قانوني سعودي ينهي شرحا مفصلا لأنظمة «حقوق المؤلف» ولوائح «المؤسسات الصحفية»

رصد «ملاحظات رئيسية» و«مفارقات لفظية» و«تعديات مهمة» و«تقييدات إضافية» و«وقفات نقدية»

TT

أنهى قانوني سعودي أخيرا، شرحا مفصلا لأنظمة مهمة تحفظ حق المؤلفين وتوضح قوانين المؤسسات الصحفية في خطوة عدها لإبراز أهمية الأنظمة ولوضع فقه قانوني واضح على بنودها وزيادة شرح على تفاصيلها للاستفادة منها من قِبل كافة المعنيين بتلك الأنظمة، في وقت رصد فيه العديد من الملاحظات الرئيسية والمفارقات اللفظية وبعض التعديات والتقييدات مع عدد من الوقفات النقدية على بعض اللوائح والبنود.

وأبلغ «الشرق الأوسط»، محمد بن براك الفوزان، صاحب مكتبة القانون والاقتصاد، إنه انتهى من طباعة شروحات معمقة لنظامين مهمين الأول نظام المؤسسات الصحفية، والآخر نظام حماية حقوق المؤلف، معتبرا هذين النظامين من أهم وأكثر ملفات الأنظمة في السعودية أهمية في الوقت الراهن.

وأشار الفوزان إلى أن نظام المؤسسات الصحفي حل بعد 39 عاما محل نظام المؤسسات الصحفية الأهلية السابق، مشيرا إلى أن النظام الحالي تناول بدقة بعض الشروط والمؤهلات الواجب توفرها ابتداء من طلب ترخيص الصحيفة أو المجلة إلى التعريف بالصحفي والمحرر والمراسل والمراسلين في الخارج وغيرها. وركز الباحث القانوني على العلاقة بين النظام ولائحته التنفيذية ومبدأ التدرج القانوني بينهما في ما تناولته أحكام النظام وعممها تجاه أحكام اللائحة المفسرة لهذا النظام، مبينا أن كتاب شرح نظام المؤسسات الصحفية وقع في 6 أبواب وفصول مختلفة غير متساوية لكل باب.

ولفت الفوزان إلى أن من الملاحظات الرئيسية التي تعرض لها الباحث بالتعليق والدراسة ما جاء في المادة الثالثة من أن مقدم طلب ترخيص الصحيفة يقدم من السعوديين وعبر عن ذلك وقال (شخصاً)، بينما جاءت اللائحة وحملت لفظ (مواطنا)، والعامل المشترك والمنطقي في اللفظين هو الشخص أو المواطن السعودي، الأمر الذي يعد بديهيا، لأن الصحيفة أحد الحقوق السياسية التي تنطوي على الحريات العامة. وذكر الفوزان بالقول: «مقدم الطلب (شخصا) كما في النظام، أم (مواطنا) كما جاء في اللائحة، فلا بد لكليهما التمتع بالجنسية السعودية، إلا أن الأمر الذي يثير الانتباه هو ما العلة في الاختلاف بين هذين اللفظين، فهذا التباين سوف يسفر عن نتائج بالغة في الخطورة، إذا ما عولنا على النظام، فإن الأشخاص هم أصحاب الحق في تقديم طلب الترخيص». وزاد الفوزان في استطراده: «أن الأشخاص في القانون إما طبيعيين وإما اعتباريين، والأخيرة على نوعين: أشخاص اعتبارية عامة وأشخاص اعتبارية خاصة، ولأن المطلق يرد على إطلاقه حتى يقيد ولما جاء النظام خالياً من أي قيد يستبعد غير الأشخاص ـ كما جاء في المادة الثالثة ـ من تقديم الطلب، بالتالي فيمكن تقديم الطلب من الأفراد والأشخاص الاعتباريين سواء بسواء». وضبط الباحث الفوزان تعدي أو تقييد اللائحة أحكام النظام بقوله: لو عولنا على نص اللائحة بشأن إجراءات الترخيص، لوجدناها في المادة الثالثة قد جاءت بلفظ (مواطنا)، والذي يوحي للوهلة الأولى بأن تقديم الطلب لا يكون إلا عن طريق الأشخاص، أو الشخوص الطبيعية فقط!، فكيف تقيد اللائحة مواد النظام»، موضحا أنه حتى تحمل الأحكام على صحتها فيمكن أن تفسّر قصد اللائحة في إتيانها بلفظ (مواطنا)، أنها قصدت ضرورة التمتع بالجنسية السعودية، وإلا لضيقت اللائحة من مواد النظام وهذا ليس من عملها. وبين الفوزان أن ما يلفت النظر في النظام مؤهلات المؤسسين وأعمارهم، حيث إن نص المادة السادسة من نظام المؤسسات الصحفية يظهر أنها نظمت شرط المؤهل في بند (ج)، حيث جاء فيه: «أن يكون حاصلاً على مؤهل جامعي على الأقل، أو أن يكون من رجال العلم والفكر والإعلام، أو من رجال الأعمال المهتمين بالثقافة...»، لافتا إلى أن النظام أجاز ألا يكون طالب الترخيص حاصلاً على المؤهل الجامعي، لكن من رجال العلم والفكر والإعلام فيجتاز بذلك شرط المؤهل ولو لم يكن جامعيا، طالما كان من رجال الفكر والإعلام، أو كان من رجال الأعمال المهتمين بالثقافة.

وأفاد الفوزان أن هنا وقفة حول هذا المعيار كأحد شروط اجتياز طالب الترخيص لشرط المؤهل، فيكتفي النظام بأن يكون طالب الترخيص من رجال العلم والفكر والإعلام طالما لم يحز مؤهلا جامعيا ولا يتطرق إلى رجال الأعمال حتى ولو كان مهتماً بالثقافة، لأن المؤسسة الصحفية حينئذ سوف تكون إدارة لرجال الأعمال يسيرونها تبعاً لمصالحهم وأعمالهم. وأضاف الفوزان أن الكتاب مليء بالنقد والنقد الموضوعي الذي يمكن أن يؤسس لثقافة الاطلاع والرد والتدقيق بغية الوصول إلى تشريعات في المستقبل تناسب المتغيرات التي حتماً ستحدث إذا ما استمرت وتيرة وعجلة العلوم والتقنية الحديثة على منوالها الحالي. أمام ذلك، رصد الفوزان في كتابه الذي شرح فيه نظام حماية حقوق المؤلف الذي اعتبر أنه يمس أبرز أنواع الملكية غير الملموسة كالأفكار والمعاني والأمور المعنوية الأخرى التي يجب حمايتها لما لها من انعكاس ايجابي على حياة الأفراد.

ولفت الفوزان إلى اهتمام السعودية بحماية حقوق الملكية الفكرية والملكية الصناعية، لأنها طرف في كثير من المعاهدات والاتفاقيات والقرارات من أهمها في وقت قريب اتفاق جوانب حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة العالمية (اتفاق التربس) ومعاهدة «الويبو».

ولاحظ الباحث القانوني على النظام ولائحته التنفيذية بعض الملحوظات منها تشابه بعض نصوص النظام مع مواد الاتفاقية العربية لحماية حقوق المؤلف، مستغربا أن تقيد اللائحة ما جاء في هذه المادة الرابعة من النظام، بقوله: «إن اللائحة قيدت تداول بعض المصنفات بضرورة الحصول على موافقات رسمية، وهذا انصب على أنواع منها تأبى طبيعتها هذا القيد.

وفي نقده لبعض نصوص النظام واللائحة، تطرق المؤلف لمبدأ التدرج التشريعي بالإشارة إلى أن التشريع الأدنى لا يجوز أن يخالف تشريعا أعلى، فالتشريع الفرعي (اللوائح)، ينبغي ألا يكون مخالفا للتشريع العادي أو التشريع الأساسي، مفيدا أنه من هنا إذا تعارض تشريعان من درجة متفاوتة وجب تغليب التشريع الأعلى وإغفال التشريع الأدنى، كذلك أنه إذا خالفت اللائحة التنفيذية لنصوص النظام بعد أن تجاوزت حدودها من مجرد تنفيذ للنظام إلى نظام آخر بجانبه، فهي ليست لائحة تنفيذية في هذه الحالة بل لنظام ثان، وهذا أمر غير مقبول ولا يجوز.

كذلك تطرق الباحث إلى «الاستثناءات» التي وردت في النظام والتي تضمنت 12 بندا، موضحا أنها هدمت الحماية الواردة في هذا النظام ويسرت طريقا للاعتداء من دون ثمة عقاب فكل بند من هذه البنود، وإن كان ينطوي على استثناء واحد، إلا أنه يحتوي على العديد من وجوه التعرض للمصنف من دون حساب أو رقابة.