعتبر قضايا المخدرات والسرقات والأخلاقيات هي الأكثر انتشاراً من حيث أعداد السجناء، موضحا أن إقرار «بدائل عقوبة السجن» من الحلول غير التقليدية التي تخفف أعداد السجناء.

وأكد أن التنسيق يجري حالياً مع الجهات المختصة لكي يتمكن السجناء من مواصلة تعليمهم الجامعي عن بعد، باستخدام شبكة «الانترنت»، فيما بلغ عدد السجناء الراغبين في مواصلة تعليمهم عن طريق التعليم الجامعي عن بعد 567 طالباً، مشيرا إلى أن 3 جامعات بدأت باستقبال السجناء لاستكمال دراستهم العليا. فإلى نص الحوار...

* زار فريق من الأمم المتحدة بعض السجون السعودية وكان لديهم تصور ذهني مسبق بسلبية العمل في السجون وقلة كفاءاتها وسوء التعامل مع السجناء، فكيف خرجوا بتصور مغاير؟

ـ دأبت وسائل الإعلام الغربية في السنوات الأخيرة الماضية على الإساءة للمملكة العربية السعودية على مختلف الصعد لما تمثله من ثقل إسلامي وسياسي كبيرين، ولم تكن السجون في مأمن من هذه الإساءات المتكررة، والتي كان يقصد بها في الدرجة الأولى الاستهانة بالعقوبات المطبقة بحق المخالفين للأنظمة والقوانين، والتي نستمدها من شريعتنا الإسلامية العادلة والمنصفة، وعندما سمح لوفد الأمم المتحدة بالاطلاع عن كثب على بعض السجون والتي تم اختيارها من قبلهم شخصياً صدموا بالتناقض الفاضح بين ما يتم تداوله في وسائل الإعلام الغربية وبين الواقع المطبق، الذي تكرر أنه نتاج طبيعي للتطبيق الحرفي للنهج الإسلامي العادل، والاهتمام الدائم من قبل الدولة في تلمس احتياجات المواطن والسجين الذي هو بأمس الحاجة للعطف والرعاية.

* دائماً تتحدثون عن بدائل السجون، ماذا تقصدون تحديداً بهذا المصطلح؟ ومتى يبدأ تنفيذها؟

ـ تعرف بدائل السجون بأنها مجموعة من التدابير المجتمعية التي تحل محل العقوبة السالبة للحرية، وكما هو معلوم أن مجال التعزير واسع في الشريعة الإسلامية، ولا تمانع الشريعة من استحداث أي عقوبات إذا كانت تكفل تحقيق المصالح وتساهم في درء المفاسد، وقد حرصت المديرية العامة للسجون على التأكيد على هذا التشريع الإسلامي السمح، وعمدت إلى مناقشته علمياً من خلال ندوتي الإصلاح والتأهيل الأولى والثانية اللتين عقدت أخيراً وتم تخصيص جزء كبير من هاتين الندوتين لمناقشة هذا الموضوع المهم إيماناً منا بالآثار الإيجابية التي تنعكس على تطبيقه سواء للمجتمع أو للسجناء، كما أن المجلس الأعلى للسجون أقر في توصياته الأخذ ببدائل عقوبة السجن المالية والبدنية والاجتماعية المقيدة للحرية وغيرها من البدائل التي يمكن الأخذ بها ونحن الآن في طور تفعيل هذه التوصيات بما يحقق الصالح العام، والحمد لله أن أصحاب الفضيلة القضاة بادروا بالتوسع في استخدام هذا النهج.

* ما الامتيازات التي تكافئون بها السجين المثالي؟ وهل تعملون بمبدأ الثواب والعقاب؟

ـ المزايا الإضافية المقدمة للسجين المثالي كثيرة ومتجددة وأهمها نقله إلى عنبر مثالي تتوفر فيه كابينة اتصال، كما نقوم بمنح حوافز معنوية كالزيارة الخاصة ونحوها، وكذلك زيادة فترة التشميس، وزيادة فترة القراءة في مكتبة السجن، وإقامة مسابقات وأمسيات ودروس، والسماح لهم بمشاهدة الأفلام الهادفة.أما بخصوص المعاملة بمبدأ الثواب والعقاب فإنه لدى المديرية العامة للسجون نظام مستحدث للسجن والتوقيف يطبق على جميع السجناء مثل منح السجين حسن السيرة والسلوك إجازة لمدة 24 ساعة في الشهر خارج السجن، بالإضافة للمادة رقم (25) والتي تنص على إعفائه من ربع المدة المحكوم عليه فيها، أما ما يخص العقاب فإن أنظمة السجن والتوقيف قد نصت على عقوبات محددة للسجناء الذين تصدر منهم مخالفات لأنظمة وتعليمات السجن تطبق على السجين بعد العرض على الحاكم الإداري وصدور التوجيه منه حيالها.

* كيف ترى مسألة الإعفاء السنوي من ولي الأمر للمعسرين؟ وهل تعتقد أن هناك من يلجأ إلى الاحتيال ودخول السجن بحجة الإعسار كونه يعلم أن هناك عفواً سينتظره؟

ـ الإعفاء السنوي بادرة طيبة كريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين وملك الإنسانية، والذي ندين له جميعاً بوقفاته الإنسانية الأبوية الحانية التي شمل بها الجميع، وتأتي هذه البادرة في سياق التوجه الإصلاحي الذي تتبناه الدولة تجاه السجون ونزلائها، أما بالنسبة لإجراءات العفو فإن اللجنة المعنية بذلك تعمل وفق ضوابط وأنظمة واضحة لا مجال فيها للخطأ حيث تتم مراجعة الأوراق الثبوتية الخاصة بالمعسرين بدقة مرات متكررة للتأكد من صحتها، ومدى أحقية المستفيدين من ذلك والتعليمات الخاصة بذلك تغلق باب الاحتيال في هذا الشأن.

* صحيفة السوابق هاجس كبير للسجناء والتي تمنعهم من بدء حياة جديدة؟ فاستمرار وجود السابقة يعني إغلاق باب العمل في وجهه مما قد يؤدي إلى دخوله للسجن مرة أخرى، ماذا عملتم بهذا الأمر؟

ـ نحن نتفق معكم وندرك حجم الضرر الاجتماعي والاقتصادي والنفسي الناجم عن استمرار العمل بصحيفة السوابق، حيث يعد ذلك وأداً لكل البرامج الإصلاحية التي نسعى إلى تفعيلها داخل السجون، وفي هذا الجانب تم مخاطبة الجهات الرسمية المعنية بذلك ونحن بصدد إلغائها لضمان وضع اجتماعي أفضل للسجين.

* بما أن المديرية العامة للسجون هي مرجع كافة السجون، فما الفائدة من المجلس الأعلى للسجون؟ وماذا قدم حتى الآن؟

ـ يهتم المجلس الأعلى للسجون برعاية شؤون السجناء ومتابعة أوضاع السجون ودعمها بالإمكانات والتجهيزات اللازمة لها، وإجراء الدراسات الخاصة بتطوير السجون على نحو يحقق الهدف منها ويجعلها أكثر فعالية في تقويم المحكوم عليهم، واقتراح وسائل مكافحة الجنوح والعودة إلى الجريمة وكل ما يحقق الصالح العام في هذا المجال. وقد اتخذ المجلس العديد من القرارات المهمة في اجتماعه الأول الذي عقد في رمضان 2007 منها الموافقة على الخطة التطويرية التشغيلية لتحسين أوضاع السجون، وإنشاء محاكم جزائية ضمن مباني السجون لسرعة البت في قضايا السجناء، والأخذ ببدائل عقوبة السجن، تحسين أوضاع الرعاية الصحية في السجون، ومشاركة القطاع الحكومي في رعاية السجناء ، ومشاركة القطاع الخاص في تشغيل السجناء من منطلق مسؤوليته الاجتماعية، ويتابع المجلس الخطوات التنفيذية لمضامين قراراته.

* تعاني بعض الأسر في السعودية من بعد بعض السجون عنها، والبعض منهم يأمل في إنشاء سجون في مدنهم الصغيرة والمتوسطة، بشأن موضوع الزيارات، فهل هنالك خطة لمشروعات جديدة؟

ـ تولي المديرية العامة للسجون هذا الجانب أهمية كبرى انطلاقا من دورها الإنساني والوظيفي الذي يستلزم مراعاة الظروف المختلفة لأسر السجناء ومحاولة تذليل الصعوبات التي تحول دون الالتقاء بأقاربهم من السجناء والسجينات وفي هذا الإطار خصصت المديرية العامة للسجون مشروعات جديدة تتلخص في ثلاثة أنواع: الأول الإصلاحيات بمختلف فئاتها (أ، ب، ج، د) وعددها (34) إصلاحية يجري تنفيذها حالياً حسب الأولوية من قبل مركز المشروعات التطويرية بوزارة الداخلية، وسوف تكون خاصة بالسجناء المحكومين، والنوع الثاني من السجون: هي مباني السجون الحالية والتي يجري تطويرها وتحسينها لتكون خاصة بالسجناء الموقوفين مستقبلاً في حالة اكتمال مشروعات الإصلاحيات، أما النوع الثالث من السجون: وهو عبارة عن نموذج وحدة سجن بمساحة (10.000م2) يجري دراسته حالياً من قبل المسؤولين بالمديرية ليكون بديلاً لمباني السجون المستأجرة مع امكانية تنفيذه في مدن يتم تحديدها من قبل المديرية حسب الحاجة والاعتمادات المالية المتوفرة.

* كم عدد السجناء في السعودية في آخر إحصائية؟ وما أبرز القضايا المنتشرة في السعودية؟ وما الحلول غير التقليدية التي تخفف الأعداد؟ وهل هذه الأعداد في ارتفاع أم انخفاض؟ ـ ليس هناك عدد ثابت للسجناء بحكم إجراءات العفو السنوي وغيره من المزايا التي يتمتع بها السجناء المثاليون كالعفو نتيجة حفظ القرآن الكريم والعفو عن ربع المدة لمن يثبت حسن سلوكه أثناء قضاء محكوميته. أما ما يتعلق بأبرز القضايا المنتشرة في السعودية فتعتبر قضايا المخدرات والسرقات والأخلاقيات هي الأكثر انتشاراً من حيث أعداد السجناء. ومن الحلول غير التقليدية التي تخفف أعداد السجناء إقرار بدائل عقوبة السجن، وتعتبر أعداد السجناء في ارتفاع تصاعدي توافقاً مع التزايد السكاني المطرد، ويمكن الاستفادة من مركز أبحاث مكافحة الجريمة بوزارة الداخلية لمعرفة مثل هذه المعلومات بدقة كونها الجهة المختصة بذلك.

* كم عدد الجامعات الحكومية والأهلية التي أبدت استعدادها لكي يستكمل السجناء دراستهم العليا؟ وما آلية تطبيق ذلك؟ وكم عدد الطلبات التي وردتكم من السجناء؟

ـ بمناسبة هذا السؤال ندين بجزيل الشكر للوقفات الإيجابية والتعاون المثمر الذي أبدته بعض الجامعات لاحتضان السجناء والموافقة على مواصلة دراستهم، إيماناً منهم بأهمية العلم والمعرفة في تطوير الإنسان والرقي به، أما الجامعات التي أبدت استعدادها لكي يستكمل السجناء دراستهم العليا فهي: جامعة الملك عبد العزيز وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية والجامعة العربية المفتوحة، أما ما يتعلق بآلية تطبيق ذلك فهو عن طريق الانتساب، حيث تم عقد دورات تأهيلية لعدد من السجناء وتم دفع الرسوم المقررة لهذه الدورات عن طريق المديرية العامة للسجون وجار التنسيق حالياً مع الجهات المختصة ليتم مواصلة السجناء تعليمهم الجامعي عن بعد عن طريق الانترنت، وحيث بلغ عدد السجناء الراغبين في مواصلة تعليمهم عن طريق التعليم الجامعي عن بعد (567) طالباً.

* كم يقدر حجم استثمارات القطاع الخاص في السجون السعودية؟ ومن هم أبرز الداعمين لذلك؟ وهل هناك مشروعات جديدة للعام الجاري 2008م؟

ـ يظل حجم استثمارات القطاع الخاص في السجون قليلاً جداً ولا يرقى إلى الطموحات المأمولة، وهذا ناتج عن عزوف رجال الأعمال عن إقامة المصانع والمشروعات داخل المرافق السجنية، وفي هذا الجانب نأمل من رجال الأعمال استشعار المسؤولية الاجتماعية المشتركة بيننا التي ينادي بها ولاة الأمر إيماناً منهم بأهمية مشاركة القطاع الخاص في دعم البرامج الاجتماعية، خاصة وأن المجلس الأعلى للسجون والذي عقد برعاية كريمة من لدن صاحب السمو الملكي وزير الداخلية أقر ضمن توصياته إشراك القطاع الخاص في الاستثمار داخل السجون ودعم عملية الرعاية والإصلاح للسجناء وإنشاء المصانع والورش وتقديم الحوافز المادية للسجناء، كما أننا في نفس الوقت نود أن نشيد بمبادرات بعض رجال الأعمال وتبنيهم لبعض المشروعات داخل السجون، ونضرب مثالاً على ذلك: مصنع شركة خالد الموسى والسريع لصناعة الأثاث الخشبي المنزلي بسجون المنطقة الشرقية، وكذلك عدة مصانع بسجون المدينة المنورة كمصنع زاف لإنتاج الكيك بأنواعه ومصنع الحديد والتنجيد لصناعة الكراسي الحديدية والتنجيد ومصنع الدقل لدباغة الجلود وصناعة الأحذية ومصنع النجارة لصناعة الأثاث المنزلي ومصنع الأميال لصناعة الأبواب الحديدية والشبابيك والنقش عليها.

* كم العدد الإجمالي للموظفات لديكم؟ وما طبيعة عملهن؟

ـ يقدر عدد الموظفات ما بين عسكريات ومدنيات في المديرية العامة للسجون بـ (758) موظفة، ونحن نعمل جاهدين على زيادة أعداد الموظفات بما يتناسب وحجم الأعمال الموكلة إليهم.

أما فيما يتعلق بطبيعة العمل الذي تزاوله العاملات داخل سجن النساء، فالموظفات يزاولن جميع التخصصات الإدارية والاجتماعية والنفسية والتوعوية والمالية وغيرها، مما يصب في خدمة السجينات ورعايتهن، أما الملاحظات من مدنيات وعسكريات فتتركز أعمالهن في الأمن داخل السجن والرقابة والتفتيش ومرافقة السجينات للمحاكم والشرط وهيئة التحقيق والادعاء العام والمستشفيات وخلافه.