أرقام تكشف تدني دعم العمل البلدي.. تثير جدلا في لقاء المجالس البلدية

منصور بن متعب: استقلال الأمانات مالياً يجب ألا يكون على حساب «العدالة» في توزيع الخدمات

الأمير منصور بن متعب يتلقى درعاً تذكارية من أمين منطقة الرياض في اللقاء الأول للمجالس البلدية في العاصمة (تصوير: عبد الله عتيق).
TT

أثارت أرقام كُشف النقاب عنها أمس، في اللقاء الأول للمجالس البلدية بمنطقة الرياض الذي رعاه الأمير منصور بن متعب نائب وزير الشؤون البلدية والقروية، التي عكست تدني الدعم المقدم للعمل البلدي في العاصمة السعودية جدلا، الأمر الذي اضطر ممثل وزارة المالية الذي حضر اللقاء إلى التشكيك في صحة تلك الأرقام.

وأوضحت أرقام أوردتها ورقة عمل قدمها المهندس طارق القصبي نائب رئيس مجلس الرياض البلدي، ورئيس اللجنة المالية في المجلس، انخفاض الدعم المالي لأمانة منطقة الرياض قبل 4 سنوات، مقابل الميزانية التي حظيت بها قبل 29 عاما.

وأفصح القصبي أمام الحضور، عن أرقام تشير إلى انخفاض عدد موظفي أمانة منطقة الرياض في عام 2005، عما كانوا عليه قبل 25 عاما، وأن إجمالي ميزانية الأمانة انخفض إلى 1.2 مليار ريال، بعد أن كان 2.6 مليار، وهو ما أدى إلى انخفاض معدل الصرف على الفرد من 3 آلاف ريال، حتى 300 ريال في الوقت الحاضر. لكن سعد الحمدان، وكيل وزارة المالية للإيرادات، شكك في صحة هذه الأرقام. وقال «أعتقد أن هذه الأرقام غير صحيحة، وبما أنه تم عرضها، فلا بد من أن أوضح هذا الأمر».

وشخصت ورقة المهندس القصبي، واقع النظام البلدي الحالي، الذي قال انه لا يشجع مسؤولي الأمانة على تنمية الموارد الذاتية للمدينة، وذلك لاستقطاع جلها كإيرادات عامة.

ودار حديث واسع خلال هذا اللقاء، الذي بدأ منذ ساعات الصباح الأولى واستمر حتى بعد ظهر يوم أمس الأربعاء، حول الطرق المثلى لتحقيق الاستقلال المالي والإداري لأمانات المناطق والبلديات.

وأكد الأمير الدكتور منصور بن متعب نائب وزير الشؤون البلدية والقروية، أن الفلسفة الإدارية لمركزية عمل وزارته منذ 30 عاما، لم تكن تتوجه للاستقلال المالي والإداري. وقال ان الدعوة لتحقيق الاستقلال المالي والإداري كرؤية «ممكن تحقيقها تدريجيا». لكنه، رفض في الوقت نفسه، أن يأتي الاستقلال المالي والإداري لأمانات المناطق والبلديات «على حساب العدالة في توزيع الخدمات البلدية».

واشتكى عدد من المشاركين في لقاء المجالس البلدية، من أمناء مناطق ورؤساء مجالس، من ضعف الدعم المادي للأمانات، مطالبين بزيادة الميزانيات لها، حيث أجمعوا على ضرورة الاستفادة من الطفرة المالية الهائلة التي تمر بها البلاد.

ورد الأمير منصور بن متعب على هذا الطرح، بتأكيده أن الميزانية المرصودة لوزارة الشؤون البلدية، شهدت قفزة خلال الـ 3 سنوات الماضية، مشيرا إلى وجود فائض في الإيرادات خصصت منه مبالغ مجزية لقطاع البلديات. لكن الأمير الدكتور عبد العزيز بن عياف آل مقرن، أمين منطقة الرياض، يرى ضرورة الدعم المادي للأمانات. وقال «نحن نطالب بهذا الأمر». ورد على الدكتور طلال بكري عضو مجلس الشورى السعودي الذي هاجم أعضاء المجالس البلدية الذين لم يوفوا بوعودهم الانتخابية بقوله: أنا أمين منطقة ولدي رؤية تطويرية، ولكني أرى أن تحقيقها «حلم» في ظل ضعف الدعم المادي.

وفيما كان واضحا وجود مطالب قوية نحو تحصيل رسوم على الخدمات البلدية التي تقدمها أمانات المناطق، ذكر الأمير منصور بن متعب، أن هناك اختلافا في الرأي حول هذا الموضوع، وليس هناك إجماع حوله حتى الآن، وأنهم في صدد بلورة فكرة ما بهذا الخصوص.

وأيَد المجتمعون في اللقاء الأول للمجالس البلدية في منطقة الرياض في نهاية اجتماعاتهم، توجه وزارة الشؤون البلدية والقروية بتأسيس نظام المجالس البلدية ولوائحه لما يتفق مع تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال والتوصية بالأخذ باقتراحات المجالس البلدية لتأسيس النظام وعرض مسودة المشروع على المجالس البلدية. وتبنت التوصيات موضوع الإدارة المحلية لتتولى إدارة شؤون المدن، وعقد ورش عمل لهذا الغرض. وتحرك المجتمعون باتجاه الرفع لوزير الشؤون البلدية، بطلب تبني استصدار قرار سام يفعل المادة الأولى من نظام البلديات التي تنص على أن البلديات شخصية اعتبارية ذات استقلال مالي وإداري تمارس وظائفها الموكلة إليها بموجب النظام ولوائحه التنفيذية. ويهدف الطلب المزمع رفعه لوزير الشؤون البلدية، إلى توجيه وزارة المالية باعتماد ميزانيات البلديات تحت مسمى الإعانات الحكومية للبلديات، من دون تحديد لتفاصيل مصروفاتها المالية مع مراعاة حاجة كل مدينة بحسب تعدادها السكاني ومساحتها الجغرافية والأهداف التنموية لها، ودعم المجالس البلدية بالامكانات المادية والبشرية والصلاحيات التي تمكنها من القيام بواجباتها بما في ذلك عدم تقييد الرسوم والغرامات بمبلغ محدد لكونها تخدم المصلحة العامة وتوفر الإيرادات المجدية التي تمكن البلديات من إيجاد بيئة عمل تفي بالتزاماتها الخدمية للمواطن.

وتضمنت التوصيــــات تبني وتطوير موارد مالية مستقلة للبلديات مع المحافظة على ممتلكاتها واستثماراتها بأساليب تجارية تحقق عوائد مجدية تمكنها من تعريض قاعدة إيراداتها التي تساهم في تغطية تكاليف مشاريعها الخدمية للمواطنين، العمل على تطوير النظام المحاسبي للبلديات باستقلال تام عن الانظمة الحكومية يحقق مرونة وحماية كافية للايرادات والمصروفات والاستثمارات ويفعل الرقابة المالية، وتشكيل فريق عمل لمتابعة وتنفيذ هذه التوصيات.