معلمون يخرقون قرار التربية ويصورون الأسئلة في المكتبات العامة

تخوف المراقبون من إمكانية تسرب أسئلة الامتحانات خلال تصويرها

طلاب يؤدون اختبارات نهاية العام الدراسي في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

خرق مدرسون من الجنسين، قرار وزارة التربية والتعليم القاضي بعدم تصوير أوراق الاختبارات خارج حرم المدرسة، لأسباب رآها مدرسون بأنها موضوعية منها عدم وجود التجهيزات المكتبية داخل المدارس.

وفي ما يرافق اختبارات هذا العام حالة من الترقب الحذر من قِبل الطلاب وأسرهم بسبب عدم إلمامهم بالمقاييس الجديدة للاختبارات التي لم تعد مركزية، أفرز القرار عدة إشكالات بسبب تجاوزات للقرار لأسباب موضوعية كبّدت العديد من المدرسين خسائر مالية جراء اضطرارهم تصوير الأوراق من مالهم الخاص وخارج أسوار المدرسة.

يأتي ذلك في وقت يتخوف فيه مراقبون من تسرب أسئلة الامتحانات من خلال هذه المكتبات والعاملين فيها.

الى ذلك أوضح محمد أبو راس، مدير عام التربية والتعليم بمحافظة الطائف لـ«الشرق الأوسط»، أن الأسئلة لا تعد إلا داخل المدرسة، ولا تقبل إدارة التعليم أن يقوم بتحمل الأعباء المالية أي معلم أياً كان تخصصه، مبيناً أن جميع الأسئلة يجب أن تطبع وتصور في المدرسة وما على المعلم إلا تسليمها لمدير المدرسة.

وأضاف مدير تعليم الطائف أن جميع الأوراق قد وفرتها إدارة التعليم وفي حال نفادها من المدارس سيتم تزويدها من المستودعات المزودة بكل ما تحتاجه المدارس من آلات تصوير وصيانة لهذه الآلات، وقال «هذا ما حواه آخر اجتماع عقدناه مع مديري المدارس وأبلغنا الجميع أنه في حالة تعطل أي آلة تصوير فإن هناك فريقا للصيانة مجهزا ومستعدا لزيارة أي مدرسة وإصلاح هذه الآلات»، مؤكداً انه لا مجال للاجتهاد من قِبل مديري المدارس، وأردف «فالنظام واضح ولا ينبغي تحميل المعلم فوق ما يستطيع».

من جانبه، يوضح مسلم الهذلي، أحد المعلمين في الطائف، أنه قام بتصوير 300 ورقة مقاس A3 قيمة تصوير الورقة الواحدة بوجهيها ريال واحد، وأضاف أن تعنت مديري المدارس يستنزف جيوب المعلمين، متسائلا ً«أين ذهبت عائدات المقاصف المدرسية؟، وعلى مديري المدارس تقديم كشوفات مالية موثقة لإدارات التعليم كي نستوضح قيمة المصروفات بشكل كامل».

ويستمر أكثر من خمسة ملايين طالب وطالبة في أداء الاختبارات النهائية في ظل محاولات دؤوبة للبحث عن الملخصات نتيجة إلغاء مركزية الاختبارات، لكن (فوبيا الاختبارات) قد تلاحق الطلاب والطالبات جراء إلزام وزارة التربية والتعليم للمعلمين والمعلمات بضرورة اتباع المواصفات والمقاييس في بناء الاختبارات.

ويقول الدكتور محمد كرم الله الحاج، الاختصاصي النفسي بجامعة الطائف، ان الأسر في السعودية تعيش حالة استنفار قصوى بسبب الاختبارات التي تجلب معها أجواء من الرهبة والخوف والترقب، وربما أجواء أخرى من الدموع والألم والبكاء، فالبيئة الكلية التي تحيط بالطالب المختبر، سواء في البيت أو المؤسسة التربوية التي يدرس بها، هي أقرب إلى البيئة الأمنية الشرطية من البيئة الأكاديمية التربوية، وقال «لعل أصل المشكلة نابع أساسا من منظومة من الفهم الخاطئ الذي تربينا عليه جميعا جيلا بعد جيل».

ويشير «جعلنا الاختبار الذي هو في الأصل وسيلة لتحقيق غاية، جعلناه غاية، فأصبح الهدف ليس العلم وبناء الشخصية العلمية للطالب، إنما الهدف هو الاختبار، فحولنا الوسائل إلى غايات، والغايات إلى وسائل، وهذا أخطر ما في العملية التربوية عندنا، شيء أقل ما يوصف به أنه انقلاب. أليس هذا كفيل بأن يجعل الاختبار (شبحا) و(بعبعا) مخيفا للكل؟.. هذا البعبع يجعل الكل يلهث، ثم ينزف من بعد ذلك، الطالب ينزف، الوالد ينزف، الوالدة والأسرة جميعا، المعلم ينزف، والمؤسسات التربوية كذلك ـ مدارس أو معاهد أو جامعات ـ والسبب في كل ذلك هو صورة (مضخمة مقلوبة) لواقع لا يشبه في حقيقته تلك الصورة على الإطلاق». وأوضح «ما زلنا في حاجة إلى عمل كبير وكثير، رغما عن كل ما بذل في مجال التخفيف من الأثر السالب للاختبارات، الذي جاء في صور كثيرة جيدة ومشرقة، مثل التقويم المستمر، وتعدد التكاليف الأكاديمية أثناء الفصل الدراسي الواحد، والواجبات اللااختبارية، وما رصد لها من درجات مقدرة، وما بذله التربويون من محاولة عكس الفهم الصحيح لصورة الاختبارات، رغما عن كل ذلك ما زال الطريق أمامنا طويلا لمعالجات أخرى كثيرة ومتعددة، خاصة أننا أمام حالة متوارثة من (انغلاق الفهم) نحو اتجاه واحد للاختبارات والنظر من ذات الزاوية السالبة».

وأكد أن الخطوات الأولى في ذلك والأهم على الإطلاق تقع على عاتق المعلمين، ثم أجهزة الإعلام، ولا بد أن يتبع ذلك تشريعات تربوية تبحث في كل البدائل الممكنة التي تعمل على تغيير كل أشكال العلاقات الجائرة أو الخاطئة في العمل الأكاديمي.