السعودية: خبراء يحذرون من توسع الجامعات في قبول مخرجات التعليم

دراسة توصي بتنويع مسارات قبول خريجي الثانوية العامة

TT

حذر خبراء سعوديون من توسع الجامعات في قبول مخرجات الثانوية العامة بشكل كبير، مطالبين بإيجاد مسارات وبرامج تدريبية في مجالات يحتاجها السوق السعودي كصناعة البتروكيماويات والنفط والمياه والبرامج الصحية والفنية.

وكشفت دارسة حديثة أن دول الخليج العربي من أعلى دول العالم من ناحية قبول خريجي الثانوية في الجامعات بنسبة 80 في المائة من إجمالي مخرجات التعليم العام، ورأت الدراسة ضرورة تغيير هذا النهج أسوة بدول العالم لتوفير كوادر مؤهلة في المجالات الأخرى كالبرامج التقنية والصحية والعسكرية.

وطالبت الدراسة دول المجلس بتغيير سياسات قبول خريجي الثانوية العامة وتوجيهها بما يحقق تنوعاً يخدم التنمية فيها أسوة بما هو متحقق في العديد من الدول المتقدمة، محذرة من التوسع في القبول المنحصر فقط في الجامعات تحسبا للانعكاسات السلبية على المستوى الأكاديمي لهذه الجامعات وعلى جودة مخرجاتها من الطلاب. ونصحت الدراسة العلمية المتخصصة في تنمية الموارد البشرية دول الخليج العربية بالتنويع في قبول خريجي الثانوية والتوجه لسوق العمل، وأهمية التنويع في قبول خريجي الثانوية العامة وتوزيعهم بنسب تتماشى مع المعايير العالمية وتسير في ركب التطور الذي يشهده سوق العمل وتواكبه من حيث الكفاءة والتأهيل.

وركزت تلك الدراسات التي كانت تبحث في أوضاع التعليم في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على أهمية تطوير ثقافة أفراد المجتمع وفكرهم، حيث لا يزالون يضعون الدراسة الجامعية هدفاً رئيسياً ووحيداً لخريج الثانوية العامة مع تغييب تام للبدائل المتاحة والمطلوبة لسوق العمل في هذه الدول الذي يشهد حضوراً مكثفاً للخبرات الأجنبية.

وأوردت الدراسة أرقاما وإحصاءات هي خلاصة عدد من البحوث الميدانية تبرز البون الشاسع الذي يفصل دول الخليج عن كثير من الدول المتقدمة في مجال التعامل مع مخرجات التعليم العام وكيفية استيعابها في مؤسسات التعليم العالي وقدمت لنماذج عالمية في هذا الشأن، حيث أوضحت أن نسبة الملتحقين في الجامعات الأميركية من خريجي الثانوية لا تتجاوز 45 في المائة في ما الغالبية تتجه نحو الكليات التقنية وكليات المجتمع وعلى العكس منها في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث نسبة الملتحقين في الجامعات 80 في المائة فيما تذهب الـ 20 في المائة المتبقية للكليات الأخرى (تقنية، صحية، عسكرية وبرامج تدريبية أخرى) كما أشارت الدراسة إلى بعض الدول الآسيوية التي تشهد تطوراً تنموياً سريعاً مثل كوريا الجنوبية حيث نسبة الملتحقين بالجامعات فيها 54 في المائة وفي سنغافورة 35 في المائة.

وتعليقا على نتائج الدراسة، أوضح أحمد الطويل مدير عام أكاديمية الفيصل العالمية، أن السعودية ودول الخليج تعتبر من الدول النامية، وثقافة التدريب جديدة عليها بشكل عام، وخلال السنوات الثلاث الأخيرة بدأ الحديث بكثافة عن التدريب وأهميته، مؤكدا أن الأسواق الخليجية لا تحتاج الى أن يكون جميع العاملين فيها من حملة الدرجة الجامعية، وأن هذا الأمر سيقلب المعادلة إذا استمر بهذا الشكل، مشيرا إلى أن أغلب دول العالم لديها معاهد تدريبية في تخصصات تحتاجها أسواقها، وعلى سبيل المثال فإن اليابان لديها الكثير من المعاهد التدريبية هدفها هو توفير الشباب المدرب للتخصصات التي تحتاجها المصانع في مجال السيارات والتكنولوجيا، وكذلك الكوادر.

ودعا الطويل إلى ضرورة مراجعة سياسات التعليم في السعودية ودول الخليج لتشجيع الاستثمار في المعاهد التدريبية المتخصصة كصناعة البتروكيماويات وصناعة النفط والمياه وغيرها من النشاطات الموجودة في الأسواق الخليجية، مؤكدا أن قبول جميع خريجي الثانوية في الجامعات فقط سيوجد أزمة وظيفية عند تخرجهم، حيث ان القطاع الحكومي في تلك الدول لا يستطيع قبولهم والقطاع الخاص لا يحتاجهم، مشيرا إلى أهمية مراعاة أن يكون إنشاء المعاهد التدريبية في تخصصات بمهن متوسطة يقبلها الشاب الخليجي.

من جانبه، أكد الدكتور علي بن دبكل العنزي عضو مجلس الشورى السعودي، أن هناك نقصا كبيرا في الكوادر الفنية والمهنية في السوق السعودي، وهناك حاجة كبيرة لجميع الدرجات العلمية، إلا أنه أكد ضرورة تغيير استراتيجية التعليم العام للتوافق مع استراتيجية التعليم العالي، مشيرا إلى أن الدول المتقدمة علميا وصناعيا لديها مسارات خلال المرحلة المتوسطة توضح قدرة الطالب على الدخول في المرحلة الثانوية ومن ثم الجامعة، أو الانخراط في البرامج الصناعية والتقنية والفنية والإدارية، بمعنى أن تحديد مستقبل الطالب يتم في التعليم العام، ويتم ذلك وفق خطط مدروسة لتوفير الكوادر المؤهلة وفق حاجة السوق.