د. النملة يعترض على وجود دور للأيتام والعجزة.. ويرفض وصفه بـ«العلمانية»

في احتفالية إثنينية الخوجة بوزير الشؤون الاجتماعية السابق

TT

يبدو أن الانتصار دائماً يكون حليف ما يحبه الإنسان ويميل إليه، هذا ما أظهره بوضوح طغيان الحديث عن الاستشراق ومدارسه المختلفة وتياراته على بقية الموضوعات في ليلة الاحتفاء بوزير الشؤون الاجتماعية السابق الدكتور علي بن إبراهيم النملة في الليلة الأخيرة من موسم ملتقى الاثنينية الثقافي الذي يقيمه رجل الأعمال عبد المقصود خوجة بدارته. واستحوذت موضوعات الاستشراق، والتنصير والحوار بين الغرب والشرق على معظم حديث النملة بحكم الدراسة المعمقة والتأليف في هذا المجال رغم اعترافه بجفاف ودقة الموضوع العلمي على حديثه، إلا أنها لم تنسه الحديث ولو بشكل مقتضب ومتقطع حول تجربته في وزارة الشؤون الاجتماعية، والتي اعتبر النملة أنها مسؤولية كبرى والموفق هو من يولي كافة القضايا الاجتماعية على اختلافها حقها من الاهتمام والرعاية، مشيراً إلى أن المجتمع السعودي يعيش تطورات كبرى متقاربة ومتسارعة تتطلب المزيد من التنبه والاهتمام للوضع الاجتماعي.

وفاجأ النملة الحضور برأيه المثير للاهتمام ونظرته الشخصية لقضايا الأيتام وكبار السن، حين اعتبر بأن ازدياد عدد دور الأيتام ورعاية كبار السن ظاهرة غير حضارية، والأجدى منها هو دمج هؤلاء الأيتام بالمجتمع عن طريق الأسر الحاضنة والبديلة، وإلزام الأبناء برعاية آبائهم العجزة والكبار بالسن في سياق رده على عدة أسئلة وجهت إليه من قبل الحضور حول دور العجزة وبرامج رعاية كبار السن.

إلا أن نصيب الأسد من الحديث كان يتمحور حول الهوية العربية والإسلامية، من خلال تساؤل يشغل بال النملة كثيراً، هو لماذا تشعر الأمة العربية والإسلامية بأنه يسهل التأثير فيها، ويصعب عليها التأثير في غيرها؟ مشيراً إلى ضرورة تجديد الخطاب الديني بما لا يتعارض مع الثوابت، وضرورة التخلص من الخطاب الذي تتبناه الأمة حالياً والذي يتسم بميل شديد إلى جلد الذات على حد وصف النملة، الذي استهجن هذا الخطاب المنتشر على مستويات مختلفة بدءاً بمنابر المساجد في خطب الجمعة وحتى منابر الصحف والوسائل الإعلامية، إضافة إلى النزعة السلبية واعتناق نظرية المؤامرة في كل شؤون الحياة الصغيرة والكبيرة كما يقول. وأمضى النملة الدقائق الخمس الأخيرة من كلمته التي ألقاها ارتجالاً على الحضور يوضح الجذر التاريخي والمعنى الملتبس لكلمات وأوصاف يساء استخدامها على نطاق واسع ومن دون مبررات حقيقية أو توظيف موفق، من قبيل «العلمانية» و«الليبرالية»، مستشهداً بوصفه «علماني» من قبل أحد الأشخاص إبان توليه لمنصب الوزارة فقط لأن الوزارة في حينها كانت تقوم بحملات مكثفة للقضاء على ظاهرة التسول.

النملة الذي أعلن أنه بصدد الانتهاء من 5 مجلدات سترى النور قريباً وتضاف إلى 5 أخرى سابقة من موسوعته حول الاستشراق، لم يخفِ على الحضور الذي ضم مثقفين وأكاديميين وسيدات وطلبة ومعلمين، ومستشرقين أو مهتمين بالاستشراق تقديره ومحبته للمدرسة الاستشراقية الألمانية وبعض اتجاهاتها بشكل خاص تلك التي لم تفسدها أهواء السياسة، واستشهد بعبارة «الشرق والغرب من صنع الله ولا بد أن يلتقيا» المقتبسة عن الفيلسوف الألماني نيتشه، ليشير إلى تفاؤله بشأن التواصل والتحاضر الإنساني مفجراً في الوقت نفسه مفاجأة بين الحضور تكمن في انكبابه حالياً على دراسة وجود المستشرقين في مكة المكرمة والمدينة المنورة والظروف والملابسات التاريخية المحيطة بهذا الوجود، آملاً في الوقت نفسه أن يتمكن من إيجاد مستشرقين في هاتين المدينتين المقدستين.

من جانب آخر حصد النملة ثناء وتقدير الحضور ونجوم الاثنينية الدائمين، عندما وصفه وزير الإعلام الأسبق، الدكتور محمد عبده يماني بأنه رجل مجتهد ومخلص خرج من كرسي الوزارة كريماً مرفوع الرأس أشفق عليه الناس بسبب كثرة مسؤولياته ونشاطه في متابعتها ولم يوجهوا إليه اللوم لتقصير في أدائها.